لما فتح العرب مصر وجدوا بها نظما قامت منذ أقدم الأزمنة ونمت وترعرعت في خلال العصور المختلفة، فقضت عليهم الحنكة السياسية ألا يمسوا تلك الأنظمة، بل أبقوا عليها كما فعل الرومان من قبلهم عندما كانوا يحتلون بلاد راقية في نظمها متقدمة في حضارتها. واكتفى العرب بشغل بعض المناصب الرئيسية، ليشرفوا على الإدارة بوجه عام. كان الخليفة يعين في مصر واليًا يمثله. ويقال للوالي أيضًا
"أمير مصر" وللدار التي يقيم فيها والى مصر "دار الإِمارة".ونجد في أوراق البردي اليونانية اسم آخر للوالي هو سيمبولس وكان الوالي يؤم المسلمين في المسجد الجامع في صلاة الجمع والأعياد بوصفه نائبا عن الخليفة ولذا يطلق عليه "أمير الصلاة"، ويقال عن ولايته ولاية الصلاة، وإذ كان المسلمين يعتبرون أن إمامة الصلاة مما يختص به الخلفاء، ويطلقون على الخليفة لفظ "الإمام"، كانت إمامة الوالي في الصلاة نيابة عن الخليفة تدل على عظم سلطة الوالي وعلى رئاسته العليا السياسية في الدولة. ولم يكن الوالي مسئولًا أمام أحد عن عمله إلا أمام الخليفة.
وكان يجمع أحيانا إلى سلطته إدارة المالية المعبر عنها بالخراج مما يجعل له مُطْلَق التصرُّف في الدولة، وأحيانا يسند الخليفة عمل الخراج إلى شخص آخر مسئولا أمام الخليفة مباشرة لا أمام الوالي، وكان هذا يحد سلطة الوالي كثيرًا إذ يصبح عاجزًا عن التصرف في الأمور المالية كما يشاء. ولذا كان لعامل الخراج أهمية كبيرة، وكثيرًا ما يكون منافسًا للوالي مع أن الوالي هو رئيس الولاية بالنيابة عن الخليفة.
وكان بيد الوالي أيضًا الحرب أي الرئاسة على الجيش في الولاية...... فوالى مصر كان يشرف على شئون الحامية الموجودة في مصر وكان يقود بنفسه الجيش في الحملات التأمينية لمصر أو لصد الأعداء عنها أو يرسل من يقوده نيابة عنه.
وللوالي أيضًا الإشراف على الشرطة، وكان مقرها مدينة الفسطاط التي بناها عمرو بن العاص... وكان الوالي هو الذي يعين صاحب الشرطة كما ورد في المصادر القديمة مثل كتاب القضاة للكندي وكتاب النجوم الزاهرة لأبي المحاسن وفي حالات نادرة جدًا كان الخليفة هو الذي يعين صاحب الشرطة، وهذا كان بمثابة نائب للوالي يؤم الناس في الصلاة إذا مرض الوالي، ويحكم الولاية إذا خرج الوالي من مقر ولايته. ولذا نجد أن صاحب الشرطة كثيرًا ما يعينه الخليفة واليًا على البلاد إذا ما عُزِلَ الوالي أو مات أو تنحّى عن أمور الولاية.... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كان أصحاب الشرطة يهتمون بنشر الفضيلة والمحافظة على الأخلاق.
ومن الوظائف الرئيسية الهامة في تلك الفترة أيضًا وظيفة صاحب البريد ولم تكن تلك الوظيفة قائمة في عهد الخلفاء الراشدين، إنما بدأتها الدولة الأموية ثم تقدم نظام البريد في عهد الدولة العباسية.
كانت مصر بعد الفتح مباشرة مقسمة إداريا إلى قسمين رئيسين مصر العليا ومصر السفلى.. وهذان القسمان الرئيسيان كانا مقسمين إلى أقسام أو كور، ويُقال أنه كان بها ثمانون كورة وهذه كانت مقسمة إلى قرى. ولفظ كورة مشتق من الاسم اليوناني XWPA كورة التي لم تكن شيئًا أخر سوى الأقاليم المعروفة في العهد البيزنطي باسم بجارشي PAGARCHIE أي أن العرب احتفظوا بنظم البيزنطيين الإدارية وكان على رأس الكورة "صاحب الكورة" وهذا اللقب ترجمة مضبوطة للفظ اليوناني بجاركوس TTAYAQNOS فنجد مثلا قرة بن شريك والى مصر زمن الوليد بن عبد الملك [90-96 ه.] يرسل كتابا إلى سبيل صاحب أشقوه......
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8js7f6g