إنه طموح مركز على الذات، ولأهداف عالمية، وربما بوسائل خاطئة...
هذا الذي (أخصبت كورته) فقال (أهدم مخازني، وابني أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي: يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. استريحي وكلى وأشربي وأفرحي) (لو 12: 18، 19) وهكذا كان مركزًا في المادة وحول ذاته. ولم تدخل علاقته بالله في طموحه لذلك سمع ذلك الحكم الإلهي (يا غبي، في هذه الليلة، تؤخذ نفسك منك. فهذه التي أعددتها، لمن تكون؟!) (لو 12: 20).
مثال آخر هو سليمان الحكيم:
كانت طموحاته في العظمة والرفاهية، وفي اللذة والنساء. وهكذا قال عن نفسه (عظمت عملي. بنيت لنفسي بيوتًا، غرست لنفسي كرومًا، عملت لنفسي جنات وفراديس... قنيت عبيدا وجواري جمعت لنفسي أيضًا فضة وذهبا، وخصوصيات الملوك والبلدان. اتخذت لنفسي مغنين ومغنيات، وكل تنعمات البشر سيدة وسيدات. فعظمت وازدادت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليم ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما) (جا 2: 4-10).
وماذا كانت نتيجة كل هذه الطموحات العالمية؟ يقول سليمان (ثم التفت أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي، وإلى التعب الذي تعبته في عمله، فإذ الكل باطل وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس) (جا 2: 11).
نعم، هذا هو الطموح العالمي الباطل... وكيف أنه قاد سليمان إلى الخطية وإلى عقوبة الله. وقال عنه الوحي الإلهي (إن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى. ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب إلهه) (1مل 11: 4).
من الطموحات العالمية أيضًا: الذين بنوا برج بابل.
أرادوا العظمة والعلو. وقالوا (هلم نبن لأنفسنا مدينة، وبرجا رأسه في السماء ونصنع لأنفسنا اسمًا) (تك 11: 4) (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فكانت النتيجة أن الله بلبل ألسنتهم، وبددهم على وجه الأرض... (تك 11: 7، 8) لأن الله لم يوافق على هذا الطموح الممتزج بحب العظمة والكبرياء.
ولكن أسوا طموح، كان طموح الشيطان!!
هذا الذي كان ملاكًا ورئيس ملائكة، هذا الذي لقبه الكتاب بالكاروب المنبسط الْمُظَلِّلُ. وكان كاملًا في طرقه يوم خلق (حز 28: 14، 15).
وعلى الرغم من سقوطه استمر في طموحاته الشريرة.
حتى وصل به الأمر أنه من على جبل التجربة قال للسيد المسيح له المجد، وهو يشير إلى جميع ممالك الأرض ومجدها (أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي) (مت 4: 8، 9) فانتهره الرب قائلًا أذهب يا شيطان.
واستمر في طموحاته، يريد أن ينافس الله، ويضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض (رؤ 20: 8) ويسبب الارتداد العظيم الذي يسبق المجيء الثاني (2تس 3، 9).
وبنفس هذا الطموح الخاطئ عمل على إسقاط أبوينا الأولين، في الإغراء على الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، قائلًا (تصيران مثل الله عارفين الخير والشر) (تك 3: 5).
غرور سابق للطموح، وغرور لاحِق له...
أما عن الغرور السابق، فهو أن يظن الشخص في نفسه فوق ما يستطيع ويرتئي فوق ما ينبغي (رو 12: 2) وربما يقفز إلى درجات روحية فوق إمكانياته، فلا يحسن منها شيئًا بل يهبط إلى أسفل. أو يطمح إلى مسئوليات فوق قدراته فيفشل...
وإن نجح في شيء، يلحقه غرور آخر فيطلب المزيد...
إن كثير من القادة السياسيين أضاعهم الطموح الزائد في الاتساع ومواصلة الانتصار، حتى انتهوا إلى الفشل والضياع، مثلما حدث لهتلر ولنابوليون أيضًا...
إن شهوة الاتساع والامتداد كثيرًا ما أتعبت الطامحين.
وأوصلتهم إلى الطمع وعدم الاكتفاء. كما يقول سليمان الحكيم (كل الأنهار تجري إلى البحر، والبحر ليس بملآن) (جا 1: 7) وأيضًا (العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع) وهكذا تجد كثيرًا من المحارَبين بالطموح العالمي، نفوسهم في تعب مهما نالوا ومهما أخذوا بسبب الاتساع والطمع التي لا يشبعها شيء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6q5q4b9