ننتقل إلى نقطة أخرى في معالجة الكآبة وهي: القناعة أو التجرد.
فضيلة التجرد تقضي على الكآبة تمامًا... لأن الذي تخلص من جميع الرغبات والشهوات، على أي شيء سوف يكتئب؟... أنه لن يجد مطلقًا سببًا يدعو إلى الاكتئاب؟ ولهذا نسمع في كل قداس قول الكتاب:
"لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم.. العالم يمضي، وشهوته معه" (1يو2: 15، 17).
كل أمور العالم زائلة، بما في ذلك الكرامة، والصيت والغني والسلطة.. فإن ضاع من إنسان مؤمن شيء من هذا أو ما يشابهه، فلن يحزن بسببه أو يكتئب.. بل أن القديس بولس الرسول يقول:
"خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية" (في3: 8).
وطبيعي أن الذي يحسب كل شيء نفاية، لن يكتئب بفقدان شيء، وكما قال القديس اغسطينوس: [جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أني لا أخاف شيئًا ولا أشتهي شيئًا]..
فإن لم تكن عند الإنسان فضيلة التجرد فلتكن عنده على الأقل فضيلة القناعة.
فيكتفي بما هو فيه، ولا يطلب ما هو أكثر، أو ما هو أفضل، إلا في حدود ما يسمح له الله به...لا يرتئي فوق ما ينبغي.. بل يحيا" حسبما قسم الله له نصيبًا من الإيمان" (رو12: 3).
مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يكتئب بل يقول في رضي:
مادام الله المُحِب يرضي لي بهذا الوضع، فأنا أيضًا راض به..
وبهذا الشعور، لن يتخلص فقط من الكآبة، بل بالأكثر يصل إلى حياة الشكر..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/zy4d5d2