ان هذه الرسالة مع مقدمة الناشر تعطي صورة بارعة للمقاومة ومحاربة الشيطان. فالقديس أنبا شنودة يخاطب الشيطان في قوة هكذا:
"أيها الشيطان أنت مخرب ولكنك لا تستطيع شيئًا ضد الساهرين، ولا حتى في نومهم حينما تأتي في خيالات الأحلام آخذا شكلا ليس شكلك متشبهًا بملاك...".
إن الساهرين يعرفونك لأن الملائكة يتكلمون في داخلنا وليس خارجًا.
انك دودة ماصة للدماء ولكنها لا تشرب إلا الدم الذي يروق لها...
انك مفترس ولكنك لا تستطيع أن تلتهم إلا الشباعي.
انك ثعبان ولكن بقوة السيد المسيح يتطهر الأمناء من سمك بل يسحقون رأسك ويقطعونك ويهلكونك فلا يمكن أن يخشى أحدهم جثة ميتة...
أسلحتك مثل أعضائك قد هدمها السيد المسيح وليس لك سلطان إلا السلطان الذي يعطيه لك الناس أنفسهم.
أنت اذن لست إلا عبد هارب وأسلحتك خادعة، انها أكاذيب وظلمات وكل الخطايا...
أما أسلحة الأمناء فهي الطهارة والعدل.
تجاربك أيها العدو ليس لها سلطان إلا بالمشاركة الإرادية للناس المجربين، والأمراض التي ترسلها اليهم لا تصلهم إلا بسماح من الله.
إني أهاجمك أيها الشيطان ولا تستطيع أن تفعل شيئًا بينما يستطيع ملاك أن يُهلك.
أنت لا تسقط إلا الذين يريدون السقوط ولا يعرفون رحمة الله.
ليس لك سلطان إلا على الهدم ولا سلطان لك على الإيداع.
إن الرجل الذي يخاف الله والذي يجرب بالمرض يجد في مرضه ذاته ما يمدح به السيد المسيح الذي هو عضو فيه.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن القديس أنبا شنودة يعالج موضوعًا له أهمية كبيرة عند الرهبان خاصة والعلمانيين عامة، وهو يتفق تمامًا مع طريقته إذ يهاجم الشيطان مواجهة بأقواله المقدسة.
ولسنا في حاجة إلى أن نذكر المكان الذي تحتله مهاجمة الشيطان في كتب الأديرة والكتب المتعلقة بها... فقد كان للأرواح الجهنمية تأثير على المؤمنين البسطاء، وليس من شك أن هذا التأثير كان قد اختلط مع عقائد الديانة المصرية في الوجه البحري حيث كان للآلهة الجهنمية اثر كبير، ولم يكن هناك بد أن يزول هذا الخوف -خوف المؤمنين من القوة الشيطانية- وكان ذلك في مصر أَحْرَى به من البلاد الأخرى لأنه كان له اثر سيء سواء على انتشار الديانة المسيحية أو على العمل بها.
ويقول العلامة دي بورجيه P. Du Bourguet أيضًا ما ترجمته:-
" ان النظرية اللاهوتية التي يأخذ بها شنودة هي نظرية القديس بولس الرسول، فهو لا يستهين بشر الشيطان وينظر إلى موضوعه من نواحي وزوايا مختلفة. إن مساندة عمل الشيطان يمكن أن يفضي إلى هلاك كل البشر لكنه ليس له سلطان إلا على الأجساد، ولا سلطان له على الأرواح إلا بما تعطيه هذه الأرواح له، مهما يكن الشكل الذي يتخذه، لأن السيد المسيح الذي غلب الشيطان يحمي المؤمنين، وهم أعضاء في جسده المقدس ويمكنهم دائمًا التعرف على الشيطان ومقاومة تجاربه - حتى التجارب الجسدية أيضًا التي يستطيع أن يسلطها عليهم بإذن من الله تخدم صلاحهم وتقوى إيمانهم...
اننا نجد في هذه الرسالة مواضيع غزيرة تدرب الفكر... كأقواله عن الأحلام وعن الأفكار الرديئة... وبالأخص تغيير أشكال الشيطان الذي يدور الكلام حوله... وفي ذلك يرى P. Du Bourguet أن القديس أنبا شنودة يقدم في هذه الرسالة فلسفة واضحة جدًا وفي مجموعها مقدمة في عرض جيدًا جدًا(3)، انه يظهر كلاهوتي بارع وفريد في كثير من تعبيراته التي تتغذي دائمًا من القديس بولس والقديس أنطونيوس...
ان بعض الظواهر غير المعروفة عن شخصية أنبا شنودة تخرج إلى النور من خلال هذا... وبالتالي فإن الرؤى ولا سيما تلك التي يظهر فيها الشيطان لا تستلفت اهتمام القديس لأن الله وروحه وملائكته يتكلمون معنا في داخل أرواحنا.
القديس أنبا شنودة يظهر هنا كمرشد قوي للأرواح موهوب بذكاء فطري حاد، وكذلك يتمتع في نفس الوقت بحياة روحية عميقة.
ان هذه الرسالة مستند مهم عن نواح كثيرة عن التعليم الذي كان في ذلك العصر عند رهبان مصر، وفي نفس الوقت يلقي الأضواء على الحياة الداخلية والشخصية التي كانت لذلك القديس العظيم.
_____
(3) "Catéchése Christologique de Shenouti" 2. A. S.
80- 1955 ص 40-45.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/shenouda-vs-satan/publisher-s-introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/kq44z2p