لا يظن أن ربنا أعطى القدس للكلاب أو طرح الدرر للخنازير، عندما نطق بكلمات لا يقبلها كثيرون من الحاضرين بل قاوموها واحتقروها لأنه قدمها لمن كان في قدرتهم قبولها، وإن كان يوجد معهم من هم غير قادرين على قبولها، فوجود هؤلاء لا يمنعه من تقديمها لمن يقبلها.
فعندما سأله الذين كانوا يجربونه، أجابهم على أسئلتهم حتى لا يكون لهم ما يقاومون به.. وبذلك هيأ المجربون للمسيح فرصة ليستفيد منها الذين كان لهم الاستعداد لقبول كلمته.
تحدثت بهذا حتى لا يمتنع غير القادرين عن الإجابة بحجة أنهم لا يعطون القدس للكلاب أو يطرحون الدرر أمام الخنازير. فمن يعرف الإجابة فليجب ولو لفائدة غير السائلين ما دام الحديث عن أمور مفيدة وتعاليم خلاصية. فكثيرًا ما يسأل بعض الكسالى أسئلة لا تهمهم بل وقد تكون ضارة بهم، ومع ذلك فينبغي علينا إما أن نجيب على السؤال مباشرة، وذلك في الأمور المفيدة. مثل سؤال الصديقين عن مصير المرأة التي تزوجت بسبعة أخوة فلمن منهم ستكون زوجة في الحياة الأبدية؟ فقد أجابهم الرب بأن في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء. أو أن تكون الإجابة على السؤال بسؤال فإذا ما أجاب على سؤالنا يكون قد أجاب على سؤاله. أما إذا رفض الإجابة، فيليق بنا عدم إجابته على سؤاله. فعندما سألوا السيد ليجربوه "هل نعطي الجزية لقيصر أم لا؟" أجابهم "وما هي الصورة التي تحملها العملة التي تقدمتم بها؟ فلما أجابوه أنها تحمل صورة قيصر أجابوا على أنفسهم فاستنتج لهم إجابة سؤالهم من إجابتهم لسؤاله "أعطوا إذَا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت15:22-34).
وعندما سأله رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بأي سلطان يفعل هذا، أجابهم بسؤال خاص عن معمودية يوحنا، فلما لم يجيبوا عليه لأنهم عرفوا أن بإجابتهم عليه ينفضحون، لم يجرأوا على الحديث بشر عن يوحنا خوفًا من الشعب، حينئذ قال لهم يسوع "ولا أنا أقول لكم بأيّ سلطانٍ أفعل هذا" (مت23:21-27). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فهذا الرفض على الإجابة كان في نظر الحاضرين رفضًا عادلًا. لأن رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب رفضوا إبداء رأيهم في يوحنا المعروف تمامًا. فقد سبق لهم أن أرسلوا إلى يوحنا يسألونه عن نفسه من هو، إذ بالحري لكونهم كهنة ولاويين أرسلوا إليه ظانين إياه أنه المسيح، أما هو فأجابهم بأنه ليس هو، إنما شاهد للمسيح (يو19:1-27). فلو قبلوا شهادة يوحنا لعرفوا بأي سلطان يصنع السيد المسيح هذا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/wvby2ds