ومن الفكر السكندري المستيكي mystic ننتقِل إلى العلاَّمة الأفريقي ترتليان (من القرن الثاني المسيحي)، الذي كتب كتابات دِفاعية كثيرة، وكتب أيضًا في الحث على الاستشهاد، ورسالة دعاها ترياق العقرب Scorpiace وحض على الاستشهاد في الرسالة التي دعاها Ad Martyras، وكتب أيضًا رسالته في الإكليل De Corona وتفرَّع عن رسالِة الإكليل رسالة أخرى في الفرار من الاضطهاد De Fuje in Persecutione أجاب ترتليانوس فيها عن السؤال: أيجوز للمسيحي أن يفِر ويختبِئ في أثناء الاضطهاد؟
وكذلك كتب ترتليان ضد اليهود Adversus Judoeos والاتهامات التي وُجِهَت للمسيحيين.
وفي رسالة للمُدافِع ترتليان، كان قد وجَّهها للمسجونين لأجل الإيمان يقول:
”لا تجعلوا انفصالكم عن العالم في السجن يرعبكم، لأنَّ العالم هو السجن الحقيقي، فأنتم لم تدخلوا سِجنًا بل عُتِقتُم من السجن الحقيقي، وإن كان السجن مُفعمًا بالظلام، لكنكم أنتم أنفُسكم نور، في السجن قيود لكن الله قد حرَّركم، فيه رائِحة كريهة، لكن أنتم أنفُسكم رائِحة زكية، تنتظِرون المُحاكمة لا على فم قاضي بل على فم الله، لأنكم ستدينون القُضاة أنفُسهم“.
واستطرد العلاَّمة ترتليان في مقاله ليصِف السجن بالبرية للنبي واعتبره مكانًا للخلوة، فيه الجسم محبوس لكن الروح طليق..
أفاض العلاَّمة في الكلام عن بركات الاستشهاد وكيف أنه معركة شرف، فيها الله رقيب، والروح القدس مدرب والجزاء إكليل أبدي وحق المواطنة السماوية..
ندَّد ترتليان بالوثنيين في دِفاعه عن المسيحية، لاعتبار اضطهاد المسيحيين فقط معركة اسم، ولأنَّ المسيحيين وحدهم هم المحظور عليهم أن يتكلموا لتبرِئة ذواتهم، دِفاعًا عن الحق..
وعن التعذيب يقول ”في حالِة المُتهمين الآخرين الذين يُنكِرون، تلجأون إلى التعذيب حتى ما يعترِفوا، أمَّا المسيحيون فهم وحدهم الذين يُعذبون حتى ما يُنكِروا...“.
ووصف العلاَّمة ترتليان السجن بأنه مسكن إبليس وجنوده، لكن عندما يدخُل فيه المُعترِفون يطرحوا الشر تحت أقدامِهِم.
لقد حث العلاَّمة ترتليان على الاستشهاد وكتب مقالاته ليهديها إلى الموعوظين الذين في طريقهم إليه، وحتى الغنوسيين الذين استهانوا بالاستشهاد وفضَّلوا الهرب منه كتب لهم ترياق العقرب، ليوضح لهم أنَّ الاستشهاد ميلاد جديد تربح فيه النَّفْس حياتها الأبدية.
اعتبر العلاَّمة ترتليان أنَّ دِماء الشُهداء بِذار الإيمان، ووجَّه كلامه إلى الحُكام الوثنيين قائِلًا: استمروا في تعذيبنا، اطحنونا إلى مسحوق، فإنَّ أعدادنا تزيد بقدر ما تحصدوننا! إنَّ دِماء المسيحيين لهي بِذار محصولهم، إنَّ عِنادكم هو في حد ذاته مُعلِّم لأنه من ذا الذي لا يتحرك بالتأمُّل فيما تعملونه ليستعلِم عن حقيقة الأمور، ومن ذا الذي بعد انضمامه إلينا لا يشتاق إلى التألُّم..
كتب العلاَّمة الأفريقي دِفاعًا مُطولًا عن المسيحية، مُوجِهًا إلى الوثنيين قائِلًا: ”إننا جسم واحد مُتماسِك بمقتضى سلوكنا التَّقوي المُشترك ورجائنا المُشترك... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). إننا نُصلِّي من أجل الأباطِرة ومن أجل وزرائِهِم، ولأجل كل الذين في منصِب، وصندوق الخزانة تُجمع فيه التبرعات، التي يضعها كل واحد بسرور.. هذه العطايا مُخصصة لأعمال الرحمة، لا تُصرف على الولائِم والحانات، بل لمعونة الفُقراء ودفنهم ولسد أعواز المُعدمين... وبالإجمال كل الذين يُعانون من انكسار سفينة حياتهم، أو المُضطهدون لا لشئ إلاَّ لأجل إخلاصهم لكنيسة الله، فنعتني بهم كعنايِة الأُم برضيعها لأجل مُجاهرتهم بالإيمان“.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8jq4n36