St-Takla.org  >   articles  >   fr-seraphim-al-baramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي - تاريخ المقال: عشية الصوم الكبير - 10 مارس 2013

90- هلّموا لنجوع إلى الله

 

نجوع إلى الطعام فنكتشف جوعنا إلى الله. في كلّ لحظة نحن محاطون بمخاطر نسيان هذا الجوع المُقدّس؛ الجوع إلى النعمة الإلهيّة والحقّ الأزلي. وبينما نحن نتجنّب الطعام ننتظر اكتشاف حقيقتنا. الطعام كثيرًا ما يكون ملهاتنا للهروب من ذواتنا؛ فندخل في دائرة الأكل والشرب، ونستبدل احتياجات الروح بتسديد احتياجات الجسد، والروح مريضة سقيمة شاحبة ضامرة ونحن لا ندري لأنّنا في دائرة الجسد ندور دون توقّف.

في مستهل الصوم المُقدّس لا نغيّر أطعمة بقدر ما نوقف دائرة ما اعتدناه من أطعمة. نكسر عادات الأكل والشرب التي دأبنا عليها. وحينما نبدأ في كسر ما اعتدناه، نكسر حلقة الجمود الذي يقيّد الروح على اكتشاف ذاتها في المسيح. حينما نكسر دائرة ما اعتدناه نبدأ في تكوين عادات جديدة وسلوكيات جديدة لا كبديل من نفس النوع ولكن من نوعٍ آخر. فالإنسان الجديد يظهر من خلال عادات وممارسات حيّة تعبّر عمّا يجري في القلب من رؤية لله. إن بدّلنا عادات طعام بعادات طعام أخرى دخلنا في دائرة العادة من جديد، ولا يمكن أن نسمّى هذا صومًا! فالصوم يبدأ حينما نكسر حلقات الاعتياد ونبدأ في رحلة التعرّف على أصلنا الحقيقي ودعوتنا الحقيقيّة ونحن نُبعد من أمام الروح كلّ ما يعرقلها عن المسيرة من عادات خاطئة، والتي تبدأ غالبًا بالأكل والشرب.

ليس هذا الأمر سهلاً بالطبع لأنّ أقسى ما يمكن للإنسان أن يفعله هو تبديل ما اعتاده، لأنها أشبه بتكلّسات تتراكم يومًا بعد يوم على فترات زمنيّة طويلة لتكوّن كتلة صخريّة صلبة تحتاج للكثير من المعاول لتفتيتها!

ويمكن أيضًا أن تكون الصعوبة من محبّتنا لهذا النمط من الحياة الذي يشكّله الأكل والشرب بتلك الطريقة، وهنا المشكلة تكون في كسر نير اللّذة والرغبة التي تتمركز في ما أحبّه دون أن تمنح الإنسان الفرصة أن يحقّق وجوده الحقيقي في دائرة أخرى لم يعبر عليها من قبل؛ دائرة السباحة بالروح في وسط صمت الجسد، أو أنين الجسد، أو صرخات الجسد، وقتها نتعلّم كيف يمكن إخضاع الجسد بالروح في صلاة لا بتلبيّة رغباته كطفلٍ مدلّل.

نحن نحتاج أن نمتلك أنفسنا لنضعها في يد الروح. الصوم يساعدنا على إعادة السيطرة على ذواتنا لنملك حقّ الـ نعم والـ لا في مدينة قلبنا وإنساننا الداخلي.

وهنا لا نملك إلاّ أن نصلّي أن يساعدنا روح الله على مغادرة ذواتنا ونحن نعري أنفسنا من عادات الأكل والشرب التي كونّاها يومًا بعد يوم..

نصلّي أن يحلّ علينا روح الله ليعرّفنا سرّ اكتشاف الله في سكينة الصوم..

نتضرّع ألاّ ندخل ونخرج ولا يتغيّر في عالمنا سوى نوع الطعام..

نصرخ أنّا نريد أن نرى يسوع في هذا الصوم.. وفيه نسبح ونعلو ونرتفع إلى الثالوث ليحتضنّا وهناك نعاين معاينة أخرى ليست من الأرض.. ليتثبّت فينا الشوق إلى الحياة الأبديّة..

 

يا روح الله

هلمّ تعال وحلّ في قلوبنا في ليالي وأيام الصوم

علّمنا كيف نغسل لباس الحياة الجديدة

دشّنه لنا كلّ لحظة ليكون بلا عيب ولا دنس

لنلتقي الحمل الذي بلا عيب

وهناك نتوقّف عن الصوم حيث العريس

وهناك نفرح في النهار الذي لا يعقبه ظلام

والقيامة التي لا يتلوها موت

جوعنا أيها الثالوث لك ليل نهار..

نمّجدك أيّها الثالوث الأقدس. أمين..


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/come.html

تقصير الرابط:
tak.la/2t3kqga