ومن هنا أيضًا تأتي النصيحة الغالية لمعلمنا بولس الرسول "مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ" (أف 5: 16؛ كو 4: 5)، حيث يعني افتداء الوقت: استبداله، أن نستبدله بشيء من الصلاة، بخدمة... بعمل محبة... بالمطالعة في الكتب الإلهية... وبذلك تقدسه، فيصبح للوقت قيمة، وبهذا يمكن أن يُحسَب العمر، بما نقضيه من وقت جميل، مثمر وفعّال ومؤثِّر، وكما أن هناك شخصًا عاش في الأرض ومات دون أن يترك أية آثار أو بصمات، فإننا نجد في المقابل شخصًا مثل يوحنا المعمدان، خدم لمدة ستة شهور فقط، ولكن انظر كَمْ تساوي من سنوات. وبنفس القياس يمكن أن تحسب لشخص آخر 50 سنة × صفر، فتصبح المُحَصِّلة صفرًا!!
إنه خداع شياطين... الذين يدفعونك إلى التفكير في الماضي والندم عليه وتبديد الوقت والجهد في ملامة كاذبة، وعندما تستريح من التفكير قليلًا في الماضي يستدرجك للتفكير في المستقبل، ولكن بكثير من القلق.
إن هناك الكثير لنعمله اليوم... هناك الكثير لنستمتع به اليوم، إن الحياة أجمل وأروع من أن نفقدها في الملامة الباطِلة والقلق المُدَمِّر، حتى الآباء شيوخ الرهبنة وكبار النُسّاك، اتسمت حياتهم بالبهجة والفرح، ولم يكونوا فريسة الاكتئاب أو الحزن المريض اليائس... على الرغم من السجود المتواتر في مئات الميطانيات metanoia (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة)، وساعات الصلاة والتسبيح، والصوم الطويل وضبط النفس والحواس، يقول القديس الأنبا أبوللو: "لماذا نجاهد ووجوهنا عابِسة؟! ألسنا ورثة الحياة الأبدية؟ اتركوا العبوس والوجوم للوثنيين والعويل للخطاة، أما الأبرار والقديسون فحريٌ بهم أن يمرحوا ويبتسموا لأنهم يستمتعون بالروحيات"(1).
وقد كان هذا القديس دائم البشاشة، حيث اجتذب كثيرين إلى الحياة النسكية كحياة مُفرِحة في الداخل، ومُشبِعة للقلب بالرب نفسه.
_____
(1) تفسير إنجيل لوقا ص693 - اسبورتنج.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/33wwgaz