سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة روحية وعامة
أولًا، مبروك مقدمًا على النتيجة، وبإذن الله وبمجهودك تكون نتيجة توافِق توقعاتك أو تزيد عليها(*)..
الوقت هو الحياة، فما هي حياتك إلا بضعة سنين، أيام، ساعات، دقائق، ثواني. والشيء الوحيد الذي من المستحيل استرجاعه هو الوقت، والوقت الذي يمضي دون الاستفادة منه هو وقت ضائع. لذلك كلما ارتفعت درجة وعي وفكر الإنسان كلما أدرك قيمة وقته. ومن يحسن إدارة وقته يرتقي بمستوى حياته كلها. والله هو الذي منح لنا هذه الحياة فهو أب حنون يمنحك في كل يوم جديد مصروفك الذي هو 24 ساعة كاملة، عليك أن تستغلها أفضل استغلال مستعينًا بالله الذي وهبك هذا الوقت وهذه الحياة (1).
1. من المهم أن تحدد عدد ساعات معين للنوم حسب طبيعة جسمك. وفي المرحلة الثانوية يجب ألا يقل عدد ساعات النوم عن 8 ساعات.
2. في آخر كل يوم حَدِّد ما يجب عليك القيام به في اليوم التالي على ألا يزيد ما تحدده عن 6 أشياء. ومن ضمن هذه الأشياء الستة شيء واحد يخصك أنت وتسعد بالقيام به، تمارسه في وقت راحتك.. (مثل قراءة جزء صغير من الكتاب المقدس، القراءة في كتاب روحي أعجبك، الاستماع إلى ترنيمة أو عظة قصيرة، سماع موسيقى، ممارسة أي هواية تحبها، المشي، قراءة كتاب..) المهم أن تفعل أي شيء يخصك وتسعد بعمله. واحرص على ألا تحدد لنفسك أشياءً للإنجاز أكثر من طاقتك الفعلية (2).
3. حاول الالتزام التام بما حددته في جدولك.
4. في آخر كل يوم راجع نفسك فيما أنجزته فعلًا وما لم يسعفك الوقت لإنجازه وحاول أن تتعرف على الأسباب التي منعتك من أداء ما خطته لنفسك.
5. احذر سارقي الوقت (الكمبيوتر - الانترنت - التليفزيون - الموبايل - الأصدقاء...).
6. الوقت المُضاعف (الوقت المزدوج): مارس ما يُسمى "الوقت المُضاعف أو المزدوج"؛ أي أن تقوم بعمل شيئين في نفس الوقت.. فمثلًا أثناء جلوسك في المواصلات، يمكن قراءة درس وتحضيره، أو ترديد مزمور، أو الاستماع لعظة، أو ترديد صلاة تكون حفظتها.. إلخ.
ابتعد عن المشغوليات التي ليس لها أولوية، وتستطيع أن تعملها في أي وقت لاحق بخلاف وقت المذاكرة..
لا ترتبط بمشاريع في الخدمة بالكنيسة ولا مشروعات تجارية (إن كنت قد بدأت العمل بالفعل في فترات الصيف)، حتى تقوم بتركيز وقتك وتفكيرك ومجهودك في الدراسة.. فمن ناحية الخدمة، لا أقصد أن تبتعد عنها -إن كنت تخدم بالفعل- وتستطيع توفيق وقتك، ولكني أقصد ألا ترتبط بمشروعات خدمية طويلة الأجل تستغرق وقتًا ومجهودًا مسبقًا في التحضير (وذلك وقت الدراسة بالفعل)، مثل التحضير لحفل نصف العام أو نهاية السنة، أو الانشغال ببروفات مسرحية دينية، إلى غير ذلك من الأنشطة التي تستهلك الوقت..
لا تَقُمْ حتى بالتخطيط لما سوف تفعله بعد الامتحانات من ذهاب إلى أماكن معينة، أو قضاء الصيف في مكان معين أو ماذا ستفعل هناك، أو التجهيز لمشروع تجاري خلال فترة الصيف.. أو السفر خارج البلاد.. إلى غير ذلك من الأمور.. حيث أنه من المنطقي أن يذهب فِكرك إلى مثل هذه الأمور، ولكن ما سيحدث هو أنك ستنجذب إلى الاسترسال في مثل هذه الأفكار، وستأخذ حيزًا من وقتك وتفكيرك، وستقفز إلى ذهنك من آن لآخر.. أفضل شيء في مثل هذه الأمور هو الاحتفاظ بورقة على المكتب أو في درج به، تكتب بها عناوين هذه الأفكار، حتى تستطيع أن تدرسها بهدوء لاحقًا في أي وقت غير وقت الدراسة والمذاكرة..
حاول أن تبتعد عن المشاكل العائلية والتوتر والقلق، سواء بينك وبين إخوتك أو المقيمين معك في المنزل أو والديك.. وحاول أن تأخذ الأمور ببساطة أكثر بدون تعقيد، وانسلخ بعيدًا عن أي مشاحنات قد تحدث، ولا تشغل تفكيرك بها.. بنفس الطريقة التي لا تشغل تفكيرك بها وقت الصيف!
فالأمور البسيطة قد تبدو كبيرة في فترات المذاكرة، لأن أي شيء سيكون جذابًا لك أكثر من المذاكرة! حتى الأمور الدينية التي قد تستثقلها في وقت آخر، ستجد نفسك منجذبًا لها وقت الدراسة لتبتعد عن المذاكرة ليس إلا..!
وفي كل الأحوال إن كنت في المرحلة الثانوية كما أخبرنا السائل هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت، فابتعد كل البُعد عن الدخول في مغامرات عاطفية، سواء في خيالك، أو واقعيًا مع أي شخص من الجنس الآخر تعرفه من المدرسة أو الكنيسة أو المنطقة المحيطة بك أو الأسرة أو الحب من خلال الإنترنت إلى غير ذلك.. فإن كنا نقول بعدم جواز مثل هذه الأمور للشباب وقت المرحلة الجامعية إن كانت العلاقة بلا مستقبل، وبلا ارتباط جاد، وبلا فرصة للارتباط الفعلي خلال أو بعد مرحلة الجامعة مباشرة.. وذلك بسبب الظروف المادية، أو كون العلاقة هي علاقة عاطفية مرحلية وليست علاقة حب حقيقي.. فإن كنا نقول بأن مثل هذه العلاقات وقت الجامعة غير مقبولة، فمن الأولى أن نقولها وقت المرحلة الثانوية، والتي هي من بدايات مرحلة المراهقة والتغيرات الجسمانية والذهنية الكبيرة، والتي يكون فيها الإنسان ما زال في طور النمو الذهني والانفعالي والجسدي، فهي واقِعيًّا لا تَصْلُح لإقامة علاقة عاطفية سليمة..
من الطريف أن الإنسان أحيانًا لا يفكر في الصلاة نهائيًا إلا عندما تنتهي الأجازة الصيفية ويبدأ وقت الالتزام الدراسي، فيبدأ في التفكير في كيفية تحديد وقت للصلاة، وأين يضع الصلاة في جدوله.. إلخ. في حين أنه في أوقات الفراغ قد لا يفكر في الصلاة مطلقًا، وقد يتذكرها ولكنه يتكاسل ولا يصلي. أي لا تكون الصلاة في جدول الصيف والفسح والكلام والتليفزيون والكمبيوتر والإنترنت وخلافه..!
لا تفهمني خطأ، بالطبع الصلاة هامة بل ضرورية ومطلوبة دائمًا، كما قال لنا الرب يسوع "بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا" (إنجيل يوحنا 15: 5)، ولكني أقصد أنه يجب أن يكون الاهتمام بالصلاة اهتمامًا حقيقيًا، وليس هروبًا من الدراسة أو المذاكرة أو أي التزام.
على أي الأحوال، دعنا نكون عمليين وندخل في الموضوع مباشرة بدون الخوض في مقدمات طويلة.. وها هي بعض النقاط أو النصائح الإرشادية في هذا الأمر (الجانب الروحي)، نضعها لك هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.. ولكن ينبغي المتابعة مع أب الاعتراف أو المرشد الروحي فيما هو أنسب لك حسب وضعك وظروفك وحالتك الروحية:
عندما تستيقظ، وقبل أن تقوم من سريرك، ارفع قلبك لله واشكره على هذا اليوم الجديد والجميل، وقل آيات مفعمة بالأمل مثل: "هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعُهُ الرَّبُّ، نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فِيهِ" (سفر المزامير 118: 24)، أو "إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي" (سفر نحميا 2: 20).. اطلب من الرب أن يشترك معك في العمل طوال اليوم، وأن يجعل كل عمل تقوم به لمجد أسمه القدوس.
يُفَضَّل أن تستيقظ في وقت مبكر عن موعدك بعشر دقائق لا غير؛ حتى تستطيع قراءة جزء من صلاة الأجبية مثل: مقدمة الصلاة من الأجبية مع مزمور ثم القطع والختام، وهذا قد يستغرق منك من 8-10 دقائق.. سواء أكانت صلاة باكر أو صلاة الساعة الثالثة.
وإن لم تستطع بإمكانك أن تصلي مزمورًا مما تحفظه قبل النزول..
نفس الوضع في نهاية اليوم، عندما تصلي صلاة النوم..
هناك بخلاف ذلك صلوات سهمية سريعة، تستطيع أن تصليها وقت الراحة، أو وأنت ذاهب للدروس أو في الشارع أو بين الحصص وخلافه..
بخلاف هذا هناك صلوات مكتوبة أيضًا من الممكن أن تصليها وقت الدراسة: صلاة قبل المذاكرة، صلاة بعد المذاكرة..
خَصِّص وقتًا معينًا أثناء اليوم لقراءة أصحاح من الكتاب المقدس، ومن الأفضل أن يكون في نصف الجدول، أو حسب ظروفك، وليس في المقدمة .. ويُفَضَّل أن توزِّع أوقات الصلاة وقراءة الكتاب على اليوم؛ بحيث تتخلَّل أوقات المذاكرة، حتى تستمد من الله قوتك خلال اليوم كله من ناحية، ومن ناحية أخرى لكي لا تجد نفسك منقادًا إليها على حساب الدراسة والمذاكرة، وحينها تكون الصلاة ليس بسبب الهدف الروحي نفسه، بل بهدف تطويل وقت البُعد عن المذاكرة..! ومن الأفضل كذلك عدم دراسة سفر معين بصورة تفصيلية من ناحية قراءة تفسير أو متابعة أحداث أو غيره، وقراءة أسفار عامة مثل الأسفار الشعرية (سفر المزامير - سفر الأمثال - سفر الحكمة - سفر يشوع ابن سيراخ.. إلخ.)، (وآخر سِفْران هما من الأسفار القانونية الثانية، وهي أسفار رائعة الجمال إن لم تكن قد قرأت فيها بعد).. أو قراءة الرسائل (البولس والكاثوليكون)..
وفي إطار الجدول العام قم بتحديد موعد لحضور صلاة القداس الإلهي والتناول من الأسرار المقدسة.. مرة كل أسبوع أو كل أسبوعان أو حسب ظروفك.. على الأقل مرة واحدة خلال الشهر..
قم بحضور القنديل العام السنوي الذي يتم عمله يوم جمعة ختام الصوم بالكنيسة..
أو حتى تطلب من الأب الكاهن أن يأتي لك في المنزل مرة كل تيرم term لعمل صلاة قنديل في البيت ومباركته..
بإمكانك كذلك تحديد شفيع لكل مادة تدرسها.. أي قديس تتشفع به عند مذاكرة كل مادة.. وقد يكون القديس له علاقة بالموضوع من جهة أو أخرى.. فمثلًا:
شفيع المواد العلمية - شفيع المواد التاريخية - شفيع المواد الجغرافية - شفيع مواد اللغات - شفيع المواد الأدبية - شفيع المواد الفنية - شفيع مواد الفلسفة والمنطق - شفيع مواد الرياضيات - شفيع عام للمذاكرة والدراسة
فإن كانت موادًا عِلمية من أحياء وكيمياء وفيزياء وطب وفلك وخلافه، فمن الممكن أن تختار من القديسين الأطباء (الدكاترة) القديس قلتة الطبيب، أو الشهيد بطلان الطبيب، أو الشهيدان الطبيبان دميان وقزمان..
وإن كانت مادة تاريخية فممكن أن تتشفع بقديسين مثل القديس جيروم أو القديس يوحنا كاسيان..
وإن كانت مادة الجغرافيا قهناك الآباء السواح مثل الأنبا كاراس السائح، والقديس أبونفر السائح وغيرهم..
وإن كانت مادة من مواد اللغات (العربية والإنجليزية والفرنسية وغيرها..)، فمن الممكن أن تتشفع بقديسين من المبشرين مثل القديسة فيرينا، أو القديس بولس الرسول، أو داود النبي الأديب والمرنم والشاعر..
وإن كانت مادة أدبية، فبخلاف القديس داود النبي، هناك القديس يوحنا ذهبي الفم، والقديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين وزعيم الأدب القبطي، وقداسة البابا كيرلس عمود الدين..
أما إذا كانت مادة فنية فعندك القديس لوقا الإنجيلي الرسام (وقد كان طبيبًا كذلك)، أو القديس سينسيوس الرسام وهاوي الفلك..
وإن كنت ستقدم على دراسة في الفنون من تمثيل ومسرح وخلافه هناك الشهيد جينيسيوس المهرج (البهلوان)..
وإن كانت مادة في الفلسفة والمنطق عندك بخلاف فيلسوف المسيحية بولس الرسول، يوجد القديس يوستينوس الفيلسوف، والقديس أغسطينوس، وقداسة البابا أثناسيوس الرسولي..
وإن كانت مادة في الرياضيات (الجبر، الهندسة، الحساب، التفاضل، التكامل..)، فلديك قداسة البابا ديمتريوس الكرام واضع حساب الأبقطي..
ومن الممكن وضع شفيع عام للمذاكرة مثل قداسة البابا كيرلس السادس الذي يسمونه "شفيع الطلبة"، أو الأم تماف إيريني، أو مارمينا العجائبي، أو قداسة البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح والتعليم.. أو تجرب القديس الأنبا تكلاهيمانوت كذلك (إن لم تختبره قبلًا)! وهو شفيع موقعنا هذا..
وهناك قديسين كثيرين آخرين قد تختبرهم، مثل: الأنبا توماس السائح - القديس مار تيطس.. إلخ.
إلى غير ذلك من القديسين والمواد.. وتستطيع أن تراسلنا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت من خلال هذا الرابط بأسماء شفعاء لمواد معينة تعرفهم أو اختبرتهم لإضافتهم للقائمة..
وهي فرصة كذلك لتتعرف على سيرة كل قديس منهم، أو لتتعرف على قديسين جُدد، ليس فقط القديسين المشهورين منهم..
من الممكن أن ترسم علامة الصليب على أول صفحة في الكتاب لمباركته..
أو حتى تضع صليبًا في كل صفحة تبدأ في مذاكرتها، أو تنتهي منها..
ومن المفيد أيضًا أن تعتاد رشم علامة الصليب على نفسك وعلى الأوراق والكتب التي أمامك عند البدء في المذاكرة كل يوم.. أو عند البدء في مذاكرة كل مادة..
قبل بداية الامتحانات الشهرية أو كل تيرم أو امتحانات نهاية العام، قم بتلاوة صلاة أبانا الذي في السماوات قبل امتحان كل مادة..
وبالطبع قم برشم علامة الصليب المقدسة (بيدك وليس بالقلم بالطبع) على ورقة الإجابة في الامتحانات..
وكل ما سبق وما ذكرناه هنا في موقع الأنبا تكلا ينطبق على أي نوع من أنواع الدراسة بالطبع، ليس فقط المرحلة الثانوية، بل أي مرحلة أخرى من المراحل الإعدادية أو الجامعية وخلافه.. وربما نضع لاحقًا في الموقع إن أردتم بعض المقالات عن أيام الامتحانات والدراسة وغيرها.. ولا تنسى أن كل هذه مجرد كلمات في الهواء إن لم تَتَّبِع بعضًا مما فيها حسبما يناسب ظروفك الشخصية وحياتك.. فالحكمة مُلقاة على الرصيف، أو كما يقول الكتاب "اَلْحِكْمَةُ تُنَادِي فِي الْخَارِجِ. فِي الشَّوَارِعِ تُعْطِي صَوْتَهَا" (سفر الأمثال 1: 20)، فهي متاحة للجميع، ولكن العِبرة هي في الاستفادة منها، واستغلال المعرفة بها استغلالًا حسنًا، والسير في طريقها.. وليس فقط حِفظ كلمات فارغة.. فالكلمات تكون فارغة حقًا إن كانت بلا فِعل.. وشفاعة القديسين لن تفيدك إن لم تنظم وقتك جيدًا وقت الدراسة، ولا تهمل وزنة الوقت..
وليكن الرب معك ويوفقك، ويبارك في وقتك وحياتك..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org (+ م. غ.) - مراجعة لغوية: سامي فانوس.↑ (1): عن مقدمة كتاب تقديس الحاضر - الأنبا مكاريوس الأسقف العام
↑ (2): عن فكرة للدكتور ميلاد موسي، خبير التنمية البشرية بهولندا، ومُعِد ومقدم برنامج "بكرة احلي" علي قناة أغابي (حلقة في مايو 2011 تقريبًا)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5faqn36