كل إنسان في الدنيا تقابله أحيانًا مشكلات في حياته. ولكن تختلف أساليب الناس في التعامل مع المشاكل، أو في التأثر بها. وذلك تبعًا لنوع نفسية وعقلية كل إنسان، وأيضًا تبعًا لخبرته وظروفه... فهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل، بينما آخرون ينتصرون عليها. وهناك أساليب خاطئة، وأساليب أخرى سليمة في مواجهة المشكلة. وسنحاول أن نستعرض النوعين:
والبعض قد يهرب من المشكلة. ومع ذلك فالمشكلة لا تهرب منه، ولابد أن يواجهها ولو بعد حين. فم هي أذن الأساليب المتعددة التي يقابل بها الناس مشاكلهم؟
منها أسلوب النكد والبكاء. وهو أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء. على أن هذا التصرف الطفولي قد يبقى عند البعض حتى بعد أن يكبر، وبخاصة عند كثير من النساء. أي مواجهة المشكلة بالحزن أو البكاء، دون أي حل عملي...
بعض الزوجات يلجأن إلى النكد والبكاء في مواجهة مشاكلهن العائلية، فيخسرن أزواجهن بهذا النكد: يدخل الرجل إلى بيته، فيجد زوجته غارقة في دموعها، وربما لسبب لا يستدعي ذلك، فيحاول حله. ويتكرر البكاء لسبب آخر ولسبب ثالث... ويصبح البكاء خطة ثابتة في مواجهة كل ما لا يتفق مع هوى الزوجة، مع تأزم نفسي وشكوى وحزن!! مما يجعل الزوج يسأم هذا الوضع، ويهرب من البيت وما فيه من نكد. وتجني المرأة عليه وعلى نفسها بلا نتيجة...
غير أن البعض يلجأ إلى طريقة أخرى وهى الضغط والإلحاح. فقد يكون لدى إنسان رغبة يريد تحقيقها بكافة الطرق، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم أو رئيس. فيظل يلح أو يضغط بطريقة يظن أنها توصله أخيرًا!!
والإلحاح قد يوصّل إلى مشاعر من السأم والضجر، أو قد يوصّل أحيانًا إلى موافقة ليست برضى القلب. والعجيب أن صاحب الرغبة ربما يفرح بهذه الموافقة، ولا يهمه قلب من أعطاها، ولا مرارة نفسه من الضغط عليه!
على أن البعض قد يعمل على حل المشكلة بالعنف. يقع في هذا العنف الأب الذي يحاول أن يعالج أخطاء أبنائه بالعنف، ويقهرهم بالضرب على طاعة أوامره. أو يعامل بالقسوة ابنته ظانًا أنه بالتشديد عليها يحافظ على عفتها، بينما قد يؤدي عنفه إلى هروبها من بيته! وبنفس الأسلوب قد يحاول المدرس أن يستخدم العنف مع تلاميذه ليلزمهم على الهدوء وعدم الفوضى في الفصل، فيتمردون عليه بالأكثر.. إن العنف ربما تكون له ردود فعل تعقد المشكلة ولا تحلها...
وبعض الناس يلجأون إلى الجريمة لحل إشكالاتهم. مثال ذلك اللص الذي يراه أحد أفراد البيت وهو يسرق، فيقتل من يراه. وبهذا يعرض نفسه لعقوبة الإعدام على جريمة القتل، بدلًا من السجن على جريمة السرقة.
مثال آخر: الأب الذي تحمل ابنته سفاحًا. فلكي يمحو عار الأسرة، يقتل هذه الابنة دون أن تُعطى فرصة للتوبة، فيجني عليها، كما يجني على نفسه كقاتل!
هناك من يلجأ إلى حل مشكلته بالحيلة والدهاء. مثل شخص يجد لنفسه منافسًا في الترقية، فيدبر له مؤامرة تسئ إلى سمعته أو تؤدي إلى فصله ليزيحه من طريقه...
وإن كان من ينافسه صديقًا له بمستوى أرقى، يخون هذا الصديق ويلفّق له تهمًا في الخفاء لكي يتخلص منه! إلا أن الخائن? على الرغم من أن خيانته قد أوصلته إلى غرضه ? ولكنه إذا وبخه ضميره بعد ذلك، فإنه لا بد أن يحتقر نفسه. وهو قد يحتمل احتقار الآخرين له. ولكنه لا يستطيع احتمال احتقاره لنفسه، فذلك أكثر إيلامًا له. وهذا مصير كل من يغدر بأحبائه أو أولياء نعمته، إذ يعيش في عذاب.
وهناك من يواجه المشكلة بأعصابه فإذ لا يحتمل، يلجأ إلى الزعيق والصياح، والغضب والنرفزة والصوت العالي الحاد. وقد يستخدم الشتائم والألفاظ الجارحة. وكل ذلك لا يحل مشكلته.
إن الأعصاب الهائجة ربما تكون وسيلة لتخويف الطرف الآخر، ولكنها وسيلة منفرة وغير روحية، وتدل على العجز.
البعض يلجأ في حل مشكلته إلى العقاقير والمسكنات وما أشبه من الأدوية والمهدئات التي غالبًا ما تكون لها تأثيرات جانبية ضارة ولو بعد حين. وهى لا تحل المشكلة، إنما تحاول أن تريح أعصاب صاحبها لفترة ما. وبالمثل من يظن أن يواجه المشكلة بشرب الخمر أو المسكر، أو بالتدخين أو بتعاطي المخدرات!!
على أن هناك خطايا أخرى يحاول أن يواجه بها البعض مشاكلهم. كمن يحاول? إذا انكشف أمره? أن يغطي على ذلك بالكذب والإنكار. فإذا انكشف كذبه، يغطيه بأكاذيب أخرى. أو إن واجهته مشكلة مع بعض أصدقائه أو زملائه، يلجأ إلى المقاطعة والخصام أو يتطور الأمر إلى العداوة. أو يصّر على رأيه ويلجأ إلى المكابرة والعناد.
هناك نوع من الناس، إذا ضغطت عليهم المشاكل بشدة، يشعرون بصغر النفس في داخلهم، ولا يقدرون على مواجهتها فيدركهم الخوف ويستسلمون للواقع، وليحدث ما يحدث. ولكن ليس هذا حلًا للمشكلة، إنما هو خضوع لها.
كل ما سبق هو طرق خاطئة في مواجهة المشاكل. فما الصحيح؟
أولًا حل المشكلة بحكمة وعقل. ليس بأعصاب متوترة، ولا بالعناد، ولا بنفسية مريضة، ولا بخوف واستسلام، وإنما بحكمة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وربما يعترض البعض بأنه ليس جميع الناس حكماء أو ذوي خبرة.
هنا الحل الثاني وهو اللجوء إلى المشورة، وأخذ رأي العارفين وأصحاب الخبرة. فلا يكتفي الإنسان برأيه ومعرفته، إنما يضيف إليها رأي الكبار ومن مروا بمشاكل من نفس النوع.
كذلك ينفعك في مواجهة المشكلة: الصلاة والصوم. لأن ما يعجز الإنسان عن حلّه، له عند الله حلول كثيرة. ونؤمن جميعًا أن الله قادر على كل شيء. وكل باب مغلق أمامك، له مفتاح أو عدة مفاتيح عند الله الرؤوف الذي يفيض برحمته. والواقع يجب أن نضع الله في مقدمة وسائلنا، حتى قبل الحكمة والمشورة أو ممتزجة معهما.
?? ومع ذلك هناك أمر يصلح في مواجهة المشكلة أحيانًا، وهو الصبر، وترك مدى زمنيًا للمشكلة لكي تُحل فيها. فلو وضعت في ذهنك أن المشكلة تُحل الآن، ستبقى في قلق الانتظار وفي تعب مستمر. الله سيحلها في الوقت المناسب.
عليك إذن بالهدوء في مواجهة المشاكل. لأنه لا يمكنك حل مشكلة وأنت مضطرب أو خائف. إنما الأعصاب الهادئة تعطي مجالًا للتفكير السليم.
يبقى مع هذا كله العمل الإيجابي الفعال لحل كل مشاكلك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/yp67avy