وردت كلمة أعمال في الكتاب كدلالة للمعجزات (عد 16: 28؛ ويو 5: 20؛ 10: 25). وعني بها أحيانًا الأعمال الصالحة، وبرهانًا على الإيمان وقياسًا له (يع 2: 17، 18، 26) ووصفت الأعمال الصالحة في (أف 2: 10) بأنها ما قد سبق الله واعده لنا لنسلك فيه.
العمل يشمل أعمال الله وأعمال الإنسان. وبينما يؤكد الكتاب المقدس على أن أعمال الله كلها صالحة، فإنه يؤكد أيضًا أن أعمال الإنسان قد تكون صالحة أو شريرة، ويتوقف ذلك على موقفه من الله. فالأعمال الصالحة هي التي تتم في تجاوب مع نعمة الله ورحمته. أما الأعمال الشريرة فتعكس موقف الإنسان الذي يظن أنه يمكنه إرضاء الله بأعماله، أو الذي يرفض الله ويعيش حسب الجسد. والإنسان الطبيعي لا يمكن أن يعمل صلاحًا (رو 3: 12).
والعمل في معناه الحرفي هو الشغل وبذل الجهد. ولم يكن العمل وليد السقوط، أو لعنة وضعت على الإنسان عقابًا من الله على الخطية. فقد خلق الله آدم "ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها" (تك 1: 28؛ 2: 15). بل حتى بعد السقوط، يعتبر العمل أسلوبًا طبيعيًا صحيًا للحياة (مز 104: 23). والمهارات المهنية تعتبر مواهب من الله (خر 31: 1-6؛ 35: 30-36: 2). وقد عمل الرب يسوع في أثناء حياته على الأرض "نجارًا" (مرقس 6: 2). واشتغل الرسول بولس بصناعة الخيام (أع 18: 3).
والمفهوم الأساسي "للأعمال" في الكتاب المقدس مفهوم لاهوتي، فيذكر الكتاب المقدس الكثير من الأمثلة لأعمال الله وأعمال البشر. فالخليقة هي عمل من أعمال الله، فهو الذي "خلق السموات والأرض" (تك 1: 1)، كما خلق النبات والحيوان (تك 1: 11، 12، 20، 22، 24، 25) ، الناس (تك 1: 26، 27؛ 2: 21-24)، فكلها من عمل الله (مز 8: 3؛ 19: 1)، ويقول عن شعبه القديم إنهم "عمل يدي" (إِش 60: 21؛ 64: 8).
ولكن عمل الله لا يقتصر على عمل الخليقة، لأنه هو الذي يحفظها (نح 9: 6؛ كو 1: 17؛ عب 1: 3؛ انظر أيضًا أع 17: 28؛ 1 كو 12: 6)، وهو يسيطر على كل خليقته (مز 103: 19)، بالنواميس الطبيعية (تك 8: 22؛ جا 3: 1-9)، وبالمعجزات (خر 14: 21-31؛ انظر أيضًا يش 24: 31؛ قض 2: 7، 10)، وبكلمته (تث 17: 18-20). والأكثر من ذلك، أن عمل الله يشمل خلاص شعبه، ورد كل الكون إلى حالة الكمال الأصلية (رو 8: 19-22). وفي الماضي أنقذ شعبه من الخطر (مز 44: 1؛ 46: 8، 9؛ 64: 9)، ولم يكن ذلك بوسائل عادية دائمًا (إش 28: 21؛ 37: 36؛ 45: 1). وأعظم ما يتجلى عمل الله، إنما في فدائه للعالم بموت ابنه (2 كو 5: 18-21). وينطبق هذا أيضًا على "أعمال المسيح" لأنها "أعمال الله الذي ظهر في الجسد" (1 تي 3: 16)، وبخاصة كما ترد في إنجيل يوحنا، حيث أن أعمال المسيح هي "أعمال الآب" ، إذ كان طعام الابن أن يفعل "مشيئة الذي أرسله (الآب) ويتمم عمله" (يو 4: 34؛ انظر أيضًا يو 5: 20؛ 36؛ 6: 28، 29؛ 9: 3، 4؛ 10: 25، 37، 38؛ 14: 10-14؛ 15: 24).
وسيترنم مفديو الله الغالبين بالقول: "عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء. عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين" (رؤ 15: 3). وسيخلق الله "سموات جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البر" (2 بط 3: 13؛ رؤ 1: 1-4؛ انظر إش 65: 17).
أما بالنسبة لأعمال البشر فيمكن تقسيمها إلى "أعمال الجسد" و"أعمال صالحة". فأعمال الجسد خاطئة شريرة، وهي على النقيض تمامًا من "ثمر الروح" (غل 5: 16-22). فأعمال الجسد هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة أوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر، وأمثال هذه" (غل 5: 19-21). فالذين يعيشون حسب الجسد (رو 8: 12) ينغمسون في الشهوات (غل 5: 16؛ 1 بط 4: 2؛ 2بط 2: 10؛ 1 يو 2: 16)، وتتحكم فيهم عواطفهم ونزواتهم (أف 2: 3)، لأن اهتمامهم إنما هو للجسد (رو 8: 5، 7)، فلا يستطيعون إلا أن يعملوا الأعمال الشريرة (كو 1: 21؛ 2 يو 11؛ انظر أيضًا لو 13: 27؛ يو 3: 9؛ 7: 7؛ 1 يو 3: 12)، والفاجرة (يهوذا 15)، فأعمالهم هي أعمال الظلمة (رو 13: 12؛ أف 5: 11)، وهم يزرعون للجسد، وسيحصدون فسادًا وهلاكًا أبديًا (غل 6: 8).
وفي الجانب الآخر، يعلمنا الكتاب المقدس عن "أعمال صالحة" هي ثمر الروح في المؤمنين، "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لنا لكي نسلك فيها" (أف 2: 8-10).
ومحاولة إرضاء الله على أساس "أعمال الناموس" (غل 3: 10) لن يحصدوا منها إلا لعنة الدينونة (غل 2: 16، 21؛ 3: 10-14). "فأعمال الناموس" يمكن اعتبارها نوعًا من "أعمال الجسد" إذ إنها جميعها تتم على أساس عدم الإيمان بنعمة الله المخلصة، على حساب موت الرب يسوع وقيامته، فهي " أعمال ميتة" (عب 6: 1؛ 9: 14). وليست الأعمال الصالحة سبيلًا للخلاص، بل هي الدليل عليه ، ولا تتحقق إلا بالولادة الجديدة بناء على الإيمان بالرب يسوع المسيح ابن الله. ولا تعارض في هذا بين أقوال الرسول يعقوب عن أن الإيمان "إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته" (يع 2: 17)، وأقوال الرسول بولس، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فالرسول بولس يؤكد أن المؤمنين بالمسيح يجب أن يعملوا أعمالًا تليق بأولاد الله لأنهم خلصوا ليعملوا أعمالًا صالحة (أف 2: 10)، "كما يحق لإنجيل المسيح" (في 1: 27)، لأن المسيح "بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ" (رسالة بولس الرسول إلى تيطس 2: 14).
فأساس "الأعمال الصالحة" إنما هو نعمة الله (2 كو 9: 8؛ أنظر أيضًا في 1: 6؛ 2 تس 2: 16، 17).
والروح القدس هو القوة العاملة في المؤمنين (رو 15: 18، 19؛ 1 تس 1: 5)، للسلوك "كما يحق للرب في كل رضى مثمرين في كل عمل صالح، ونامين في معرفة الله" (كو 1: 10)، ولمقاومة أعمال الجسد (غل 5: 22، 23)، فالأعمال الصالحة هي أعمال الإيمان (1 تس 1: 3؛ 2 تس 1: 11)، لأنه "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب 11: 6).
والخلاصة هي أن المؤمنين خلصوا ليعملوا أعمالًا صالحة، ولكنهم لم يعملوا أعمالًا صالحة ليخلصوا. وقد أوصى الرب يسوع المسيح تلاميذه أن يعملوا أعمالًا صالحة أمام الناس "لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت 5: 16). وقد قيل عن "طابيثا" (أي غزالة) إنها "كانت ممتلئة أعمالًا صالحة" (أع 9: 36؛ انظر أيضًا تي 2: 7). "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أف 2: 8، 9)، "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (في 2: 13).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/zzm679f