سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة عن الشباب والأسرة
الأخ العزيز جدًا في الرب،
أولًا نشكرك على رسالتك وكلامك الجميل عن موقع الأنبا تكلا(*).. تستطيع أن تساعدنا فيه بأفكار ومقترحاتك ومساهماتك.. وسيشرفنا ذلك..
أما حول موضوع الرسالة.. فنحن نأسف لمثل هذه المشكلة.. هي مشكلة صعبة حقًا، ونحن نتفهَّم مقدار ما تعانيه من محاربات نفسية.. نعم لا نستطيع أن ندّعي أننا نشعر بما تشعر به، ولكننا نتفهَّم ضغط الخطية، ومحارباتها، وتأثيرها على جنبات الحياة..
لقد تحدثنا سابقًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في مقالات بقسم أسئلة الشباب والأسرة عن هذا الموضوع (الشذوذ الجنسي)، أدعوك لتصفح تلك المقالات (أرقام 3، 7).. فلا داعي لتكرار نفس الكلام من وجهة النظر الكتابية والتأمل في أسباب هذا الموضوع.. اذهب لتلك المقالات للاستزادة..
وهناك بعض الملاحظات على الرسالة وما جاء فيها.. (مع العلم للقراء الآخرين أننا قمنا باستقطاع أجزاء من الرسالة وتركنا الأمور العامة دون التفاصيل، مع توضيح أن سائل السؤال لم يقم بعلاقات جنسية كاملة مع أطراف أخرى):
- بخصوص موضوع المرة الثانية وصلاتك مع هذا الشخص لطلب التوبة وخلافه.. هو أمر جيد بالطبع، ولكن و مجرد لعبة من الشيطان لكي يجعل العلاقة مع هذا الطرف علاقة عادية أو يوجد جزء يقلل من تأنيب الضمير حول الأمر.. حتى يكون هناك مجالًا للحديث أو للمقابلات العامة معه.. فالأفضل هو قطع كل علاقة معه بمحبة -إن كانت ما تزال موجودة- كما يقول الكتاب: "أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟! وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟!" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 6: 14).
- الملاحظة الثانية، هي قولك انك تصلي لله لكي يغفر وتشعر بالغفران إلى غير ذلك.. بالطبع الصلاة هامة، والارتباط بالله دائمًا يقلل حدة ضغط الخطية.. ولكن النصيحة التي ننصحها لك هي أن تقوم بالاعتراف بهذا الأمر لأحد الآباء الكهنة.. أعرف أن الموضوع صعب، ولكن تستطيع أن تعترف لأي كاهن لا يعرفك بهذا الأمر.. فقط حاول أن تختار كاهن متفتح تتوسم فيه الخبرة والحكمة.. أولًا لتتم سر الاعتراف بالخطية الذي تمارسه الكنيسة، ويُقرأ لك التحليل.. وثانيًا حتى تكون وضعت الأمر في يد الله بصورة أكثر جدية.. وعلى الجانب الآخر، لا تتوقع من الكاهن الكثير، أقصد لا تضع آمالًا عظمى بالتغيير لمجرد قيامك بالاعتراف.. أو لا تتوقع منه إرشادًا يحوِّل حياتك.. لئلا تُصاب بالإحباط حينما قد لا تجد ذلك.. ولكن فقط قم بعمل ما عليك بإتمام السر..
- نقطة أخرى هي موضوع إمكانية التأثير على مَنْ هم أصغر منك.. أرجوك رجاء هام جدًا ألا تقوم بهذا الأمر، ولا تضعه ولو حتى كاحتمال أو كفكرة عابرة.. تخيَّل معي أنك بإمكانك أن تدمر حياة إنسان بهذا الأمر، وتؤثر في مستقبله، وتتلاعَب في نفسيته طوال حياته.. الكتاب يقول: وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!" (إنجيل متى 18: 7؛ إنجيل لوقا 17: 1).. لا تجعل دمًا بريئًا على يديك طوال حياتك.. الله سيُحاسبه على خطيته نعم، ولكن حسابك أنت الذي فتحت أمامه طريقًا مظلمًا كهذا سيكون أكبر.. لا أحاول التأثير عليك من جهة العقاب.. ولكن إن كنت أنت تعاني مثل هذه المعاناة.. فكيف تضع مثل هذا النير على شخص آخر وتحطم حياته وتتسبَّب في معاناته كما تعاني.. لا يا أخي العزيز..
- موضوع الخدمة بين الفتيان والشباب هذا ربما لا يكون هو أنسب الطرق بالنسبة لك.. نعم ربما تكون لديك إمكانيات جيدة للتواصل مع الآخرين، أو لتفهم مشاكلهم بصورة أكبر.. ولكن ما الفائدة التي ستحصل عليها إن ساعدت كثيرين وتسببت في مشاكل ومحاربات لذاتك! ليس الأمر فقط في موضوع النظرة الخاطئة، بل فيما تسببه النظرة، وفي تراكم النظرات والأفكار.. وفيما يترتب عليها من اختمار للشهوة إلى غير ذلك...
ربما يكون موضوع الخدمة بين الفتيان هذا هو مجرد حرب أخرى من الشيطان، فلا أحد يستطيع أن يقول لك أن الخدمة خطأ، أو الدعوة للمسيح غير مقبولة.. ولكن ما قد يترتب على الأمر بالنسبة لك أنت هو ما يكون غير مقبول.. "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (إنجيل متى 16: 26؛ إنجيل مرقس 8: 36؛ إنجيل لوقا 9: 25). ربما يفيدك أيضًا أن تسأل في هذا الأمر أب الاعتراف الذي ستخبره بالموضوع وتأخذ رأيه.. فلا تعتمد على ما قلناه فقط، فهو مجرد رأي لك للتفكير.. وأنت أدرى بالأمر.. ولكن لا تتجاهل هذه النقطة كأنها لم تكن، لأنك أنت نفسك تشعر بالأمر، وفقط تريد أحد أن يخبرك ماذا تفعل.. فكن حكيمًا يا صديقي..
وحول سؤالك هل ستدخل السماء، بالطبع ستدخل إن جاهدت بصورة مقبولة مسيحيًا.. وتنمي حياتك الروحية قبل أن تسعى في تنمية آخرين.. وتعرف كيف تتعامل مع هذه الأفكار، فلا تتعدى حيز الفكر، إلى أن تنمو فتستطيع أن تسيطر على الفكر نفسه.. كتاب الله يقول: "أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 6: 9). هناك الكثيرين من الخطاة بكل أنواع الخطايا، ولكن كما يقول أحد الآباء: "التوبة تجعل الزناة بتوليين" (قول للقديس الشيخ الروحاني)، أي كأنهم لم يخطئوا أصلًا.. فلا تضع أسوارًا بينك وبين الله.. وعلى الجانب الآخر لا تتهاون بأن الله يقبل الخطاة، فهو يقبل الجميع بشرط الإيمان والتوبة والنقاوة..
أمر آخر أود أن أخبرك به، بأنك ما تزال شابًا يافعًا، والأمر -بالرغم من بدايته منذ فترة- مازال مبكرًا معك.. فلا تستمر في الأفكار أو الأخطاء الخاصة أو العامة أو الاعتماد على مصادر للخطية من إنترنت أو أفلام أو غيره.. فلا تُنمي الأمر في داخلك، بل اعمل على تضييق الخِناق عليه حتى تقل حدته مع الوقت ولا تزيد.. فأنت ما تزال في بداية حياتك.. حاول وحاول ثم حاول مرة أخرى ولا تيأس أبدًا..
أخيرًا، لا تقول "لا أعرف كيف أتغير".. ولا تضع سدودًا قبل أن تبدأ في المحاولة.. إن الشخص عندما يحل عليه مرض جسدي يأخذ دواءً، أو يذهب لطبيب على دراية بالأمر ليستشيره.. حاول أن تذهب إلى طبيب نفسي على دراية بموضوع "الجنسية المثلية" هذا، وهناك الآن كثيرين، وخاصة في القاهرة إن كنت منها.. حيث أن الإرشاد النفسي في مثل هذا الأمر هام.. فلا تضيع الفرصة عليك وأنت في بداية حياتك.. ولا تنتظر وقتًا طويلًا.. بل تشجَّع واتصل تليفونيًا بعيادة الدكتور وقم بتحديد موعد، واذهب لتبدأ مجموعة لقاءات لتتفهم الأمر وأسبابه وجذوره وكيفية التعامل معه.. فحياتك هامة جدًا، لك، ولنا، ولله..
ليكن الرب معك في حياتك وليرشدك إلى الصالح.. وصلي لأجلنا كما أنك في صلواتنا..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fqw7jp4