قد يَتَدَخَّل القديسون الأحياء بصلواتهم لإنقاذ نفس خاطئة، مثلما اجتمع قديسو برية شيهيت، ورفعوا صلوات من أجل القديسة بائيسة في سقطتها.
وقد يتدخل قديسو الكنيسة المنتصرة في السماء، فيشفعون إحدى النفوس لتستيقظ كما فعلت القديسة العذراء لما تشفعت في مريم القبطية فأيقظتها..
وقد يتدخل القديسون الأحباء تدخلًا عمليًّا لإيقاظ نفس وهدايتها:
ا- مثلما فعل القديس بيصاريون لإنقاذ القديسة تاييس:
ذهب إليها في مكان عارها، وحدثها عن الله والدينونة، فتخشعت من كلامه وارتعدت، وهو يقول لها (إن كانت هناك دينونة، فكيف تتسببين في هلاك هذا العدد الكبير من النفوس، لأنه من أجل هذه النفوس الكثيرة سيكون عقابك أكثر من مجرد عقابك على سقوطك).
ولفزع تاييس من جدية كلام القديس وتأثرها به، سقطت على الأرض وانفجرت باكية. وأمكن أن يقودها القديس إلى التوبة والخروج من أماكن الآثم، حيث قضت حياتها كقديسة.
ب- وقصتها تشبه قصة خاطئة أخرى أنقذها القديس سرابيون الكبير:
ذهب إليها القديس لكي يختطف نفسها من النار. ودخل مكان عارها. وظل يتلو مزاميره وفي نهاية كل مزمور، كان يصلي قائلًا (ارحم يا رب هذه المسكينة وردها إلى التوبة فتخلص). وكانت هذه الخاطئة تسمع صلواته، وهي واقفة إلى جواره ترتعد خوفا وخجلا. وأخيرا خرت على قدميه طالبة إليه أن يخلصها. فأرشدها إلى طريق الله، وأخرجها من بيت الخطية إلى بيت للعذارى حيث عاشت حياة توبة..
ج- ومن هذا النوع أيضًا قصة القديس يوحنا القصير، وسعيه لخلاص نفس القديسة بائيسة:
وهذه كانت قد بدأت حياتها بداية طيبة. كانت غنية جدًا، وكريمة جدًا، وطاهرة جدًا. وكانت تنفق أموالها على الغرباء والمساكين، وعلى الأديرة والكنائس. ومع ذلك استطاع الشيطان أن يضلها فانحرفت إلى الفساد وعاشت في أعماقه.
وسمع بأمرها الشيوخ القديسون في شيهيت، وأقاموا الصلوات لأجلها. ولم يكتفوا بالصلاة وحدها، بل أرسلوا إليها القديس يوحنا القصير لكي يختطف نفسها من الجحيم. فذهب إليها هذا القديس العظيم في مكان عارها، وهو يرتل قول المزمور (إن سرت في وادي ظل الموت فلا أخاف شرًا لأنك أنت معي).
نظر إليها القديس وقال لها (لماذا استهنت بالسيد المسيح بهذا المقدار..؟ كيف أضلك الشيطان حتى بعت المسيح بهذا الثمن الرخيص؟ وأحنى القديس رأسه وبكى بُكاءً مرًا.
وتأثرت بائيسة من توبيخه لها، وتأثرت من بكائه، واستيقظ ضميرها.. وقالت للقديس (هل لي توبة؟) فأجابها (نعم، ولكن ليس في هذا المكان) اقتنعت، وسلمت نفسها لهذا الذي أتى من أجل خلاص نفسها.
وخرجت التائبة بائيسة مع القديس إلى البرية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ولما أدركهما الليل، تركها تنام في ناحية، وانفرد في مكان آخر يصلي، ورأى في رؤيا نورًا عظيمًا يمتد بين السماء والأرض، والملائكة صاعدين بروح بائيسة، فذهب إلى حيث كانت فوجدها قد ماتت.. وسمع صوتا يقول (إن توبتها قد قبلت في ساعتها التي تابت فيها، أكثر من الذين قضوا سنين كثيرة في التوبة ولكن ليست بنفس الحرارة..
ورجع القديس يوحنا القصير إلى شيهيت، وأخبرا الآباء القديسين بتوبة بائيسة ونياحتها وقبول الله لها. وكتبت قصتها في سنكسار cuna[arion (يوم 2 مسرى).
وهكذا كان تدخل القديسين له عمقه في إيقاظ الخطاة.
وأنت يا أخي، لعل القديسين لهم دور في يقظة نفسك...
ربما في الأوقات التي تصحو فيها نفسك بعد غفوة معينة، يكون سبب ذلك صلوات قديسين قد رفعت من أجلك، فأرسل لك الله نعمة خاصة توقظك.
وهكذا لا يجوز لنا أن نيأس من خلاص الخطاة، لأن قديسين كثيرين يعملون لأجلهم ويذكرونهم أمام الله في السماء.
أما على الأرض، فتعلمنا هذه القصص أهمية الافتقاد..
كَمْ من نفس غافلة، تحتاج إلى افتقاد منك، من نوع زيارة القديس يوحنا القصير لبائيسة بنفس الجدية والعمق، وبنفس الروح والتأثير..
وكما تفعل زيارة القديسين في إيقاظ الخطاة، هكذا أيضًا تفعل الذكريات المقدسة في زيارتها للعقل والقلب وتأثيرها عليهما.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jdrzxd9