ولذلك نقول في صلاة الليل "توبي يا نفسي ما دمت في الأرض ساكنة... انهضي من رقاد الكسل، وتضرعي إلى المخلص بالتوبة قائلة: اللهم ارحمني وخلصني"، "أعطني يا رب ينابيع دموع كثيرة، كما أعطيت في القديم للمرأة الخاطئة... واجعلني مستحقًا أن أبل قدميك اللتين اعتقتاني من طريق الضلالة... وأقتني لي عمرًا نقيًا بالتوبة"، "أنعم لنفسي المسكينة بتخشع، قبل أن يأتي الانقضاء وخلصني"، "ربما أن الديان حاضرًا اهتمي يا نفسي وتيقظي..".
إن صلاة الليل، كما وضعها الكنيسة، حث على التوبة.
يصليها الإنسان، فيتخشع أمام الله، ويعرف أهمية السهر الروحي على خلاص نفسه، بالاستعداد، بالتوبة والاعتراف والدموع، والدوام في ذلك... حتى إن كان متغافلًا يصحو إلى نفسه. وبسهر جسده في الصلاة، يقتنى سهر الروح... وماذا عن كيفية الاستعداد؟ نقتنيه بالتوبة وأيضًا:
الإنسان الساهر يجاهد بكل قوته ليقاوم كل قُوَى الشر، كما قال بطرس الرسول "اصحوا واسهروا لأن إبليس عدوكم يجول كأسد زائر... فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط 5: 8، 9).
هذه المقاومة للشيطان، تمثل الجهاد الروحي، الذي هو عنصر أساسي من عناصر السهر الروحي. وهذا الجهاد ليس سلبيًا، إنما له إيجابيته بالعمل الصالح...
لذلك نذكر أنفسنا في بدء صلاة الليل ببداية المزمور الكبير "طوباهم الذين يفحصون عن شهاداته ومن كل قلوبهم يطلبونه "لكي ندرك في سهرنا أنه يجب أن نكون بلا عيب في طريق الرب، ونهتم بناموسه ووصاياه... حينئذ لا تخزَى.
فالمصلى يقول للرب في صلاة الليل "لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي، لهلكت حينئذ في مذلتي" (مز 119). نعم إن شريعتك تعلمني السهر "مصباح لرجلي كلامك، نور لسبيلي"، "أخفيت أقوالك في قلبي لكي لا أخطئ إليك"، "ذكرت في الليل اسمك يا رب، وحفظت شريعتك" (مز 119).
وكما أن الأحقاء الممنطقة تعني الاستعداد للعمل وللسفر كذلك المصابيح الموقدة، تعني الاستنارة الروحية الدائمة...
الإنسان الساهر على خلاص نفسه هو إنسان له هذه الاستنارة، يرى ما هو النافع لخلاصه وما هو الضار. فهو حكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في ظلام (جا 2: 14).
والنور الذي في الإنسان الروحي الساهر، كما يصلح لخلاصه يصلح للآخرين أيضًا... هو مصباح موقد، يوضع على المنارة ليضئ لكل من في البيت (مت 5: 15).
والمصباح يوقد بالزيت. وهذا الزيت كان سر نجاح الحياة الروحية للخمس العذارى الحكميات، وهن مثال للسهر الروحي السليم (مت 25)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فإلى أي شيء يرمز الزيت؟
الزيت في مصباح الساهر يرمز إلى الروح القدس وعمله...
ورموز الزيت للروح القدس، أمر واضح جدًا في الكتاب المقدس. وكان يمثل المسحة المقدسة التي يحل بها الروح القدس، كما في مسح الملوك، وفي مسح الكهنة في العهد القديم. وكما في سر مسحة الميرون في العهد الجديد (1يو2: 20، 27).
والخمس العذارى الحكيمات الساهرات اللائي احتفظن بالزيت في آنيتهن، يرمزن إلى النفوس الساهرة على خلاصها التي تحتفظ بعمل الروح القدس فيها...
ولكن ما تفاصيل هذا السهر الروحي؟ وكيف يكون؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/vigil/how.html
تقصير الرابط:
tak.la/g5xf7s3