جاء مارمرقس مسوقًا من الروح القدس عن طريق الصحراء الغربية إلى الإسكندرية عروس بلاد الشرق التي كانت أعظم مهد للحضارة في العالم القديم. حيث تقابل فيها فلاسفة اليونان ومعلمو الناموس وحكماء الهنود والفرس مع كهنة مصر العمالقة في الروحانية وفي كل علم وفن.
وأخذ يسير في تؤدة يتأمل المدينة العظيمة مأخوذًا بجمالها الفذ، طالبًا من أجل خلاصها ومن أجل جمالها الحقيقي غير الفاني. وبينهما هو يتمشى هكذا على شاطئ البحر إذ بحذائه البسيط ينقطع سيره. فأخذ يتلفت يمينًا ويسارًا عله يعثر على إسكافي. فأسرع إليه وهو يجر رجله التي كانت تقبض على محل إسكافي. فأسرع إليه وهو يجر رجلة التي كانت تقبض على الحذاء بكل قوتها. وأعطاه الحذاء لصلحه. فتفرس الإسكافي في وجهه. فشكره مرقس وجلس يسأل الله أن يفتح له بابا للكرازة، لا سيما وأن هذا هو أول شخص مصري يتحدث إليه. وبينها هو غارق في السؤالات والطلبات من أجل هذا الشعب الذي قيلت من أجله النبوات، إذ دوت صرخة الإسكافي في أذنه وهو يقول: يا الله الواحد باللغة اليونانية أي فاندهش مرقس من هذا التعبير الجميل وتهلل في قلبه. ثم سأله في لهفة هل تعرف هذا الإله الواحد، وقبل أن يجيبه أنيانوس بكلمة قام مرقس لوقته وتفل على الأرض وجعل من التفل طينًا وطلى به أصبعه. فللحال برئت يده حتى تعجب الإسكافي جدًا، وسأله عمن يكون يسوع المسيح هذا الذي باسمه تمت معجزة الشفاء. فابتدأ يشرح له بتدقيق، وفتح الرب قلب أنيانوس الإسكافي فقبل الكلمة بفرح ثم أصر أن يمتع أسرته وأحباءه بهذا الخلاص الجديد. فأخذه إلى بيته وهناك في وسط أسرته أخذ مرقس يحدثهم كشاهد عيان لقيامة الرب يسوع، ويربط بين نبوات العهد القديم وتحقيقها في شخصه دون سواه، حتى التهبت قلوبهم حبًا لمخلص العالم. وآمن الجميع فعمدهم من الصغيرة إلى الكبير، وصار هذا البيت هو باكورة الذين آمنوا. وبهذه الخميرة اختمر العجين كله، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. حتى تحول الكثيرون إلى الإيمان بالرب يسوع. إذ لم يكن من الصعب على أي منهم أن يؤمن بالثالوث وبوحدانية الله، وبالحياة الأبدية..، فكل هذه كانت لهم في قلوبهم ظلال عائمة لم تلبث أن استنيرت بفضل النور الذي حمله الكاروز فأضاء القلوب المستعدة وسرعان ما أدركوا حقيقة هذه المعاني في عمق وروحانيه. وهكذا قبل أن يكتب مرقس إنجيله كان هو إنجيلًا معاشًا علم أولاده وعمل بوصية الرب فصار قدوه صالحة، رأى الناس زهده فزهدوا العالم، رأوا محبته فأحبوا المسيح حتى أخذوا يبيعون ممتلكاتهم ليسلكوا في سيره مقدسه نسكية بطريقه أثارت مشاعر الفيلسوف "فيلو" حتى أطلق لقلبه العنان في وصف عفتهم، وصلواتهم، وأصوامهم وصمتهم ونسكهم وعمق ألحانهم الفرعونية التي استبدلوا ألفاظها الوثنية بعميق التعبيرات التي تحمل معنى الطقس والعقيدة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/npgv9vg