"وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك3:1). ولإكمال ترتيبات الله للخلق كان لا بُد له قبل أن يخلق الكائنات الحية أن يهيئ لها ما يعطيها الحياة؛ إذ أنه لا بُد من النور قبل الحياة من أجل استمرارية الحياة. فكان لا بُد للضوء الذي يمثل مصدرًا للطاقة المتنوعة...
* تلك الطاقة التي تبخر المياه وتحركها من موضع لآخر، من موضع مُغطى بالمياه (كالبحار) لتنتقل على هيئة سحب إلى مواضع بلا ماء فتُمطِرها بمائها.
* تلك الطاقة التي تبعث الدفء الضروري للحفاظ على الحياة.
* تلك الطاقة المبخرة لمياه النتح transpiration من على سطح النباتات، فتتحرك العصارة الحاملة للحياة من التربة إلى الجذور فالساق ثم الأوراق فالثمار، لتحل محل المياه التي تبخرت، تاركة العصارة المركزة، لتستفيد منها كل أجزاء النبات، بل وتتبخر المياه على سطح النبات ملطفة له حافظة حياته من الجفاف.
التي تعمل وحدها على استمرارية الحياة من خلال تأثيرها الفعال في عملية التمثيل الضوئي (الكلوروفيللي) Chlorophyll في النبات، والتي بها يتكون الأكسوجين الذي نستنشقه، فلو لم يكن الضوء لانتهى الأكسجين في الجو متحولًا إلى المركبات الكربونية المختلفة وبخار الماء، وبالتالي لانتهت الحياة التي تعتمد أساسًا على الأكسجين.
ولكن العجيب أن نرى الفلاسفة ينادون، والعلماء ويعلمون أن مصدر الضوء هو الشمس... ولكن، كيف يتحدث موسي النبي عن الضوء في اليوم الأول؟! في حين أنه لم يخطئ، ولم يتأثر بعلوم عصره أو علوم المصريين؟!
وبعد مرور قرون عديدة يتقدم العلم، ويتأكد صدق كلام موسي النبي، فيتأكد لما وجود الوحي الإلهي وراء ما كتبه... بالدراسة المتأنية نرى أن نور اليوم الأول يرجع إلى نور الشمس التي لم تكن قد اكتمل نموها، ولم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها الخالية، حيث كانت سديمًا مبعثرًا ضعيف الضوء. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). بالإضافة للضوء القادم من النجوم والسدم الأخرى المنتشرة في الفضاء.
والنور في أليوم الأول كان باهتًا ضعيفًا، إلا أنه كان كافيًا لحياة الكائنات الأولية التي خلقها الله بعدئذ، وكان كافيًا لتجديد القليل من الأكسجين الذي تستنفذه تلك الكائنات في التنفس.
حقًا لو كان موسى من نفسه يكتب محكمًا عقله معتمدًا على علمه، متعلمًا من فلاسفة عصره، لأخطأ الترتيب، وكان قد تحدث عن نجم الشمس قبل حديثه عن ضوء اليوم الأول.
وفي قول موسى النبي: "وقال الله ليكن نور"، لم يقل خلق الله أو عمل الله، بل "ليكن نور"، فلم يكن كلام الله متعلقًا بمصدر النور، بل بما يحجب النور الموجود بالفعل على الأرض، وكأنه يصدر أمرًا بأن تبرد الأرض ليتكثف البخار فيدخل النور إلى الأرض.
وفصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهارًا والظلمة دعاها ليلًا".
هنا يتحدث الكتاب المقدس عن تعاقب النور والظلمة – النهار والليل، ولكن كيف يحدث هذا والشمس لم توجد بعد؟! فهل أخطأ موسى؟! بالطبع لا... فالعلم يوضح صحة كلام موسى النبي، عندما كشف أن تعاقب النور والظلمة مرتبط بأمرين:
الأمر الأول: دروان الأرض حول نفسها. وهذه الظاهرة وجدت مع وجود الأرض من البداية.
الأمر الثاني: مركز الجاذبية الذي تدور حوله الأرض والذي تدور أمامه حول نفسها. وحيث أن هذا المركز لم يتغير ككيان، وإن كان قد تغير كهيئة وكشكل، فهو يتغير كليًا، ولكن تغير جزئيًا، بوصوله إلى الشكل والحجم والقوة التي وصل إليها في اليوم الرابع كشمس.
من هذا نرى أن تعاقب الليل والنهار كان طبيعيًا منذ اليوم الأول، وكل ما تغير فقط هو قوة الإضاءة أثناء النهار، لتغير مصدر الضوء وقدرته وقوته.
ويختتم موسى النبي حديثه عن اليوم الأول بتلك العبارة البسيطة القوية، التي تتوافق أيضًا مع العلم تمامًا.
فتحدث أولًا عن المساء، لأن الظلمة كانت أولًا بسبب الأبخرة التي كانت تعلو الأرض، وتحجب عنها الضوء الخارجي، وبانقشاعها كان للنور أن يدخل إلى الأرض.
فهرس أيام الخلق الستة * مقدمة:
العصور وعلم الجيولوجيا -
محاولات
التوفيق بين مفهوم اليوم وحقبات التاريخ -
مفهوم
اليوم في الكتاب المقدس |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/px5wd8s