الآية التي تقول: "طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا" (إنجيل يوحنا 20: 29).
† هذه العبارة قالها السيد المسيح لتوما الذي شك في قيامة المسيح وقال إن لم أضع أصبعى مكان الجروح لن أؤمن، ونص الآية هو: "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ" (إنجيل يوحنا 20: 25). وبالرغم من أنه آمن بعد أن وضع إصبعه مكان الجروح وقال ليسوع: "ربي وإلهي". ولكن إيمانه كان ضعيف، لأنه كان المفروض أن يؤمن دون أن يرى. وهذا هو الوضع السليم أن نؤمن دون أن نرى.
"قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»" (إنجيل يوحنا 20: 29).
††† وهناك أشياء كثيرة وضعها لنا الله، نؤمن بها دون أن نراها. والأمثلة كثيرة منها:
من منا يرى الروح؟ لا أحد. ولكننا كلنا نؤمن أن الإنسان له روح. وعندما يموت الإنسان، نقول عنه أن روحه صعدت. بينما أنت لم ترى الروح وهي صاعدة. ولا تعلم إلى أين ذهبت هذه الروح. ولكنك تؤمن أن الروح خرجت من الجسد.
مجرد أنك رأيت بعض الأعراض عرفت منها أن هذا الإنسان فاضت روحه. فلم يعد هناك حركة ولا تنفس ولا حرارة ولا نبض ولكن نقول عن هذه الأعراض أن الروح صعدت أو خرجت.
أي أننا نؤمن أن هناك روح والروح خرجت مع أننا لا نرى الروح ولا نرى خروجها ولا نعلم أين تذهب هذه الروح بعد خروجها من الجسد.
† أيضًا نحن نؤمن بالعقل. ونقول أن الإنسان عنده عقل. هذا العقل يظهر في التفكير وطريقة التفكير وفي الفهم وفي الاستنتاج. كل هذا خارج من العقل. لكن ما هو العقل؟ هل رأى أحدكم هذا العقل؟ لا نراه. لكننا نؤمن أن هناك عقل.
† أيضًا نحن نؤمن بالملائكة. ونؤمن بوجود الملائكة ورغم أننا لم نرى الملائكة. نؤمن أن هناك شاروبيم وسيرافيم ولم يرى أحد منا السيرافيم أو الشاروبيم. كما نؤمن بباقي صفوف الملائكة (الأرباب والعروش ورؤساء الملائكة). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكلنا نؤمن بالملاك ميخائيل ونعيد له في اليوم الثاني عشر من الشهر القبطي من كل شهر. ونطلب شفاعته. ولكننا لم نره.
† أي أننا نؤمن بأشياء لا نراها. الله أعطانا هذا الأمر.
ولكن عدم رؤيتنا لا تمنع إيماننا.
† لم يرى أحد منا الشياطين. ولكن نؤمن بوجود الشياطين. أي أننا نؤمن بما لم نره.
† الله أعطانا أن نؤمن بأشياء لا نراها. نؤمن بكل هذا وإن كنا لا نرى.
† نؤمن بالمعجزات وإن كنا لا نفهم كيف تحدث.
† أتذكر في أحد المرات منذ أكثر من 20 سنة دُعيت لاجتماع من كبار أساتذة الجامعة وكبار المثقفين. وكان الموضوع "معنى المعجزة" وقلت لهم الآتي:
"المعجزة هي الشيء الذي يعجز العقل عن تفسيره. هي ليست ضد العقل ولكن في مستوى يفوق العقل. لأن هناك أشياء نقبلها وإن كنا لا نفهمها. مثلما تكون في سيارتك وتأتيك مكالمة من أمريكا أو من أستراليا وتستقبلها. ولكنك لا تعرف كيف وصلت إليك هذه المكالمة وما هو التكنيك والطريقة التي يصل بها الصوت عبر القارات وعبر المحيطات. لكنك تصدق أن هناك مكالمة جاءت إليك من قارة أخرى".
† وهناك أشياء كثيرة لا نفهمها ولكن نقبلها. ومن الممكن أن يفهمها المتخصصون جدًا. ولكن ليس الكل متخصصين. هكذا المعجزات أيضًا.
† نحن جميعًا نؤمن بالنعمة والنعمة هي التي تعمل في الإنسان وتدفعه للتوبة والخدمة. ولكن ما هي النعمة؟ لا نعرف.
† بولس الرسول يقول: "بالنعمة أنا ما أنا وبدون النعمة أنا لا شيء" وقال: "أنا تعبت أكثر من جميع الرسل. ولكن لا أنا بل النعمة العاملة معي"، ونص الآية هو: "وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً، بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلكِنْ لاَ أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 10)
† أي أننا نؤمن بالنعمة وإن كنا لا ندري عن هذه النعمة أي شيء سوى أنها قوة من عند الله تساعد الإنسان.
† وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نرى النعمة إلا أننا نؤمن بها.
† "سر" أي "نعمة" معينة تأخذها بطريقة سرية أنت لا تراها.
† أسرار الكنيسة كلها، عبارة عن نعم أو مواهب توهب لنا لا نراها ولكن نؤمن بها. ومثال ذلك:
† نحن نؤمن أن في المعمودية يولد الإنسان ولادة جديدة. نحن لم نرى هذه الولادة. ولكن الإنسان يخرج من المعمودية وهو ابن للكنيسة وابن لله. كيف تم ذلك؟ لا نعلم. ولم نرى. لكننا نؤمن بذلك.
† أنت تؤمن أنك في المعمودية تولد من فوق. وتؤمن أنك في المعمودية تلبس البر الذي للمسيح. كما قال بولس الرسول في الرسالة إلى غلاطية:
"أما جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح." ونص الآية هو: "لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 3: 27). أي لبستم البر الذي في المسيح.
† أنت تؤمن أن المعمودية موت مع المسيح وقيامة معه. كيف تم هذا؟ أنت لم ترى. ولكنه سر لذلك سميت المعمودية سر من الأسرار.
† تؤمن أن في المعمودية تغفر الخطايا القديمة كلها. الخطية الأصلية وكل الخطايا السابقة للمعمودية. ولذلك نقول في قانون الإيمان "نؤمن بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا". كيف غُفِرَت الخطايا؟ أنت لم ترى ذلك. ولكن بالرغم من أنك لم ترى كل ذلك، إلا أنك تؤمن به.
† أنت تؤمن مثلًا أنك بسر الميرون تصبح مسكن للروح القدس والروح القدس يسكن فيك. كيف أصبحت هيكل للروح القدس والروح القدس ساكن فيك؟ شيء لم تره. لكن تؤمن به.
"طوبى لمن آمن دون أن يرى"..
† أنت تؤمن أن الكاهن عندما يقرأ لك التحليل، تغفر خطيئتك. لا ترى كيف تغفر خطيئتك. لكن تؤمن بهذا دون أن ترى الغفران.
† عندما يرسم قس وتوضع عليه اليد يأخذ سلطان لممارسة الأسرار وسلطان لغفران الخطايا. ومع ذلك هو لا يرى هذا السلطان ولكن يؤمن به. والناس تؤمن به.. فهناك أشياء كثيرة نحن نؤمن بها دون أن نراها.
† في الزواج وبصلاة الإكليل، يصبح الزوج والزوجة جسد واحد. والكتاب يقول: "ليسوا بعد إثنين بل واحد" ونص الآية هو: "وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ" (إنجيل مرقس 10: 8). كيف أصبحوا واحد؟ أنت لم ترى ذلك. لكن تؤمن به.
† إذن هناك الكثير من الأمور، نحن لا نراها ولكن نؤمن بها.
† نحن نقول ربنا موجود ونحن لا نرى الله. لكن نؤمن بوجود الله على الرغم أننا لم نره. "الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر" ونص الآية هو: "اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (إنجيل يوحنا 1: 18).
† فنحن في حياتنا كلها نؤمن أن هناك أشياء موجودة نحن لا نراها ولكن نؤمن بها وتنطبق علينا الآية: "طوبى لمن آمن دون أن يرى" Blessed are those who have not seen and yet have believed..
† في بعض الأوقات يسمح لنا الله أن نرى هذه الأشياء التي لا ترى إلا بعين الإيمان. كيف؟ سأعطيكم أمثلة:
† في أيام اليشع النبي أحاط الأعداء بالمدينة من كل ناحية. فكان تلميذه جحزي خائف جدًا، بينما اليشع النبي كان مطمئنًا لأنه كان يرى ما لم يره تلميذه. لذلك قال: "افتح يا رب عيني الغلام فيرى" وفتح الرب عين الغلام فوجد ملائكة كثيرين يحيطون بالمدينة ويطردوا الأعداء ونص الآية هو: "وَصَلَّى أَلِيشَعُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلًا وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ" (سفر الملوك الثاني 6: 17). ورأى أن: "الذين معنا أكثر من الذين علينا". هكذا قال. ونص الآية هو: "فَقَالَ: «لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ»" (سفر الملوك الثاني 6: 16).
† الملائكة لا نراهم، ولكن في رؤيا يوحنا الإنجيلي (يوحنا الرائي) نجده رأى السيد المسيح ويقول: "رفعت عيني فرأيت باب مفتوح في السماء" ورأى العرش الإلهي، ورأى القوات الملائكية الكثيرة المحيطة بالعرش، ونص الآيات هي: "بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ، وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَبُوق يَتَكَلَّمُ مَعِي قَائِلًا: «اصْعَدْ إِلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا» وَلِلْوَقْتِ صِرْتُ فِي الرُّوحِ، وَإِذَا عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ. وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ، وَقَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهُ الزُّمُرُّدِ. وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 4: 1). الله فتح عينيه لكي يرى، كل هذا موجود ولكننا لا نراه.
† السيدة العذراء في الظروف الطبيعية لا نراها. ولكن في وقت من الأوقات سمح الله أن تتجلى العذراء على قباب كنيسة العذراء في الزيتون. فرآها الناس كنور.
† إذًا الله أحيانًا يسمح لنا أن نرى الأشياء التي لا نراها. لكن يلزم لهذا الإيمان.
† بالإيمان ربنا يسمح للإنسان أن يرى ما لا يرى.
† وقت ظهور العذراء ناس كثيرين رأوها. بينما هناك آخرين لم يروها لأن ليس عندهم الإيمان.
† الإيمان يجعلك ترى بما لا يرى. وعدم الإيمان يجعل الشيء موجود وأنت لا تراه.
† لذلك عادة المعجزات تحدث للبسطاء. الذين يؤمنون بسرعة. أما الشخص الذي يدقق في التفكير ويريد أن يفسر كل شيء فلا يسمح الله أن يرى هذه الأمور.
† يجب أن تؤمن بما لا يرى. يجب أن تطبق في حياتك هذه الآية: "طوبى لمن آمن دون أن يرى".. فعندما تواجه مشكلة، يجب أن تؤمن أنك لست وحيدًا في المشكلة بل الله يقف بجانبك، ولو أنك لا تراه. إذا كنت في خطر، فيجب أن تؤمن أن هناك ملائكة كثيرين يحيطون بك ولو أنك لا تراهم.
† كون أنك لا ترى لا يمنع وجود ما لا يرى.
†عندما تجد الكنيسة في ضيقة تقول أنا أؤمن بالرب الذي يقول: "أبواب الجحيم لم تقوى عليها". ونص الآية هو: "وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (إنجيل متى 16: 18).
كما قال الله للشعب عند البحر الأحمر: أن "الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ»" (سفر الخروج 14: 14).
† أنت لا ترى الله وهو يقاتل عنك ولكن هذا لا يمنع أن الله يقاتل عنك سواء رأيت أم لا.
† الله يظلل عليك ويعتني بك، ويحفظك في دخولك وخروجك. وكونك لا تراه لا يمنع أنه يحفظك سواء كنت ترى أم لا ترى.
†عندما تخطئ الله يراك وأنت تخطئ. عندما تتكلم كلمة رديئة، الله يسمعك وأنت تتكلم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). هو يراك ويسمعك حتى إن كنت لا تراه. "طوبى لمن آمن دون أن يرى".
† طوبى لمن آمن بالله وهو لا يرى الله. طوبى لمن آمن بالمعجزات وهو لا يراها. طوبى لمن يؤمن بحفظ الله وبستر الله على الرغم من أنه لا يرى.
† عينيك ليست هي المقياس. الله روح وعينيك مادية لا ترى ولكن عندما تصبح عينيك روحانية سوف ترى.
"طوبى لمن آمن دون أن يرى"..
† نحن نصلي إليك يا الله أن تعطينا هذا الإيمان، الذي يرى يدك معنا في كل خطوة وكل عمل. وإن كنا لا نرى يدك يا الله ولكننا نؤمن أنها تسندنا. ونؤمن أنك تعمل. إن كنا لا نراك يا الله فذلك لأن نظرنا لا يعتد به. أنت يا الله تعمل معنا سواء رأينا هذا أم لم نرى..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/asymb4r