تأمل على الأسبوع الأول من الصوم الكبير (+ الأحد) | تأمل على الأسبوع الثاني من الصوم الكبير (+ الأربعاء - الخميس - الجمعة) | تأمل على الأسبوع الثالث من الصوم الكبير | تأمل على الأسبوع الرابع من الصوم الكبير | تأمل على الأسبوع الخامس من الصوم الكبير | تأمل على الأسبوع السادس من الصوم الكبير | تأمل على الأسبوع السابع من الصوم الكبير
التجربة في الطريق : الجهاد طبيعة
كل إنسان يريد أن يحصل على شيء ثمين. الحرب تكون ثقيلة عندما يكون المقصود
منها الحرب لذاتها. ولكن إذا كان الهدف منها النمو الروحي والثبات في الله
فهي حرب لذيذة. والحرب لذيذة لأن النصرة أكيدة لأن الرب
يسوع انتصر لي ، وأنا به أنتصر . هي حرب
مع عدو شرس سبق أن غلبه الرب. حارب المسيح بالأكل، وحاربه بالكبرياء قائلًا
ارم نفسك عن جناح الهيكل، وأخيرًا حاربه بترك
الصليب ونهج الطريق السهل
قائلًا: أعطيك ممالك الأرض كلها إن خررت وسجدت لي بدل أن تملك على قلوب
البشر بالصليب... ارم صليبك وتعلم الميوعة في الحياة... ولكن ربنا
انتصر لنا .
اليوم
الكنيسة في حالة حرب... وهذه
ملامحها، مثلًا ماذا يغيظ الشيطان أكثر من
الصوم؟ "هذا الجنس لا يخرج
إلاَّ بالصلاة والصوم"، هل تعلم أن جميع كنائس الغرب تقريبًا أهملت
الصوم مع مواظبتها على الاجتماعات... ويوجد طبعات للكتاب المقدس الآن غيرت
كلمة " يصوم " بكلمة " يمتنع عن الأكل ".
الشيطان أيضًا يدخل طرق العالم في الكنيسة، محبة المال، اللف والدوران
تحت اسم الحكمة، والغاية تبرر الوسيلة، والكذب الأبيض... ثم يدخل العالم
البيت وبدل أن يسمع الطفل صوت الترتيل والعبادة يسمع التليفزيون ويرى الصور
الخليعة وأيضًا تأثير الشارع والمدرسة... البنت المسيحية محاصرة في وسط
إغراءات العالم... وتسمع في كل مكان عن مغامرات الشر. وترى المجلات .
الحق أن أولادنا في جب الأسود... جب الأسود أرحم... لكن دانيال
سد أفواه الأسود بالصوم والصلاة... إنها حرب عنيفة لا يمكن ضمان سلامتنا في
الرحلة إلاَّ بالصوم والصلاة مع الإيمان. ربنا قال لأرميا النبي:
"طوفوا في شوارع أورشليم... " هل تجدون إنسانًا أو يوجد عامل
بالعدل، طالب الحق فأصفح عنها" (أر 5: 1). لو أن واحد يصوم صومًا
حقيقيًا ويبذل ذاته ربنا ينقذ الكنيسة كلها. لو أن واحد يكرس حياته في صمت
وبذل يخزى الشيطان.
توجد حرب في كل مكان- في العائلة
القبطية، أولادنا في الجامعة- توجد
حرب الإلحاد - والانحراف الخلقي - الإيمان
يتزعزع... تأثير المادة، طلب الهجرة من أجل المال- من كثرة الإثم تفتر محبة
الكنيسة. لعل إبن الإنسان عندما يجئ يحد الإيمان على الأرض... الكنيسة اليوم
محاصرة بحرب عالمية. ويوجد كنائس في الغرب انهزمت وسلمت للعالم. نحن في الصوم
نعمل عملية تعبئة عامة... والموضوع في أيدينا لأن أسلحتنا قادرة
بالمسيح يسوع على هدم حصون، وإخضاع كل فكر لطاعة المسيح.
فالصوم الكبير هو
تعبئة عامة لمعركة كبيرة النصرة فها أكيدة، الرب يسوع معنا وقد انتصر لنا.
لا يمكن أن نصطلح في هذه المعركة ولكن لا بد أن ننتصر... والمسيح مذبوح
أمامنا على المذبح لكي يعلن لنا أن الجهاد ينبغي أن يكون للدم، وأن النصر ؟ بالدم.
هذا هو إنجيل الأحد الثاني: إنها تجربة التشكيك في أبوة
الله لنا
"إن كنت ابن الله- لماذا يتركك جائعًا؟ ولماذا يسمح الله بالمرض
وبالفشل وبموت أحبائنا".
تدريب : علينا أن نختبر هذا الأسبوع أن يكون إيماننا في محبة الآب الذي بذل
ابنه عنا- أن يكون إيمانًا فوق مستوى التجارب والانفعالات إيمان بالآب
يعطينا حصانة أمام تجارب العدو وضيقات العالم وآلام وشهوات الجسد.
الأحد الثاني هو أحد التجربة بحسب ما رتب آباء الكنيسة وفيه يقرأ
إنجيل
التجربة على الجبل، لما صام المسيح عنا أربعين نهارًا وأربعين ليلة
وقد أورد الإنجيليون مار متى ومار لوقا عينات من هذه التجارب تجربة الخبز
وتجربة مجد العالم وتجربة إلقاء المسيح نفسه من على جناح الهيكل وقد صرعه
المسيح في كل تجاربه وكسر شوكته عنا واستخلص لنا بصومه المقدس نصرة على جميع
سهام الشرير الملتهبة نارًا.
ولكن إنجيل العشية بحسب ما كتبه القديس مرقس البشير قد اختزل تجربة
المسيح وأوردها في آية واحدة "أن الروح أخرجه إلى البرية ليجرب من إبليس
أربعين يومًا وكان مع الوحوش وكانت الملائكة تخدمه".
وإذ أحجم مارمرقس عن أن يدخلنا إلى تفاصيل التجارب وطبيعتها وهو يكتب
بالروح القدس فهذا معناه أن الأمر يفوق حدود العقل والإدراك البشري، فالعدو
رئيس هذا العالم هو روح الظلمة الكذاب وأبو الكذاب المعاند والمقاوم لله،
شرس غاية الشراسة وقد كان من البدء قتالًا للناس. فبأي كيفية حارب القدوس
وإلى أي مدى كانت هذه الحرب وتلك التجارب وما هي طبيعتها وما هي أعماقها،
فهذه أمور تعلو إدراكنا وتتجاوز معرفتنا الضعيفة.
ولكن لأن المسيح صام عنا ومن أجلنا، ولم يفعل شيئًا إلا لحسابنا فبكل
تأكيد أن ما خرج به المسيح منتصرًا على كل تجارب العدو كان لحسابنا بل أعطاه
المسيح لنا وأجزل لنا العطاء. ونحن نقترب إلى سجله
مارمرقس تلمس فيه نصيبنا
لأن المسيح وهو متحد بطبيعتنا البشرية، صام بها وحارب بها وانتصر بها
لحسابنا ومن أجلنا.
فأعلم أنه قد تسجل لنا هذا ميراثًا في المسيح، وقد ت م. هذا بعد
المعمودية مباشرة حين جاء صوت الآب من السماء شاهدًا "هذا هو ابني
الحبيب الذي به سررت"، وحين حل الروح عليه بهيئة جسمية كاملة بشكل
حمامة. فصار فيما بعد أن الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله.
فبدءًا
بمعموديتنا حين ينادي أننا صرنا أولاد الله وحين نقبل نعمة
البنوة إذ نتحد مع المسيح بشبه موته وننال نعمة الروح المعزي الحال فينا
والساكن فينا حينئذ يتسلم الروح القدس قيادتنا.
فالذي يُقتاد بروح الله فقد ختم أن الله أبوه وهو ابن الله، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
الروح هو
الذي يرشد إلى جميع الحق، يعلم وينصح ويعزي ويشفع فينا بأنات لا ينطق بها
ويأخذ مما للمسيح ويعطينا ويذكرنا بكل ما قاله السيد، وهو يبكت العالم على
خطية وعلى بر وعلى دينونة، ويفحص كل شيء حتى أعماق الله.
فإن كان الإنسان ينقاد بالروح في العمل والكلام ويسلك بالروح ولا يطفئ الروح ولا يحزن الروح، ويكون مراضيًا للروح مادام في طريق الحياة يسلك. يصير الإنسان محمولًا منقادًا بروح الله وحسبما يسير الروح يسير.
ويتقدم المجرب لأن التجارب في حياة أولاد الله حتمية ولا مفر لأن العدو
متربص ويوم أن ننحاز إلى المسيح فقد أعلنا الحرب عليه. إن بداية معموديتنا
أننا جحدنا الشيطان وكل قواته الشريرة وكل نجاساته وكل حيله الردية والمضلة.
فبعد أن خرج الشعب مع موسى من أرض العبودية واعتمدوا جميعهم في البحر
الأحمر صارت الحرب مع عماليق. فالحرب بعد أن استعلن المسيح ابن الله بصوت
الآب وحلول الروح صارت الحرب والتجارب وانتصب المجرب للصراع.
• إذن
التجربة نتيجة طبيعية لالتصاقنا بالمسيح واتحادنا معه ودخولنا إلى شركة معه
وفيه بالروح القدس.
• لم تخل
حياة أحد من القديسين على مر العصور من التجارب، فتش في حياة القديسين
جميعًا، هل خلت حياة أحدهم من التجارب؟ "جميع الذين يريدون أن يعيشوا
بالتقوى في المسيح يضطهدون".
فالرسل الأطهار كم قاسوا من التجارب والتشريد والحبس والسجون
الاضطهادات والضيقات والأحزان... شيء مهول ولكن في هذه جميعها يعظم انتصارنا
بالذي أحبنا.
وهكذا الشهداء والأبرار الصديقين والنساء سكان البراري ورجال الإيمان
والآباء، كم قاسوا
وحملوا
الصليب وتجربوا وطافوا معتازين مذلين مكروهين من
العالم مجربين.
ولكن الذي يحلو لنا أن نتفكر فيه أن النصرة في المسيح وبالمسيح شيء
أكيد لا يقرب منه الشك.
فالمسيح سحق الشيطان وأذل فخره، ورجع الشيطان مكسورًا مهانًا مذلولًا
خائبًا. فالتمسك بالمسيح والحياة فيه، يزكي فينا الشعور بالنصرة ووعد المسيح
قائم أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو الشرير.
وهكذا ندرك أنه مهما طالت التجارب وتنوعت ومهما بدا أن الشيطان متقوٍ
علينا ولكن الغلبة النهائية هي لحساب المسيح. وما بناه الشيطان في سنين
وسنين يهدمه المسيح بكلمة، لأن ابن الله قد جاء لكي ينقض أعمال إبليس.
وهكذا يدخل أبناء الله التجارب وهم حاملون للنصرة في داخلهم كتلميذ
يدخل الامتحان ونتيجة الامتحان والفوز في جيبه. "ثقوا أنا قد غلبت
العالم"، "وخرج غالبًا ولكي يغلب". وهذا الشعور في القديسين
هو الذي قادهم إلى الاتضاع الحقيقي، لأنهم أدركوا أن النصرة ليست بقوتهم ولا
بذراع البشر، ولا اعتمدوا على عملهم ولا على قدرتهم بل على الله وحده. فكان
إذا انتصروا على الشيطان وأذلوا فخره، كانوا يزدادون اتضاعًا وإنكارًا
لذواتهم ويزدادون ثقة في الذي يقويهم "أستطيع كل شيء في المسيح الذي
يقويني"، "أنا ما أنا ولكن نعمة الله التي معي".
في الواقع أن المسيح استعاد لنا صورتنا الأولى ومجدنا الأول وأعادنا
إلى الفردوس حيث كانت الوحوش أليفة صديقة للإنسان من غير أذى... فلما سقطنا
من رتبتنا صارت العداوة واستعلن الطبع الوحشي في حيوانات البرية. فإن كان
بالفعل قد استؤنست الوحوش وخضعت للقديسين في المسيح، مثل ما نرى في
أيقونة مارمرقس وكيف أن الأسد تحت رجليه،
والقديس بولس الرسول نفض وحش الثعبان في
النار ولم يتأذ بشيء،
والقديس برسوم العريان عاش مع ثعبان كبير
والبابا زخارياس لما أُلقي للسباع لم تؤذه مثل دانيال في جب الأسود.
هذا هو زمن المسيح يرعى الأسد مع الخروف... وهذا هو قول المسيح
"أرسلكم كحملان في وسط ذئاب".
في المسيح يسوع، وفي صوم المسيح عنا، تذلل الطبع الوحشي. على أن ليس
المسيحي هو الذي يخضع وحوش الأرض مثل مروّضي الوحوش بل هناك في إنساننا
العتيق ما يماثل الوحوش في طباعها مثل الغضب والاحتداد والعنف والانتقام
والشراسة والمكر والخبث ومحبة الزنى والأنانية... كلها طباع حيوانية وحشية.
ويمكننا بالمسيح وبشركة صومه أن نصير مع الوحوش بغير أذى. لقد تذلل الطبع
الوحشي، فلم تعد هذه الطبائع الوحشية تسود علينا، بل على العكس صرنا بالروح
نُميت أعمال الجسد ونخضع أجسادنا ونستعبدها كقول الرسول.
صوم المسيح أدخلنا إلى هذه الشركة الروحية مع الملائكة... صارت
الملائكة بالنسبة لنا أرواحًا خادمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص.
صحبة الملائكة في الصوم هي الحياة السماوية بكل ما تعني. كأن الإنسان
الصائم مع المسيح برغم التجارب الكائنة يشعر أنه يحيا حياة ملائكية سماوية.
ويحيا معانا من القوات السماوية، مثلما أعلن الملاك إيليا النبي حينما صام
أربعين نهارًا فقد أيقظه من نومه وأطعمه، فسار بقوة هذه الأكلة أربعين
يومًا.
إنها أسرار مخفية عن الحكماء ولكنها تعلن للبسطاء وأنقياء القلب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d6qcta3