7- وفي العهد الجديد، واستمر الاعتراف على الآباء الكهنة. وأعطى السيد المسيح سلطان الحل والربط للرسل في شخص بطرس قائلًا له:
"وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض، يكون مربوطًا في السموات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولًا في السموات" (مت 16: 19).
وهذا السلطان الذي سلمه الرب لبطرس، لم يكن له وحده فقط كفرد، إنما سلمه لجميع الرسل أيضًا قائلًا لهم: "الحق أقول لكم، كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (متى 18: 18).
8- و العجيب أن البعض ممن يتمسكون بكل حرف في الإنجيل.. يحاولون أن يفسروا هذه الآية بتفسير من عندياتهم، لا سند له من الكتاب إطلاقًا!!
فيقولون إن السيد المسيح أعطى هذا السلطان للتلاميذ لكي يعطوا بدورهم الحل بالأكل من الأطعمة التي كانت محرمة من قبل، مثل أكل لحم الخنزير..!
وهنا نرى عجبًا! هل مكافأة بطرس الرسول على اعترافاته بلاهوت المسيح، الأمر الذي في السموات.. أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي.." (مت 16: 17، 18).. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). هل مكافأة كل ذلك، أن يعطيه السلطان على محاللة الناس في أكل لحم الخنازير؟
وهل مفاتيح ملكوت السموات هي أكل لحم الخنازير؟!
هوذا الرب يقول له: "وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السموات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولًا في السماء". فهل هذا السلطان العظيم كله، يتلخص في أكل لحم الخنازير..
وحتى بطرس لم يفهم الحل بهذا المعنى إطلاقًا، ولا الرسل:
ففي قصة إيمان كرنيليوس، لما أعلن الرب قبول الأمم بطريقة رمزية بملاءة نازلة من السموات، فيها من كل دواب الأرض والوحوش والزحافات، وقيل لبطرس اذبح وكل.. أجاب بطرس قائلا: "كلا يا رب، لأني لم آكل قط شيئا دنسًا أو نجسًا" (أع 10: 14).
فلو أنه فهم الحل والربط بهذا المعنى العجيب، ما كان يقول: كلا يا رب، لأني لم آكل قط شيئًا دنسًا أو نجسًا.
أما المحاللة في أكل شتى الأطعمة، فقد أتت في قول الرب له هنا ثلاثة مرات: "ما طهره الله، لا تدنسه أنت" (أع 10: 15).
وفهم بطرس هذا الحل، على أنه مُحاللة لقبول الأمم، وليس لمجرد قبول أكل الخنازير والجمال! (لا 11: 4-7 ).
إن المحاللة لأكل الأطعمة، يشرعها الله بتعليم بسيط واضح، مثل قول الكتاب: "لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب.." (كو 2: 16). ولا يستدعى الأمر إعطاء الرسل سلطانًا يجولون به الأرض، لكي يحاللوا الناس في أكل لحم الخنزير في شرق الأرض وغربها، سواء كانوا يهودًا.. وتعتبر هذه: "مفاتيح ملكوت السموات"!!
9- على أن الرب أوضح معنى الحل و الربط بقوله للرسل:
"اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20: 22، 23). و السلطان هنا صريح، لا لبس فيه ولا خنازير..
وقد مارس الآباء الرسل سلطان الحل والربط بهذا المعنى. وهكذا نرى أن فهم (متى 16: 19، 18: 18) يكمل بفهم (يو 20: 23). وكل هذه النصوص الإلهية تسير معًا في معنى واحد منسق. وكلها من فم السيد المسيح نفسه..
10- والدليل الكتابي على أن الرسل وخلفاءهم مارسوا هذا السلطان، وكانوا يتقبلون اعترافات الناس، هو ما ورد في سفر أعمال الرسل:
" وكان كثيرون من الذين آمنوا، يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 19: 18) فلو كان الاعتراف بالخطايا هو على الله وحده، ما كان الآباء الرسل، أعمدة الكنيسة يجرءون على تقبل الاعترافات! وما كان يوحنا المعمدان يقبل ذلك، بل كانوا كلهم يعلمون ضد هذا..
11- ولو كان الاعتراف على الله وحده، ما كان يعقوب الرسول يقول:
"اعترفوا بعضكم على بعض بالزلات" (يع 5: 16).
وعبارة "بعضكم على بعض" تعنى بشر على بشر. وهذا لا يعنى أن الاعتراف هو لله وحده. ويفسر القديس أوغسطينوس هذه الآية بالاعتراف على من له الحق في ذلك، أي الكهنة. كما يقال علموا بعضكم بعضًا، أي أن القادر على التعليم يقوم بتعليم طالب العالم، ولا يعلم جاهل جاهلًا.
وحتى إن كان أي إنسان يمكنه أن يعترف على أي إنسان، بحكم هذه الآية، فإن الاعتراف على الكاهن هو من باب أولى.
وذلك باعتبار مركزه وأبوته، وسلطته التي أعطيت له لمغفرة الخطايا، وبحكم كتمانه للسر قانونًا، كل تلك الأمور التي لا تتوافر لأحد من العلمانيين.
12- ونحب هنا أن نقول إن قبول الكاهن لاعترافات الناس ليس هو اغتصابًا لحقوق الله، وإنما حقيقة الاعتراف هي :
أن يعترف الإنسان على الله، في سمع الكاهن. أو يدين الخاطئ نفسه، أمام الله في سمع الكاهن.
فالكاهن ليس شخصًا منفصلًا في عمله عن الله، إنما هو مفوض ليقوم بهذا العمل، كوكيل لله (تى 1: 7). وتعجبني جدًا في هذا المجال، عبارة قالها يشوع بن نون لعخان بن كرمي، تنطبق على موقف المعترف من الكاهن. قال له:
"اعترف إلى الله، واخبرني الآن ماذا فعلت" (يش 7: 19).
اخبرني، "لا تخف عنى" (يش 7: 19). وهذا لا يمنع مطلقًا من أنك في نفس الوقت، تعترف لله..
13- على أن أي شخص عادى تعترف عليه، سيصالحك إن كان هو المساء إليه، أو يرشدك إن كان مرشدا روحيًا.
ولكنه لا يستطيع أن يحالك، فهذا ليس من سلطانه.
إن منح الحل هو من عمل الآباء الكهنة الذين قيل لهم: "كل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (مت 18: 18)، والذين قيل لهم أيضًا: "مَنْ غفرتم خطاياه تغفر له" (يو 20: 23).
وهكذا يخرج الخاطئ من عند الكاهن مطمئنًا واثقًا بالمغفرة.
وهذه الثقة تأتيه من وعود الله نفسه، ومن السلطان الذي منحه لكهنته، من أن هذا الحل على الأرض يصير به مُحاللًا في السماء حسب قول الرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xy3swmy