وأول شيء شاهدناه من تباشير هذا الصلح هو كثرة نزول الملائكة إلى الأرض.
في مجيء السيد المسيح وقبيل مجيئه ازداد ظهور الملائكة بشكل واضح ظهورات متوالية، فردية وجماعية، كسفراء للرب. وتهلل الملائكة بفرح عظيم، وأرادوا أن يشتركوا في هذا الحدث العجيب وهو تجسد الرب وميلاده فظهر ملاك يبشر زكريا بولادة يوحنا (لو1: 11)، وملاك يبشر العذراء بولادة السيد المسيح (لو1: 26)، وملاك ظهر ليوسف في حلم يخبره بحبل العذراء (مت1: 20). وملاك ظهر للرعاة يبشرهم بالميلاد الإلهي (لو2: 9). وملاك ظهر ليوسف في حلم وأمره أن يهرب بالطفل يسوع وأمه إلى مصر (مت2: 13). بالإضافة إلى هذا جمهور من الملائكة الذين ظهروا مسبحين الله وقائلين: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو12: 23، 14).
إن ظهور الملائكة بهذه الكثرة، يدل على أن العلاقات بدأت ترجع بين السماء والأرض، وتدل على فرح الملائكة بالخلاص المزمع، واشتراكهم مع الأرضيين في هذا الفرح.
وظهور الملائكة في فترة الميلاد كان مجرد طلائع للملائكة الذين ملأوا العهد الجديد... ملائكة كانوا يخدمون الرب على جبل التجربة (مر1: 13)، وملائكة القيامة الذين ظهروا للنسوة، ومثل الملاكين اللذين طمأنا الرسل وقت صعود الرب (أع1: 10)...
كان هؤلاء جميعًا طلائع نعرف بهم الملائكة غير المرئيين المحيطين بنا الآن، الذين قال عنهم القديس بولس الرسول: "أليس جميعهم أرواحًا خادمة، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب1: 14).
ولم تكتف السماء في صلحها مع الأرض بظهور الملائكة، بل امتدت إلى الأحلام المقدسة بما فيها من توجيه ومن إعلان.
اجتمع الأمران معًا بالنسبة ليوسف الصديق: ملاك ظهر له في حلم يخبره بالحبل المقدس (مت1: 20). (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وملاك ظهر له في حلم يأمره بالذهاب إلى مصر (متت2: 13). ثم بعد ذلك ظهر له ملاك في حلم في أرض مصر يأمره أن يرجع إلى بلده لأنه "قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي" (مت2: 20). ولما خاف أن يذهب إلى اليهودية بسبب أن أرخيلاوس كان يملك هناك، " أوحي إليه في حلم "أن ينصرف إلى نواحي الجليل، فذهب وسكن في الناصرة" (مت2: 22).
هؤلاء الملائكة الذين ظهروا ليوسف الصديق في الأحلام، يعطوننا فكرة عن سمو مكانة العذراء. فالعذراء ظهر لها الملائكة عيانًا في صحوها، رأتهم بعينيها وسمعتهم بأذنيها، أما يوسف الصديق فرأي وسمع في الأحلام. إن هذا يذكرنا بالفرق الكبير بين مركز موسي النبي ومركز هارون ومريم. اللذين وبخهما الرب عندما تقولا على موسي، فقال لهما: "إن كان منكم نبي للرب، فبالرؤيا استعلن له، في الحلم أكلمه. وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي. فمًا إلى فم وعيانًا أتكلم معه" (عد12: 6-8).
لقد كلم الملائكة يوسف الصديق عن طريق الأحلام. وهكذا حدث أيضًا مع المجوس، بعد أن رأوا الطفل يسوع، وقدموا له هداياهم "أوحى إليهم في حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس، فانصرفوا إلى كورتهم" (مت2: 12).
وحديث المجوس يذكرنا بظهورات مقدسة أخري صاحبت حديث الميلاد، ونقصد أولًا النجم الذي ظهر للمجوس، وأرشدهم إلى مكان المزود المقدس (مت2: 1-12). لم يكن ذلك النجم عاديًا -كما شرح القديس يوحنا ذهبي الفم- بل كان قوة إلهية أرشدتهم. ذلك أن مساره كان غير عادي من الشرق إلى الغرب، وكان يظهر حينًا، ويختفي حينًا آخر، ويقف حينًا ثالثًا. كذلك إرشاده لمكان المزود معناه أنه هبط من علوه هبوطًا يوضح المكان، وبخاصة لأن الكتاب يقول عنه أنه: "وقف حيث كان الصبي". هذا النجم كان ظهورًا مقدسًا ولم يكن نجمًا كباقي النجوم...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z9prfn9