يكفي قولها الذي سجله الإنجيل "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو48:1). وعبارة "جميع الأجيال" تعني أن تطويب العذراء هو عقيدة هامة استمرت من الميلاد وستبقَى إلى آخر الزمان.
ولعل من عبارات إكرام العذراء التي سجلها الكتاب أيضًا قول القديسة أليصابات لها (وهي شيخة في عمر أمها تقريبًا): "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ. هوذا حين صار سلامك في أذني، ارتكض الجنين في بطني" (لو44:1). والعجيب هنا في عظمة العذراء، أنه لما سمعت أليصابات سلام مريم امتلأت أليصابات من الروح القدس (لو41:1). مجرد سماعها صوت القديسة العذراء، جعلها تمتلئ من الروح القدس.
والعذراء لم تنل الكرامة فقط من البشر، وإنما أيضًا من الملائكة. وهذا واضح في تحية الملاك جبرائيل لها بقوله "السلام لك أيتها الممتلئة نعمة. الرب معك. مباركة أنت في النساء" (لو28:1). وعبارة "مباركة أنتِ في النساء" تكررت أيضًا في تحية القديسة أليصابات لها (لو43:1).
ونلاحظ أن أسلوب مخاطبة الملاك للعذراء فيه تبجيل أكثر بكثير من أسلوبه في مخاطبة زكريا الكاهن (لو13:1).
وهنا نبوءات كثيرة في الكتاب تنطبق على السيدة العذراء، ومنها "قامت الملكة عن يمينك أيها الملك" (مز9:45). وفي نفس المزمور يقول عنها الوحي الإلهي "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز13:45). فهي إذًا ملكة وابنة الملك... ولذلك فإن الكنيسة القبطية في أيقوناتها الخاصة بالعذراء، تصورها كملكة متوجة، وتجعل مكانها باستمرار عن يمين السيد المسيح له المجد.
والكنيسة تمدح العذراء في ألحانها قائلة "نساء كثيرات نلن كرامات. ولم تنل مثلك واحدة منهن". وهذه العبارة مأخوذة من الكتاب (أم29:31).
والسيدة العذراء هي شهوة الأجيال كلها، فهي التي استطاع نسلها أن يسحق "رأس الحية" محققًا أول وعد لله بالخلاص (تك15:3).
والعذراء من حيث هي أم المسيح، يمكن أن أمومتها تنطبق على كل ألقاب السيد المسيح.
فالمسيح هو النور الحقيقي (يو9:1). وهو الذي قال عن نفسه "أنا هو نور العالم" (يو12:8). إذًا تكون أمه العذراء هي أم النور. أو هي أم النور الحقيقي.
وما دام المسيح قدوسًا (لو53:1) تكون هي أم القدوس(1).
وما دام هو المخلص، حسبما قيل للرعاة "وُلِدَ لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو11:2). وحسب اسمه "يسوع" أي مخلص، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم (مت21:1). إذن تكون العذراء هي أم المخلص.
وما دام المسيح هو الله (يو1:1) (رو5:9) (يو28:20). إذن تكون العذراء هي والدة الإله.
وما دام هو الرب، حسب قول أليصابات عن العذراء "أم ربي" (لو43:1). إذًا تكون العذراء هي أم الرب. وبنفس القياس هي أم عمانوئيل (مت23:1) وهي أم الكلمة المتجسد (يو14:1).
وإن كانت العذراء هي أم المسيح، فمن باب أولى تكون أمًا روحية لجميع المسيحيين. ويكفي أن السيد المسيح وهو على الصليب، قال عن العذراء للقديس يوحنا الرسول الحبيب "هذه أمك" (يو27:19) (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فإن كانت أمًا لهذا الرسول الذي يخاطبنا بقوله يا أولادي (1يو1:2). فبالتالي تكون العذراء هي أم لنا جميعًا. وتكون عبارة (أختنا) لا تستحق الرد. فمن غير المعقول ولا المقبول أن تكون أمًا للمسيح وأختًا لأحد أبنائه المؤمنين باسمه..!
إن مَن يكرم أم المسيح، إنما يكرم المسيح نفسه. وإن كان إكرام الأم هو أول وصية بوعد (أف2:6) (خر12:20) (تث16:5). أفلا نكرم العذراء أمنا وأم المسيح وأم آبائنا الرسل؟! هذه التي قال لها الملاك "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك. لذلك أيضًا القدوس المولود منك يُدْعَى ابن الله" (لو35:1). هذه التي طوبتها القديسة أليصابات بقولها "طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو45:1). والتي جميع الأجيال تطوبها...
وعبارة "مباركة أنتِ في النساء" التي قيلت لها من الملاك جبرائيل ومن القديسة أليصابات، تعني أنها إذا قورنت بكل نساء العالم، تكون هي المباركة فيهم، لأنه لم تنل واحدة منهن مجدًا نالته العذراء في التجسد الإلهي.
ولا شك أن الله قد اختارها من بين كل نساء العالم، لصفات فيها لم تكن تتوافر في واحد منهن.
ومن هنا يظهر علو مكانتها وارتفاعها. لذلك لقبها إشعياء النبي بلقب "سحابة" أثناء مجيئها إلى مصر (أش1:19).
_____
(1) توضيح من الموقع: كان مكتوبًا في الكتاب المطبوع: "تكون هي القدوس"، ولكن واضح من السياق أن كلمة سقطت من النص، وهي "أم"، فتصبح الجملة: "تكون هي أم القدوس". فتم تعديل النص في الموقع، ولزم التنويه.
ألقاب السيدة العذراء |
في الحوار اللاهوتي اللاهوت المقارن -1 |
إكرام العذراء ودوام بتوليتها |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5kjsa73