يحاول أخوتنا الكاثوليك إثبات عقيدة المطهر من قول السيد المسيح في العظة على الجبل في موضوع الصلح: "كن سريعًا في مراضاة خصمك، مادمت معه في الطريق، لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي. ويسلمك القاضي إلى الشرطي، فتلقى في السجن. الحق أقول لك لا تخرج من هناك حتى توفى الفلس الأخير" (متى5: 25، 26). فيقولون إن السجن هو المطهر، يلقى إن السجن هو المطهر، يلقى فيه الإنسان، ولا يخرج منه حتى يوفى كل ما عليه من عقوبات..
الرد:
1 – يمكن أخذ كلام الرب بطريقة حرفيه عن المعاملات مع الناس:
فهو كان يتكلم عن الصلح بين الناس. فقال "إن قدمت قربانك على المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، فاترك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك..." (متى5: 23، 24). ونحن نأخذ هذه الآيات بمعناها الحرفي عن الصلح... ثم يقول الرب بعدها مباشرة "كن مراضيًا لخصمك سريعًا...".
2 – ولكنها حتى لو أخذت بالمعنى المجازى، فلا علاقة لها بالمطهر:
القديس أوغسطينوس في تفسيره للعظة على الجبل، قال إن خصمك هو ضميرك، ويجب أن ترضى ضميرك سريعًا... وكل الآباء -الذين سلكوا طريقة التفسير المجازى- قالوا إن القاضي هو الله. والسجن هو جهنم. والشرطي هو الملاك الموكل بالهاوية وعبارة "حتى توفي الفِلس الأخير" هي تعبير يدل على الاستحالة، يوضع إلى جوارها "ولن توفي"... هنا ونقول:
3 – مستحيل على الإنسان أن يوفي العدل الإلهي، مهما قضى في السجن:
هذه قاعدة إيمانية. وبسببها تجسد الابن الكلمة، لكي يوفى عنها. ولذلك ناب عن البشرية في دفع ثمن الخطية ووفاء العدل الإلهي. وسواء كانت الخطية كبيرة أم صغيرة خشبة أم قذى (متى7: 3) بعوضة أم جمل (متى23: 24). فإنه ينطبق على النوعين قول الرب "وإذا لم يكن لهما ما يوفيان، سامحها جميعًا" (لو7: 42).
4 – القاضي هو الله الديان العادل. وقضاؤه يكون في يوم في يوم الدينونة الرهيب.
وحينئذ يكون الإلقاء في سجن، هو الإلقاء في جهنم، التي لا خروج منها إطلاقًا. وهنا يكون الخصم، هو العدالة الإلهية، أو هو وصايا الله. وهنا يقف أمامنا سؤال هام وهو:
5 – كيف يمكن للإنسان وهو في السجن أن يوفى؟!
إن كنت قد ظلمت إنسانًا، أو كنت في عداوة مع إنسان، كيف تصالحه وأتت في السجن؟! زكا استطاع ذلك وهو على الأرض، بقوله "ها أنا يا رب، أعطى نصف أموالى للمساكين. وإن كنت قد وشيت بأحد، أرد أربعة أضعاف" (لو19: 8). أما لو كان قد ذهب إلى (المطهر)، فكيف كان يمكنه أن يرد الربعة أضعاف؟!
6 – أم هل يظن أخوتنا الكاثوليك أن العذاب هو الذي يوفى؟!
وفي هذه الحالة تكون عقوبة جهنم قد حلت محلها عقوبة المطهر، ولو بطريقة جزئية، وتكون كفارة المسيح بلا معنى ولا هدف. ولا يمكن هناك كل فداء. لأن الفداء معناه أن نفسًا والعقوبة غير محدودة؟! إننا لا نستطيع أن نوفى العدل الإلهي، ولا في أقل خطية. مشكلة الأخوة الكاثوليك، أنهم يظنن أن عبارة " حتى يوفى الفلس الأخير " تعنى أنه يمكن الخروج من السجن بعد وفاء الفلس الأخير!!
7 – ولكن تعبير حتى توفى الفلس الأخير، يعنى الاستحالة، مثل أي سؤال تعجيزي لا يمكن الإجابة لا يمكن عليه. وسنضرب لهذا التعبير أمثلة:
أ – مثل قول العذارى الحكيمات للعذارى الجاهلات "اذهبن إلى الباعة وابتعن لكن" (متى25: 9). وكان من المستحيل أن يبتعن.
ب – ومثل قول القديس بولس الرسول "فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح، لأجل أخوتي أنسبائي حسب الجسد" (رو9: 3). وطبعًا مستحيل أن يكون محرومًا من المسيح ومستحيل أيضًا حرمانه من المسيح سببًا في خلاص أخوته وأنسبائه. ولكن تعبير تفهم منه الاستحالة.
ج – ومثال آخر وهو قول الرسول في إثبات القيامة "إن كان الموتى لا يقومون، فلماذا يعتمدون لأجل الأموات" (1كو15: 29). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وطبعًا لأنهم يؤمنون بالقيامة، وإن كان من الاستحالة أن تفيدهم هذه المعمودية! كما أن هؤلاء الذين يعتمدون لأجل موتاهم، سبق لهم أن تعمدوا. فمعموديتهم هنا مرتين، أمر غير جائز...
د – وهنا بالمثل يقول: حتى توفى الفلس الأخير، أقول لك من المستحيل لك من المستحيل أن توفى. فمن الخير لك التوبة وأنت في حياتك على الأرض، والصلح مع أخيك ههنا، قبل أن تلقى بسبب ذلك في السجن الذي لن تخرج منه...
معنى كلمة (حتى):
أ – عبارة حتى لا تعنى زمنًا محدودًا، ينتهي الأمر بعده. وهذا واضح عند أخوتنا الكاثوليك الذين يؤمنون مثلنا بدوام بتولية القديسة العذراء مريم. وعلى هذا الأساس يفهمون عبارة (حتى) في قول الكتاب عن العذراء.
"ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر" (متى 1: 25).
ومعروف طبعًا انه لم يعرفها بعد ولادة ابنها البكر.. ولا داعي لأن نشرح هذه العبارة شرحًا مستفيضًا، فليس هذا مكانه. والكاثوليك يرون أن استخدام كلمة (حتى) هنا، لا يعنى أن ما بعدها عكس ما قبلها.
ب – ميكال زوجة الملك داود، لما استهزأت به حينما رقص أمم تابوت العهد قال الكتاب عنها:
"ولم يكن لميكال بنت شاول ولد حتى ماتت" (إلى يوم مماتها) (2صم6: 23).
وطبعًا ولا بعد موتها كان لها ولد.
ج – ومن الأمثلة الهامة جدًا "لاهوتيًا" ما قيل عن رب المجد:
"قال الرب لربي: أجلس عن يمين حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك" (مز11: 1). وطبيعي أنه ظل جالسًا عن يمين الآب، حتى بعد أن وضع أعداءه موطئًا لقدميه. كل هذه الأمثلة عن معنى كلمة (حتى) واستخدامها في الكتاب، يعرفها أخوتنا الكاثوليك جيدًا، ويستخدمها في إثبات دوام بتولية العذراء... فلماذا يقفون الآن من كلمة (حتى) موقفًا مغايرًا؟! نقطة اعتراض أخرى نحب أن نقولها هنا:
9 – كيف توفي الروح في (المطهر) كل ديونها حتى الفلس الأخير، بينما الجسد ليس معها:
شريكها الأثيم، الذي كان يشترك معها في غالبية خطاياها، بل كان يدفعها إلى الخطية دفعًا لتشترك هي معه "والجسد يشتهى ضد الروح" (غل5: 17). كيف يفلت هذا الشريك المخالف، وتقف الروح وحدها لكي توفى الكل " حتى الفلس الأخير"؟!؟! وهل نستطيع أن نوفى الفلس الأخير، بينما الجسد لم يعاقب. والمعروف في عقيدة المطهر أنه للأرواح فقط، التي لا تموت بموت الجسد.
إذن المقصود بالسجن في جهنم بعد الدينونة، وليس المطهر بعد الموت. وحتى يوفي الفلس الأخير، يفهم أنه بعدها "ولَنْ يوفي"... أي يبقى في جهنم إلى الأبد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8k6zar6