الترف لذة وقتية زائلة.
إذا أردت أن تفحص قيمة الترف. تأمل قليلًا لتعلم، أليس غبارا؟ نعم، إنه يمضي وشيكًا بسرعة أكثر من الغبار، لأن لذة الترف تصل فقط إلى اللسان، أو تكون حينما تمتلئ البطن بالطعام.
ولن تكون الكرامة في ذاتها مبهجة وسارة إلا حينما تكون عن حرية اختيار وعن استعداد ذهني، ولست بحاصد لهذه الكرامة بسبب ثروتك.
قد يكرمك الناس لأجل كبير مع ما يعرفونه عنك أنك غير أهل لشيء من هذا، وإنما هم مضطرون إلى تكريمك من أجله. فهل هناك ما يجلب عليك تورطا أكبر من هذا. جعلت ثروتك سببًا للخزي لأنهم إنما يكرمونك بسبب مالك وبما تغدقه على أصحابك، أما في بواطنهم فيخفون الاحتقار والازدراء، وتقوم ثروتك برهانا على الضعف أكثر مما هي على القوة. أفلا يكون من السخف أن نحسب من ذوي المنزلة الرفيعة ونحن نكرم من أجل المال. الأفضل ألا نكرم بتاتا من أن نكرم بهذه الطريقة.
إن قال لك أحد إني أفتكر أنك لا تستحق كرامة البتة، لكن لأجل خدامك أكرمك، هل يكون هناك حرج أكثر من هذا، وان كان الإكرام لأجل الخدام، الذين هم شركاء معنا في الإنسانية بسبب المذمة، فكم نكون إذا كنا نكرم لأجل الحجارة، وأفنية المنازل، والأواني الذهبية والملابس؟ إن ذلك بالحقيقة ذلة وعار، وخير لنا ألا نكرم بهذه الطريقة. لأنه إذا وقعت في خطر بسبب كبرياءك وتلمست من وضيع أن ينقذك فهل هناك ما يملأ القلب غصصا أكثر من ذلك؟
ما هي معايير الكرامة؟ ترى هل أيدي الطباخين هي التي تجعلنا أهلًا للإكرام ونعترف لهم بالفضل والشكر إذ يقدمون لنا من اللحوم على المائدة؟ أم لصناع المعادن والحلوى ومعدي الموائد؟
إنك لن تجدي نفسًا مفعمة بالشهوات المفرطة مثل نفوس أولئك الراغبين في أن يصيروا أغنياء. هي تفاهة يصورونها لأنفسهم، أمسوا كرسامي الوحوش نصفها إنسان ونصفها حصان، أو لها رأس أسد وذيل ثعبان أو جسم عنزة تلفظ نارا من أفواهها، أو الكائنات التي لها أقدام التنانين...
ولو أردنا أن نأتي بصورة لشهوة واحدة من شهواتهم مع كون هذه الصورة لا يمكن أن تظهر شيئًا البتة من القبح بجانب ما يتصورون، ففي نفوسهم صورة لكل حيوان مفترس...
وان قوما وصلوا إلى هذه الحد من الترف ويتمنون لو أن كل شيء أصبح لهم، وإخوانهم المخلوقون على صورة الله يهلكون من البرد والجوع ويسرون إذ يرون غيرهم يعانون الفاقة وهم في النعيم مقيمون، فأي صفح من الله هؤلاء يرتجون؟!
المجد لك أيها المسيح، كم من الخيرات أغدقت علينا؟ لقد اعتنيت بنا وحررتنا من الجهالة وقصور الإدراك...
ويقول القديس: إني أنذركم سلفًا، إني لا أنصح بعد بل آمر، وليطع من شاء، وان استمر النساء في عدم الاحتشام فلن أقبل ولن أسمح لهن أن يعبرن هذه العتبة، لأنه ما حاجتي إلى جمهور من السقماء، لا يقبل التعاليم؟ إني أمنعهن لأن القديس بولس ينهى عن زينة النساء.
يقول: "وكذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن" (1 تي 2: 9).
والى الشباب أزجى النصح وعن المخالفين لن أرضَى.
الرسل لم يكونوا سوى اثني عشر رسولًا، واسمعه ما قاله السيد المسيح لهم "ألعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا" (يوحنا 6: 67).
إننا إذا أسرفنا دائمًا في إطرائكم، فمتى نصلحكم؟ أو متى نخدمكم؟ لكن يقول قائل: "هناك طوائف أخرى واليها الناس يذهبون". إن هذا الرد غير مقبول لأن واحدًا يفعل مشيئة الرب أفضل من عشرة آلاف من المخالفين، فماذا تختار لنفسك؟ أيكون لك عشرة آلاف تابع من الهاربين واللصوص، أم واحد يحبك.
إني أنصحكم وآمركم أن تحطموا تلك الزينات وتسلكوا بخوف الله...
من شاء فليتركني في الحال، ومن شاء فليتهمني، فلن أحتمل المخالفة وإني مزمع أن أحاكم لدى محكمة المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أنتم تقفون بعيدًا، بينما أنا أعطى الحساب كما يقول القديس بولس أيضًا: "إني إذا جئت أيضًا لا أشفق" (2كو 13: 2).
لكن إن فعلتم كما يجب حينئذ تعلمون كم يكون الربح عظيمًا والامتياز كبيرًا. إني أرجوكم وأتوسل إليكم، ولا أرفض أن أعانقكم إن أطعتم... كم من فقراء يقفون حول الكنيسة لهم أولاد كثيرون، ومنكم الأغنياء لا يخففون عنهم ثقل الحياة - الواحد يجوع والآخر يسكر (1 كو 11: 21) واحد يمتلئ حتى يتخم من مختلف أنواع الأطعمة وآخر ليس له حتى الخبز!!
لنترك طرفنا الشرير، ولنحيا لمجد الله فنخلص من العقاب في العالم الآخر، وننال الخيرات الموعودة للذين يحبونه وله المجد إلى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/mercy/luxury.html
تقصير الرابط:
tak.la/4y86dwc