لتكن مشيئتك يا رب، منفذة علي الأرض، كما هي منفذة من الملائكة وأرواح القديسين في السماء. ولتصبح هذه الأرض كأنها سماء، وسكانها كأنهم ملائكة، ولتصبح الحياة روحانية توافق مشيئة الله في السماء.. لها علي الأقل أربع صفات.
منفذة بكل دقة، وبلا جدال، وبسرعة وبلا إبطاء، وعلي الدوام.
فهل أنت هكذا تفعل بالنسبة لوصايا الله. وهل تنفذها علي الدوام بكل دقة.. أم تترك مشيئة الله حينًا.. وتنفذ مشيئتك الخاصة أو مشيئات الناس؟ وهل تنفذ أو تقبل مشيئة الله في إيمان وثقة.. كالملائكة.. أم تحتج وتتذمر.. أم تجادل، أم تؤجل؟ نذورك مثلًا وعشورك، هل تقدمها بلا إبطاء، أم تؤجل وتتأخر، ثم تساوي وتحاول أن تغير. والتوبة أيضًا، هل تنفذ مشيئة الله فيها بسرعة، أم تؤجل وتتراخى..؟ وهكذا في باقي وسائط النعمة.. إن مشيئة الله منفذة بكل دقة ليس في السماء فقط..
إنما مشيئة الله منفذة علي الأرض أيضًا بكل دقة من الطبيعة "باستثناء الإنسان".
كل القوانين التي وضعها الله للطبيعة تسير حسنًا بلا اختلال. لأن الطبيعة لا تفكر، وإنما تنفذ. أنظروا في قصة يونان النبي مثلًا: أمر الله البحر والأمواج بضرب السفينة ونفذ أمره الإلهي بكل سرعة ودقة. أمر حوتًا عظيمًا أن يبتلع يونان.. ففعل وأمره أن يلفظه سليمًا فلفظه.. أمر الشمس والرياح أن تضربا اليقطينة فيبست.. وأن تضربا يونان فذبل. الطبيعة في قصة يونان كانت منفذة تمامًا لمشيئة الله. أما الإنسان المتمتع بالحرية والتفكير.. فلم ينفذ. ليت يونان كان منفذًا لمشيئة الله، كما هي منفذة علي الأرض من الطبيعة وليس كما هي منفذة في السماء، إن كان لم يصل إلي ذلك المستوي.
عبارة "كما في السماء، كذلك علي الأرض" يمكن تطبيقها أيضًا علي الطلبتين السابقتين.
ويكون لها فيهما معني جميل. أي ليتقدس اسمك يا رب، كما هو مقدس في السماء، كذلك ليكن مقدسًا علي الأرض. وليأت ملكوتك علي الأرض. كما هو في السماء أيضًا، فتملك علي الأرض كما تملك في السماء تمامًا، لتكن الأرض سماء أو كالسماء في تقديس اسمك، وفي الخضوع لملكوتك، وفي تنفيذ مشيئتك.
ولتكن الكنيسة سماء لك.
كما أن السماء هي كرسي الله، لتكن الكنيسة كذلك مثل السماء تمامًا، وكما في السماء أنوار، والكنيسة كذلك مملوءة بالأنوار، بل هي نور العالم وكما في السماء ملائكة، خدام الكنيسة أيضًا هم ملائكتها، كما قيل عن ملائكة الكنائس السبع (رؤ2)، ويلبسون في الخدمة ثيابًا بيضاء كالملائكة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكما أن السماء نقية، هكذا " ببيتك ينبغي التقديس يا رب كل الأيام" (مز 94). وكما أن السماء مسكن الله، كذلك الكنيسة هي بيت الله. هي كأورشليم السمائية "مسكن الله مع الناس". تنظر إليها فتقول: كما في السماء، كذلك علي الأرض". الكنيسة هي المكان الذي يتقدس فيه اسمك، ويأتي فيه ملكوتك، وتنفذ فيه مشيئتك، كما في السماء. لذلك كان الخطاة يعزلون من الكنيسة خارج المجمع، لكي تبقي الكنيسة مجموعة من القديسين.. كالسماء..
ولكن لكي تصبح الكنيسة سماء، أعطنا يا رب خبزنا الروحي.
إن أعطيتنا هذا الخبز الروحي.. ستنمو أرواحنا وتقوي.. وتستطيع أن تنفذ مشيئتك.. كما في السماء كذلك علي الأرض. وإن نفذنا مشيئتك هكذا.. يكون قد أتي ملكوتك الروحي الذي نطلبه في صلواتنا. وإن أتي ملكوتك بهذه الطريقة.. فطبيعي أن اسمك سيتقدس علي الأرض بانتشار الإيمان والبر في هذا الملكوت الروحي.. إذن هذه الطلبات الأربع مترابطة تمامًا ببعضها البعض. كل واحدة منها توصل إلي الأخرى. وهذا لا يَتَأَتَّى إلا إذا كان المقصود بالخبز.. الخبز الروحي..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/a7q8s9x