حقًا إن الله نفذ (محبة الأعداء) على أعلي مستوي...
جاء الرب في ملء الزمان، حينما أظلمت الدنيا كلها، وصار الشيطان رئيسًا لهذا العالم (يو14: 30)، وانتشرت الوثنية، وكثرت الأديان، وتعددت الآلهة... ولم يعد للرب سوي بقية قليلة، قال عنها أشعياء النبي: "لولا أن رب الجنود أبقي لنا بقية صغيرة، لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة" (إش1: 9).
وجاء الرب ليخلص هذا العالم الضائع: يخلصه من الموت ومن الخطية.
وقف العالم أمام الله عاجزًا، يقول له: "الشر الذي لست أريده، إياه أفعل" "ليس ساكنًا في شيء صالح" "أن أفعل الحسني لست أجد" (رو7: 17-19). أنا محكوم على بالموت والهلاك. وليس غيرك مخلص (إش43: 11). هذا ما تقوله أفضل العناصر في العالم، فكم وكم الأشرار الذين يشربون الخطية كالماء، ولا يفكرون في خلاصهم!!
إن كان الذي يريد الخير لا يستطيعه، فكم بالأولي الذي لا يريده؟! إنه حقًا قد هلك...
لم يقل الكتاب عن المسيح إنه جاء يطلب من هو معرض للهلاك، وإنما من قد هلك... لأن "أجرة الخطية هي موت" (رو6: 23). الخطية في أعنف صورها "قد دخلت إلى العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع"... وهكذا "ملك الموت من آدم" (رو5: 12-14).
والرب في سمائه استمع إلى أنات القلوب وهي تقول:
قلب قد تغير: الله لم أعد أطلبه. والخير لم أعد أريده. والتوبة لا أبحث عنها ولا أفكر فيها، ولا أريدها. لماذا؟ لأن " النور جاء العالم. ولكن العالم أحب الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو3: 19). (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ومادام قد أحب الظلمة أكثر من النور، إذن فسوف لا يطلب النور ولا يسعى إليه!
هذا العالم الذي يحب الظلمة، جاء الرب ليخلصه من ظلمته.
"إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقلبه" (يو1: 11). وعدم قبولهم له معناه أنهم هلكوا. والرب قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك. رفضهم له لا يعني أنه هو يرفضهم. بل على العكس يسعى إليهم، لكي يخلصهم من هذا الرفض. لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقلبون " (1تي2: 4).
كذلك جاء يطلب الوثنين الذين يعبدون آلهة أخري غيره.
هم لا يعرفونه ولكنه يعرفهم ويعرف ضياعهم. وقد جاء لكي يطلبهم "النور أضاء في الظلمة. والظلمة لم تدركه" (يو1: 5) هم لا يدركونه ولكنه لم يتركهم لعدو لعدم إدراكهم له. إنما جاء ليعطيهم علم معرفته. وقد قال للآب عن كل هؤلاء الذين جاء ليخلصهم: "عرفهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم" (يو17: 26).
ما أكثر ما احتمل الرب لكي يخلص ما قد هلك.
لست أقصد فقط ما احتمله على الصليب. ولكني أقصد أيضًا ما أحتمله أثناء كرازته من الذين رفضوه، حتى من خاصته! التي لم تقبله... حقًا ما أعجب هذا: أن يأتي شخص ليخلصك، فترفضه وترفض خلاصه. ومع ذلك يصر على أن يخلصك!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/njb4yra