وكانت كلمة الرب تنمو بقوة يومًا بعد يوم. مما هيج عدو الخير. ولكن من أين للظلمة أن تقاوم النور! إن بصيصًا من النور قادر على ابتلاع كل آثار الظلمة. لذلك تحصينًا لأولاده عمل الكاروز منذ البداية على:
تكون مصدرًا للنور والمعرفة، تقوم بتدعيم المبادئ المسيحية والتعاليم الإنجيلية، وتقف في وجه مدرسة الإسكندرية الوثنية (التي أنشأها بطليموس سوتير أول ملوك البطالمة) وتفقد ادعاءاتها، وتدحض آرائها الفاسدة. لذا ركز اهتمامه في بادئ الأمر أن يجعل الدراسة فيها قاصرة على درس الكتاب والعلوم اللاهوتية فقط ليضمن توقف تيار الفلسفة الوثنية الجارف. واستعان لذلك بأساتذة جبابرة من أولاده الفلاسفة المصريين الذين قبلوا الإيمان ونالوا المعمودية على يده. كما أسند إدارتها ورياستها للعلامة يسطس المشهود له من الجميع بالتقوى والغيرة المقدسة والذي صار فيما بعد سادس بابا للمدينة العظمى الإسكندرية. ثم عاد وفسح المجال لبعض العلوم لكي تدرس بجانب علوم الكنيسة كالطب والهندسة والفلسفة والمنطق والموسيقى وغيرها، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وساندت السماء هذا العمل المقدس فنجحت وازدهرت وعطرت بأريجها ليس مدينة الإسكندرية والقطر المصري بأكمله فحسب بل وشعوب الشرق والغرب. إذ اصطادت هذه الشبكة الروحانية نفوسًا كثيرة للمسيح على مختلف الأجناس من مصريين ويونانيين ويهود ورومان وأحباش ونوبيين، حتى تزعزعت أركان الوثنية واستحق كاروزنا بحق أن تلقبه الكنيسة "مبدد الأوثان".
لما كثر عدد المؤمنين بالمسيح رأى كاروز مصر ومدبرها الأول (كما نقول في ذكصولوجية باكر) أن يرسم تلميذه البكر إنيانوس الإسكافي أسقفًا على الكرسي السكندري ويسلمه مقاليد الخدمة ذاك الذي كان قد بلغ درجه عالية من الروحانية حتى قدم حياته وبيته وكل ماله لخدمة سيده على مثال معلمه. كما رسم معه عددًا من القسوس يكونون عونًا له في الخدمة مع سبعه شمامسة يكونون عينًا له (هكذا تلقب الكنيسة الشماس إذ تدعوه عين الأسقف).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bt8m9yc