السيد المسيح يهمه أن نكون حكماء حتى أنه مدح وكيل الظلم، لأنه بحكمة صنع (لو16: 8). مدح الحكمة التي فيه، وليس الظلم.
يقول الكتاب "الحكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في الظلام" (جا2: 14).
ولأن الشمامسة يعلمون أيضًا في ربح النفوس، اشترط الآباء الرسل -في اختيار الشمامسة السبعة- أن يكونوا مملوءين من الروح القدس والحكمة" (أع6: 3).
كان يمكن الاكتفاء بشرط الامتلاء من الروح القدس، على اعتبار أنه روح الحكمة والمشورة والفهم (أش11: 2) ولكنهم شددوا على صفة الحكمة هذه.
قال بولس الرسول: "إننا نتكلم بحكمة بين الكاملين. ولكنها حكمة ليست من هذا الدهر" (1كو2: 6).
وقد تحدث القديس يعقوب الرسول باستفاضة عن الحكمة النازلة من فوق (يع3: 13-17).
إنها حكمة تصلح لربح النفوس، لأنها طاهرة مسالمة مترفقة مذعنة، مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة.. وقال "من هو حكيم وعالم بينكم، فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة".
أما الحكمة العالمية فنسميها أحيانًا بالدهاء والخبث إذ تحوى تدابير شريرة.
وكم من أشخاص فكروا أن يربحوا الناس بالخداع والكذب، وبالانحراف، وبأن يكونوا ذوي وجهين، وذوي لسانين، وبارعين في سبك الخطط!! وفي سبل الإغراء والتشويق. أما أنتم فلا تكن لكم هذه الحكمة، بل الحكمة الروحية النازلة من فوق..
أبيجايل امرأة نابال الكرملي، استطاعت بالحكمة أن تربح داود النبي وتمنعه عن الانتقام من زوجها وعن ارتكاب القتل (1صم 25).
وأعجب داود بأسلوبها الحكيم الذي يمتزج فيه الاتضاع، بالتوبيخ المشبع بالمديح؟
وقال لها "مبارك الرب الذي أرسلك اليوم لاستقبالي. ومبارك عقلك. ومباركة أنت، لأنك منعتني عن إتيان الدماء". وكانت لما مات زوجها، أن تزوجها داود، الذي قبل منها التوبيخ دون أن يغضب..
الإنسان الحكيم يعرف متى يتكلم، وكيف يتكلم؟ ومتى يصمت، وكيف يتصرف؟
ويعرف المداخل التي يدخل بها إلى نفوس الناس، وكيف يقول لهم ما يمكنهم قبوله، وكيف ينصحهم بما يمكنهم عمله وكيف يدرجهم في الوصول إلى الفضيلة بل وإلى الكمال.. ولذلك اتصف آباؤنا القديسون بالإفراز.
الرجل الحكيم يزيد عدد أصدقائه.
أما الجاهل فيخسر أعز أحبائه..
الحكيم يعرف كيف يكسب الناس. والذين قد كسبهم، يعرف كيف يحتفظ بهم أيضًا..
والمرأة الحكيمة لا تخسر زوجها، ولا تخسر أقارب زوجها أيضا: أمه وأخوته.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وحيث توجد الحكمة، يمكن أن تحل كل المشاكل الزوجية، وكل الخلافات العائلية.. وبالحكمة كل فريق يربح الآخر.. قال القديس يوحنا ذهبي الفم:
"هناك طريقة تتخلص بها من عدوك وهي أن تحول العدو إلى صديق".
طبعًا، لا نستطيع أن ننكر أن هناك أشخاصًا ليس من السهل كسب صداقتهم. ويكون السبب راجًا إليهم هم. مثلما حدث للسيد المسيح نفسه مع الكهنة والفريسيين والصدوقيين ورؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. ولو ان عددًا كبيرًا منهم قد آمن فيما بعد.
ولأن كسب جميع الناس ليس سهلًا لذلك قال الرسول: "إن كان ممكنًا، فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" (رو12: 18).
لذلك فإن ربح الناس قد يحتاج إلى صبر وإلى احتمال، وقد يحتاج إلى وقت.
وهو لا يأتي بالإلحاح الكثير وبالإسراع.. فربما الإلحاح والإسراع يأتيان بنتيجة عكسية، لأنهما ربما يتعبان أعصاب ونفسية الشخص الذي تريد كسبه، أو تريد مصالحته. وربما يسببان له العناد.. أو أنه يشعر بإصرارك فيتثاقل ويعتز ويفرض شروطًا وحلولًا صعبة..!
بالحكمة في التصرف، يمكن أن تكب الناس في العلاقات الاجتماعية وفي الروحيات أيضًا..
أليس من المخجل أن كثيرين من أهل العالم، يكونون حكماء ويكسبون الناس بينما أولاد الله يفشلون فيما نجح فيه أولئك؟
مشكلة تقابل إنسانًا، فيرتبك لها، أو يتصرف فيخطئ. ونفس المشكلة تقابل شخصًا آخر، فيحلها بمنتهي السهولة.. إنها الحكمة..
ولكن ليست الحكمة أن تربح الناس على حساب المبادئ والروحيات، أو تربحهم وتخسر الله.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ms86zds