القلب القاسي -من جهة تعامله مع إله- يعيش في جو من اللامبالاة. كلمة الله لا تترك تأثيرها في قلبه. بل كما حدث مع أهل سادوم، لما كلمهم لوط وحذرهم من غضب الله "كان كمازح في أعين أصهاره" (تك19: 14).. كلمة الله بالنسبة إلى قلوب القساة مثل بذار وقع على صخر.
القاسي القلب، ليس فقط لا يتأثر بكلام الروح، بل قد يسخر ويتهكم، ويرفض السماع!
ويرفض المجال الذي تقال فيه كلمة الله وذلك إذا تقسي قلب إنسان من جهة الله، يبعد عن الكنيسة والاجتماعات، ويبعد عن الكتاب المقدس وعن الصلاة، وعن كل الممارسات الروحية. ولا تعود هذه الأمور تؤثر فيه كما كانت قبلًا..
تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل هو في قلبه..
قلبه قاس لا يتأثر بأي دافع روحي لا يتأثر بحنان الله، ولا بإنذاراته وعقوباته. ولا يتأثر بالحوادث ولا بالأحداث، لا بالمرض ولا بالموت أحبائه ولا تؤثر فيه صلاة ولا كلمة روحية. وإحسانات الله يقابلها بنكران للجميل أو ينسبها إلى أسباب بشرية وينطبق عليه قول الرب:
"بسطت يدي طول النهار إلى شعب معاند ومقاوم" (رو10: 21).
وهكذا فإن قساوة القلب تقود إلى العناد والمقاومة. وربما شخص مخطئ تشرح له خطأة لمدة ساعات طويلة، وكأنك لم تقل شيئًا هو مصر على موقفه، يرفض أن يعترف بالخطأ. القلب صخري لا يستجيب..
ما أصعب أن تتخلى النعمة عن مثل هذا الشخص، كما قال الرب: "فلسمتهم إلى قساوة قلوبهم، ليسلكوا في مؤامرات أنفسهم" (مز81: 12).
أو كما قيل: "أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا" (رو1: 28) لذلك أسلمهم الله إلى أهوان الهوان (رو1: 26).
وهكذا إذا استمرت قساوة القلب، تكون خطيرة جدًا، لأنها تقود إلى التخلي من جانب الله، والضياع من جهة الإنسان..
الإنسان الحساس دموعه قريبه. أما القاسي، فيندر أن تبتل عيناه.
مهما كانت الأسباب.. لأن الدموع دليل على رقة الشعور، والقاسي لا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس..
بل على العكس، تقوده قساوة القلب إلى الحدة وإلى الغضب.
فالقاسي تشتغل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتد، ويثور، ويهدد وينذر ولا يحتمل أن يمسه أحد بكلمة. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وفي نفس الوقت لا يراعي مشاعر الآخرين بجرح غيره بسهولة وفي لا مبالاة. ولا مانع من أن يهين غيره ولا يشتمه. ولا يتأثر من جهة وقع الألفاظ عليه..
وهنا يجمع القاسي القلب بين أمرين متناقصين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس ولا إحساس من جهة وقع معاملته على الآخرين.
فهو إذا وبخ غيره بحق أو بغير حق يكون كثير التوبيخ وعميقة. وإذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفة.
في قسوته لا يحتمل أحدًا، ويريد أن يحتمله الكل، فلا يثورون لثورته بل يتقبلونها في شعور بالاستحقاق لما ينالهم منه:
على كل، القسوة منفرة، ومن يستسلم لحروب القسوة، يخسر الناس ويفشل في حياته الاجتماعية...
لذلك احترسوا جميعًا من قساوة القلب" وكونوا لُطفاء بعضكم نحو بعض" (أف4: 32) وتذكروا أنه من ثمار الروح: "وداعة ولطف أناة" (غل5: 22).
ومن ثمارها أيضًا المحبة والسلام..
مادام الأمر هكذا، فلنعرف ما هي أسباب قساوة القلب لكي نتفاداها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/y79vdg8