حرصت الأناجيل على تأكيد العلاقة بين الرب يسوع المسيح وداود، فكثيرًا ما نقرأ في الأناجيل -وبخاصة في إنجيل متى- عبارة "ابن داود" للدلالة على الرب يسوع، لإثبات أن فيه تتم كل نبوات العهد القديم عن مملكة داود التي ستدوم إلى الأبد. فالموضوع الرئيسي في الأناجيل هو أن يسوع هو الذي فيه تتم كل عهود ومواعيد الله لداود، بأن أقيم بعدك نسلك... واثبت مملكته... ويأمن بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيك يكون ثابتًا إلى الأبد" (2صم 7: 12-16؛ انظر مت 1: 1؛ 9: 27؛ 12: 23؛ مرقس 10: 48؛ 12: 35؛ لو 18: 38، 39؛ 10: 41). ويعلن كل من مرقس ويوحنا أن قادة اليهود -في أيام حياة يسوع على الأرض -كانوا ينتظرون المسيح من نسل داود (يو 7: 42؛ مرقس 11: 10).
ويستهل متى البشير الإنجيل بذكر نسب المسيح، فيسرد بالتفصيل الأجيال المتعاقبة، ليثبت أن يسوع المسيح جاء من نسل داود (مت 1)، ويقول عن يوسف أنه "رجل مريم" أم يسوع، وأنه "ابن داود" (مت 1: 16، 20).
كما أن لوقا يؤكد نفس الشيء، فيقول عن يوسف أنه "رجل من بيت داود اسمه يوسف، واسم العذراء مريم" (لو 1: 27)، ويقول أيضًا: "وصعد يوسف... إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته" (لو 2: 4).
هناك فرق في مدلول هذه العبارة في العهد الجديد عنه في العهد القديم، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فمدينة داود في العهد القديم تشير على الدوام إلى أورشليم (أي صهيون)، أما في العهد الجديد فتشير إلى "بيت لحم" (لو 2: 4، 11؛ يو 7: 42).
والمفهوم الأهم في العهد الجديد ليس هو أن المسيح هو الذي تتم فيه جميع مواعيد الله وعهوده لداود فحسب، بل ما قاله الرب يسوع للفريسيين بأن المسيح مع أنه ابن داود ووارثه، فإنه حتى في العهد القديم هو أعظم من داود لأنه ابن الله ورب داود, وقد حرصت الأناجيل الثلاثة الأولى على تسجيل هذه الحقيقة (مت 22: 45؛ مرقس 12: 35، 37؛ لو 20: 41، 44).
يشير الرب يسوع إلى داود في موضعين، مرة لكي يدلل على حق تلاميذه في قطف سنابل الفريك وأكلها في يوم السبت، بما فعله داود "حين جاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة ..." (مت 12: 1-4؛ انظر 1صم 21: 4-6).
والمرة الثانية في حديثه عن داود بأنه كتب المزمور بالروح القدس (مت 22: 43... إلخ).
نستخلص من ذلك أن الهدف مِن ذِكر داود في الأناجيل إنما هو لإثبات إتمام كل مواعيد الله لداود من جهة الملكوت في يسوع المسيح.
هذه الحقيقة التي بدت في الأناجيل، نراها تزداد وضوحًا عند الكنيسة الأولى، فيوضح الرسولان بطرس وبولس أن النبوات عن داود لم تتم في داود نفسه، ولكنها تمت في يسوع المسيح، وقد شددوا على ذلك -وبخاصة- فيما يتعلق بالقيامة (أع 2: 29، 34؛ 13: 36). وعندما وقف الرسول بولس في أنطاكية بيسيدة يخاطب اليهود في المجمع، تكلم عن داود بأنه كان رجلًا حسب قلب الرب، ولكن في يسوع المسيح وحده، الذي "أقامه (الله) من الأموات فهو غير عتيد أن يعود أيضًا إلى فساد" تتحقق "مراحم داود الصادقة" (أع 13: 16-34).
يذكر لوقا مرتين في سفر الأعمال أن داود كتب المزامير بوحي من الروح القدس (أع 1: 16؛ 4: 25).
يقتبس يعقوب من (نبوة عاموس 9: 11، 12) ما قاله عن "خيمة داود الساقطة" وإعادة بنائها، في إشارة إلى افتقاد الله الأمم، فالأمم لهم نصيب كامل في مملكة داود كما أنبأ عاموس (أع 15: 16 - 18).
يتكرر القول في الرسائل بأن المسيح "من نسل داود من جهة الجسد" (رو 1: 3؛ 2تي 2: 8). كما يذكر داود مرارًا، مرة في الكلام عن غفران الخطايا، وتطويب داود "الذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم" (رو 4: 6، 7؛ انظر مز 32: 1، 2). كما يذكر اسم داود بين أبطال الإيمان في العهد القديم (عب 11: 32). كما ينسب المزموران التاسع والستون والخامس والتسعون صراحة لداود (رو 11: 9؛ عب 4: 7).
(1) يذكر المسيح كالوريث لداود، فهو الذي له مفتاح داود الذي يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح" (رؤ 3: 7).
(2) هو أصل وذرية داود (رؤ 5: 5؛ 22: 16)، فسفر الرؤيا يقرر بوضوح ما جاء في الأناجيل والرسائل من أن يسوع هو الذي فيه تتم كل مواعيد الله لداود، فهو نسل داود الأزلي الأبدي الذي فيه تتحقق كل مواعيد الله وعهوده الخاصةب كرسي داود.
* انظر أيضًا: أخيتوفل، هدد عزر، أبيجايل زوجته، المزمار، بثشبع، شفطيا ابنه، عجلة زوجته، يثرعام ابنه، شمعي ابن جيرا، أليآب أخو داود الأكبر، أبيناداب أخو داود، ناثان ابن داود، آساف المرنم، كتاب بين أبيجايل الكرملية وداود الملك - كتاب داود النبي والملك - كتاب داود الملك التائب من مكتبة الأنبا بيشوي المطران.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/kgp758t