* تأملات في كتاب رسالة يوحنا الرسول الأولى: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
(1) الطهارة (ع 1-9)
(2) المحبة (ع 10-17)
(3) تنفيذ الوصية (ع 18-24)
1 اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. 2 أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. 3 وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. 4 كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ، يَفْعَلُ التَّعَدِّىَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّى. 5 وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. 6 كُلُّ مَنْ يَثْبُتُ فِيهِ لاَ يُخْطِئُ. كُلُّ مَنْ يُخْطِئُ لَمْ يُبْصِرْهُ وَلاَ عَرَفَهُ.
7 أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. 8 مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. 9 كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ.
ع1:
يعرفنا : أي يقبل تصرفاتنا.يعرفه : أي يؤمن به.
يفتخر الرسول بنعمة الله التي وهبتنا البنوة له، فهي محبة وتنازل عظيم منه أن يدعونا أبناءه، وهذه البنوة تعني أمورًا كثيرة، فهي تعطينا الحق في الإقتراب إليه وعشرته وحمايته لنا...بل وأكثر من هذا الوجود الدائم معه في الأبدية. وعدم قبول العالم الشرير لسلوكنا النقى ليس غريبًا لأنه لم يؤمن بالله أبينا وبالتالي لا يعرف أو يقبل أبناءه.
ع2: يرتفع ق. يوحنا ببركات البنوة التي نتمتع بها هنا على الأرض جزئيًا إلى مستوى لا نستطيع إدراكه من العظمة والسمو وهو بنوتنا وعشرتنا لله في الأبدية. ولكن يقرِّر هنا حقيقة هامة عن الأبدية وهي أننا ما دمنا أولاده سنكون مثله في النورانية، أي يعطينا بأبوته أن نحيا على مستوى عالٍ في الروحانية والمجد والبهاء قدر ما نحتمل، وهو غير محدود ويعطينا ما يناسبنا بحسب محدوديتنا.
ع3: من آثار إيماننا وتمسكنا ببنوتنا لله أن نرفض الخطية ونحيا في طهارة مثل أبينا السماوي الطاهر القدوس.
ع4: سبب رفضنا للخطية وتمسكنا بحياة الطهارة هو أن الخطية تعدٍ على وصايا الله، ولأننا أولاده فبنوتنا له لا يمكن أن تتفق مع التعدى على الله وكلامه، فلذا نرفض أي خطية ونتباعد عنها كلما تذكرنا أننا أولاد الله.
ع5: يؤكد هنا أن المسيح الذي ظهر في الجسد لكي يرفع خطايانا بموته عنا هو طاهر أي بلا خطية، ولأننا أولاده فنحيا في طهارة.
ع6: الثبات في بنوتنا لله تجعلنا نتنافر مع الخطية لأنها ضد كلامه، ولأننا نحبه فلا نقبل ما يغضبه ولا يمكن أن نعصاه. أما من يقبل الخطية فهذا معناه تنازله عن بنوته لله وعدم ثباته فيه، ومن يتمادى في الخطية يدلِّل على أنه لم يعرف الله لأنه كيف يكون متمتعًا ببنوة الله ثم يقبل التنازل عنها بسهولة ليخطئ.
ع7: يقرِّر هنا أيضًا أن صنع البر هو نعمة معطاة لأبناء الله لأن الله أباهم بار، فبنوتهم له تدفعهم بالطبيعة إلى فعل البر.
ع8: من ناحية أخرى، فالخطية والتعدى على الله مبدأها إبليس ومن يفعلها يعلن بنوته له. وقد تجسد المسيح ليعيد البشر إلى بنوته ويجتذبهم من يد إبليس فيحيون في البر.
ع9: إذًا فالمولود من الله يحيا في البر وبنوته تجعله يتنافر مع الخطية، لأن الطبيعة الجديدة التي وهبها الله له بالمعمودية وزرعها فيه تجعله ميّالا للتشبه بالله والثبات في بنوته وتبعده عن الخطية بل لا يتحمَّل الوجود فيها.
هذه الآية قد تبدو مختلفة عن (ص1: 8) التي تقرر أننا خطاة، ولكن المقصود أننا إن ثبتنا في بنوتنا لله نتنافر مع الخطية ولكن لضعفنا نسقط بإرادتنا فيها، أما محبة الله فتقبلنا ثانيةً بالتوبة فنستعيد بنوتنا فيه.
† تذكَّر بنوتك لله في بداية كل يوم لتجذبك نحوه بالصلاة والميل لعمل الخير وتضع حاجزًا بينك وبين الخطية مهما بدت لذيذة أو مغرية.
10 بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ. 11 لأَنَّ هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، 12 لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ.
13 لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِى إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. 14 نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ. 15 كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ، لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. 16 بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. 17 وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟
ع10:
يعطى الرسول علامتين لأولاد الله يميزانهم عن أولاد إبليس وهما:البر، أي النقاوة والطهارة والحياة الصالحة التي تحدثنا عنها بالتفصيل كثمرة لبنوتنا لله (ع1-9).
محبة الإخوة كدليل على محبتنا لله وبنوتنا له.
ع11: الخبر الذي سمعتموه من البدء: الوصية في العهد القديم "تحب قريبك كنفسك" (لا19: 18) وأيضًا الكرازة بالإنجيل مضمونها المحبة كما أعلن المسيح نفس هذه الآية السابق ذكرها (مت22: 39).
فيؤكد ق. يوحنا أن محبة الإخوة هي دليل بنوتنا لله كما جاء في بشارة الإنجيل وأيضًا كما نادى العهد القديم.
ع12: الشرير : إبليس.
يعطى مثالا لعدم المحبة وهو قايين الذي قتل أخاه هابيل البار الذي صنع مشيئة الله بتقديم ذبيحة حيوانية كما تعلم من أبيه آدم فقبلها الله، ولم يتمثل قايين به بل اغتاظ منه وامتلأ قلبه شرًا فقتله ليتخلص منه. وبهذا يظهر أن قايين ابن للشيطان الشرير بكراهيته لأخيه.
ع13: العالم الشرير خاضع لأبيه الشيطان لذا يبغض أولاد الله المملوئين محبة لأن محبتهم تكشف شره.
ع14: الخطية وهي الأنانية والكراهية أجرتها الموت وبسببها حُكِمَ على أبوينا الأولين بالموت؛ ولكن عندما آمنا بالمسيح ونلنا الطبيعة الجديدة التي تقودنا لمحبة الآخرين عُتِقنا من الموت الأبدي ونلنا الحياة الجديدة في المسيح. أما من يصرّ على عدم محبة الآخرين فيبقى عليه حكم الموت الأبدي.
ع15: بداية خطية القتل هي الغضب ثم الكراهية، لذا فالبغضة تحمل نية القتل ومن يصرّ على كراهية الآخرين يحكم على نفسه بالهلاك وضياع أبديته مع المسيح.
ع16: أمامنا مثالا للمحبة الكاملة وهو المسيح الذي وضع نفسه من أجلنا ومات على الصليب، وإن آمنا بمحبته وفدائه نصنع مثله فنكون مستعدين أن نضحى حتى الموت من أجل محبتنا للآخرين.
ع17: من كان له معيشة العالم : من له أموال ومقتنيات تفيض عنه ويستطيع مساعدة الآخرين بها.
يعطى مثالا لمحبة الآخرين وهو إنسان له إمكانيات مادية تكفيه وتفيض ووضع الله أمامه شخصًا محتاجًا ورفض الإحساس به ومساعدته، فهذا يتنافى مع محبته لله لأنه إن كانت محبة الله ثابتة فيه لأحبَّ أخاه المحتاج وساعده.
† المحبة دليل بنوتك لله، فليتك تشعر باحتياجات من حولك وتساعدهم خاصة أن احتياجاتهم قد تكون لكلمات طيبة أو مشجعة أو إبتسامة أو إنصات باهتمام لمتاعبهم وهذه أمور لا تكلفك كثيرًا، فلماذا تغلق احشاءك عنهم خاصة وأن مراحم الله وإحساناته لا تفارقك؟
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
18 يَا أَوْلاَدِى، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ. 19 وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ، وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. 20 لأَنَّهُ، إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا، فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَىْءٍ.
21 أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. 22 وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ. 23 وَهَذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً. 24 وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا.
ع18:
يوجه نظرنا إلى صفة ثالثة بالإضافة للطهارة والمحبة وهي تنفيذ الوصية عمليًا، غير مكتفين بالإيمان والإقتناع النظرى، فالشياطين يؤمنون ويقشعرون (يع2: 19).
ع19: المحبة العملية تؤكد أننا أولاد الله أي أولاد الحق فبهذا تثبت قلوبنا أمامه ونحيا مطمئنين.
ع20: قلوبنا : ضمائرنا.
إن حاسبنا أنفسنا واكتشفنا ضعف محبتنا للآخرين، فالله فاحص القلوب والكلى يعرف كل ضعفاتنا ويقبل توبتنا ويساعدنا على الرجوع إليه ومحبة الآخرين.
ع21: لكن إن كانت ضمائرنا مستريحة لمحبتنا للآخرين، فهذا يعطينا طمأنينة وإيمان أن نطلب نعمة الله معنا لكي ننموا في هذه المحبة.
ع22: الله يفرح بطلبات أولاده الخاضعين لوصاياه والعاملين الخير، فيعطيهم بركات وقوة أكبر في نمو حياتهم الروحية وفي محبة وخدمة الآخرين.
ع23:
يلخص ق. يوحنا وصايا المسيح في أمرين:الإيمان بالمسيح وما ينتج عنه من حب له.
محبة الآخرين كما أوصانا المسيح كثيرًا كما في (يو13: 34).
ع24: بتنفيذ الوصية والسلوك بالمحبة العملية نحو الآخرين نثبت في الله ومحبته ويثبت عمل الله فينا. والدليل على ثبات الله فينا عمل الروح القدس الذي يهبنا ثماره مثل طول الأناة واللطف والمحبة لكل أحد .... (غل5: 22).
† ليت محبتك للآخرين تستمر حتى لو كنت مجهدًا أو تعانى من مشاكل ومهما زادت طلباتهم أو أساءوا إليك، فلا تمنع محبتك لهم أو تطفئ صوت الروح القدس داخلك الذي يدعوك لمساعدتهم.
← تفاسير أصحاحات يوحنا الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير يوحنا الأولى 4 |
قسم تفاسير
العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير يوحنا الأولى 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/john1/chapter-03.html
تقصير الرابط:
tak.la/d5p8f6y