منه خوف مقدس، وخوف طبيعي، وخوف مرضى:
* أما الخوف المقدس فهو مخافة الله "رأس الحكمة مخافة الله". ومخافة الله تعنى مهابته، وعبادته بكل خشوع وتوقير. وتعنى أيضًا طاعته والعمل بوصاياه. والخوف من الوقوف أمامه في يوم الدينونة الرهيب الذي فيه يجازى الرب كل واحد بحسب أعماله. والإنسان الذي لا يخاف الله، هو إنسان خاطئ يمكنه أن يرتكب أية خطيئة دون خشية ولا خجل..!!
* وسوف نتكلم عن باقي أنواع الخوف بالتفصيل...
* أما درجات الخوف، فتشمل إلى جواره: الخشية، والجبن، والفزع، والهلع، والرعب. وقد يوجد إنسان يمكن أن يموت من الخوف، أو يمكن أن يفقد عقله، أو أن تنهار أعصابه، أو يرتعش جسمه خوفًا...
* فقد قال أحد علماء النفس: إن الإنسان يخاف من أحد ثلاثة أسباب: الظلام والمجهول والحركة المفاجئة..
وفى الواقع أن هذه الثلاثة أسباب تتركز في سبب واحد هو المجهول. فالظلام يعنى مجهولًا خلفه. والحركة المفاجئة لها سبب مجهول...
على أن هناك أشخاصًا لهم جسارة قلب، لا يخافون الظلام ولا الحركة المفاجئة. وتحاول عقولهم أن تجد حلًا للمجهول، ولا تخافه...
* وقد يدخل الموت تحت عنوان الخوف الطبيعي أيضًا...
غالبية الناس يخافون خوفًا طبيعيًا من الأذى، ومن الموت ومسبباته:
والخوف من الموت هو نوع من الخوف من المجهول أيضًا. فالموت هو شيء من المجهول، ولم يجربه الإنسان، ولا يعرف طبيعته وكنهه. فهو يجهل كيف يموت؟ وكيف تخرج روحه من جسده؟ كما أن ما وراء الموت هو شيء مجهول أيضًا!! وكل هذه الأسباب تخيف الكثيرين...
أما الذي يضمن – بالإيمان مصيره بعد الموت، فإنه لا يخافه مطلقًا بل يشتهيه، شاعرًا أنه بالموت سيذهب إلى النعيم الأبدي...
إنما يخاف الموت: القلب غير التائب، أو المتعلق بحب العالم وما فيه من الشهوات... نعم، يخاف الموت من لا يستعد له بالتوبة وبالعمل الصالح. وعكس هذا: لا يخافه من ليست له في هذه الدنيا يخشى أن يفقدها. لذلك حسنا قال القديس اوغسطينوس: "جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أنى لا أخاف شيئًا، ولا اشتهى شيئًا".
وخوف الموت: إما يجعل الإنسان يستعد له أو يهرب منه!
إذ أن الشيطان (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) قد يستغل خوف الإنسان من الموت، فيلقى بضحيته في اتجاه عكسي: فيجعله يهرب من الموت، ومن سيرته وأخباره! وينهمك في ملاذ الدنيا، فلا يسمع عن هذا الموضوع المتعب!
وللأسف نجد مرضى في حالة خطرة وعلى حافة الموت، يخدعهم أحباؤهم بأكاذيب وطمأنة زائفة! ويشغلونهم بأحاديث وسمر ولهو، لكي ينسوا سيرة الموت، حتى يدهمهم الموت فجأة دون أن يستعدوا له!!
وأحيانًا يحصر خوف الموت ذهن المريض، فينشغل بالموت وليس بالاستعداد للأبدية!!
إن الذي يخاف الموت، يخاف أيضًا من أسبابه، كالأمراض مثلًا.
فهو يرتعب من الأمراض الخطيرة التي لا شفاء منها. وكذلك يخاف من المرض عمومًا، ومن العدوى التي تسببها، ويحاول أن يتجنبها. وقد يحاول أن يتجنب الميكروبات بطريقة مبالغ فيها! وينطبق عليه المثل القائل "الناس من خوف المرض في مرض!".
* فيتخيل أن في الناس قوة يمكن أن تبطن به أو تتعبه أو تضيّع مستقبله، أو تشوّه سمعته فيعمل لهم ألف حساب!
وقد يستغل الشيطان هذا الخوف، فيلقيه في الرياء والنفاق والتملق يكسب محبة هؤلاء، أو يمنع أذيتهم عنه، وشعاره المثل القائل: "أرضهم مادمت في أرضهم، وحيّهم مادمت في حيهم".
وهكذا يجرفه التيار فيسيرّه الخوف، وليس الضمير!!
* ومن هذا النوع من يخاف كل من هو أقوى منه، أو من يخاف رؤسائه في العمل وبطشهم
* ومنهم من له أخطاء جسيمة، وتجاوزات ضد القانون والأخلاق. ويخاف الذين يقدرون على كشفه ويسببّون له فضيحة!
* أو يخاف أن يفقد من هو مصدر متعته وشهواته!
* وهناك من يخافون حسد الناس، ويسيرون بالمثل القائل: "دارِ على شمعتك لئلا تنطفئ"...
* أو من يخافون من ينشغلون بالسحر، أو ما يسمونه "العَمَل"!
حقًا، ما أكثر الذين حطمهم الشيطان بالخوف، وكان إيمانهم من الداخل، أضعف بكثير من المخاوف التي تأتى من الخارج!
إن الذي يخاف من الناس، يقوى هم عليه، إذ يدركون أنه غير قادر عليهم، فيقدرون هم عليه أو يستمرون في تخويفهم له!
وفى خوفه منهم، يخضع لهم بالأكثر. وفي خضوعه لهم، يزداد إيذاؤهم له، وتدور الدائرة هكذا...
لا تخف من الشيطان، إذ لا قوة له على الإنسان المؤمن... ذلك أن نعمة الله التي تسندك، هي أقوى من الشيطان إن أراد أن يحاربك... إذن لا تعطِ للشيطان قدرًا فوق قدره، ولا تخف منه فوق ما ينبغي... وكل ما يلزمك في محاربات الشياطين، هو الحرص منهم وليس الخوف
أما عن التجارب، فاعلم أن الله لا يسمح بأن تّجرّب فوق ما تطيق...
انه خوف طفولي، وقد يكون لونًا من الخوف المرضى
كالطفل الذي يخاف من لصوص في البيت أو عفاريت، حيث لا وجود للصوص أو عفاريت!
أما الخوف المرضى، فمثل الشخص الذي يتصور أن هناك من يعملون على إيذائه، بينما لا يؤذيه إلا مرضه النفسي!
ينبغي أن يكون عند الإنسان أن الله يحميه ويرعاه. فلا داعٍ إذن لهذا الخوف الوهمي بلا سبب!
إن الإيمان بقوة الله الحافظة، هو يحمى الإنسان من كل خوف.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2q8gq3s