واعتبر البابا ديونيسيوس الكبير الاستشهاد سِر كَنَسِي لذلك قال: ”الشُهداء القديسون الذين هم الآن جُلساء المسيح وشُركاء ملكوته ومُشترِكون معه في الدينونة والقضاء هم وحدهم الذين خلصوا بدون معمودية“.
وعندما انتشر الطاعون في الإسكندرية، خرج المسيحيون من المخابِئ ومن السراديب، وهبُّوا عائدين إلى المدينة غير هيابين اضطهاد داكيوس وغالوس وفاليريان، ليقوموا بالعِناية بالمرضى من الوثنيين، يواسون العائِلات، ويُشدِّدون الذين على شفا الموت ويُغمِضون عيون الأموات ويحملونهم على سواعِدهم ليدفنوهم، وهم يعلمون أنهم بسبب العدوى سيُلاقون نفس المصير.. لذلك قال البابا ديونيسيوس الكبير: ”وكثيرون من الذين طبَّبوا المرضى سقطوا صرعَى بنفس المرض، أنَّ المسيحيين كانوا أول من رقد بسبب شهامِة الحُب غير الهيَّاب للموت، وكان منهم قسوس وشمامِسة.. فهذا الموت مع الإيمان الذي صاحبه لن يكون أقل مجدًا من الاستشهاد“.
ونأتي بعد ذلك إلى عام 302 م.، حيث البابا بطرُس الأول الذي خدم وسط عواصِف الاضطهاد ومذابِح الاستشهاد العنيفة، فقد حلَّت الضيقات في الكنيسة، واستُشهِد فيها كثيرون وهرب البعض إلى الصحاري وسُجِن كثير من الأساقفة، وتهدمت الكنائِس.. حتى انتهت حياة البابا بطرُس شهيدًا وخاتِمًا للشُّهداء..
وضع الطوباوي بطرُس خاتِم الشُّهداء، بعض القوانين الخاصة بالذين جحدوا الإيمان، وقد جاءت هذه القوانين ضِمن رسالة فِصحية (Canonical Epistle (، وقد جاءت قوانينه الفِصحية الخاصة بالجاحدين للإيمان الراجعين بالتوبة تحمِل مفاهيم الكنيسة عن الاستشهاد، نذكُر منها أنَّ الاستشهاد لا يُغتصب بالإثارة، فالمسيحي الذي يُشعِل نار الاضطهاد بإثارته للمُقاومين إنما يدخل بإرادته في التجارُب..
كان القديس بطرُس مُحِبًا للاستشهاد، لكنه صلَّى ليتوقف الاضطهاد لئلا يخور الضُعفاء.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وحسب البابا بطرُس نفسه غير مُستحِق أن يكون شهيدًا للرب، ولا أساقفته مُستحقين لهذه النعمة.
ولعلَّ أروع معنى للاستشهاد قد سجَّله في شهادته عندما انسكب على الأرض فَرِحًا يشكر ويُسبِّح الله من أجل نعمة الاستشهاد التي أنعم بها الرب على الأساقفة.
لقد صلَّى من أجل المُعترفين إذ خشى أن يضعف أحدهم فيعثُر المُؤمنين... صلَّى حتى تسنِدهم نعمة الله ليصيروا شُهود حق للإيمان بالمسيح...
كتب كثيرًا عن العذابات والقبض والسجون والضربات غير المُحتملة والأوجاع المُرعِبة واعتبرها علامات يسوع في أجسادنا، وحذَّر الذين حرموا أنفسهم من أن يتألموا على اسم المسيح...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/mskdz5m