تحدثت معكم من قبل عن السلام. وأكلمك اليوم عن موضوع مرتبط بالسلام وهو موضوع الرجاء.
رجاؤنا في الله الذي يرعانا، ويعيننا ويحفظنا، وبذلك نحيا في سلام. ليس فقط في سلام، بل في فرح لأن الكتاب يقول "فرحين في الرجاء".
والرجاء من أعظم ثلاث فضائل قال عنها الرسول "الإيمان والرجاء والمحبة". وبهذا الرجاء يعيش الإنسان يتوقع خيرا باستمرار، الناس يقولون عنه متفاءل، لأنه يتوقع خيرا. ويتوقع الخير لتدخل الله في حياته. بمعنى أن الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا، لأننا أحيانًا تكون محبتنا لأنفسنا محبة ضارة، مرتبطة بشهوة تحطمها.
كذلك فإن الله يعرف ماهو الخير لنا أكثر مما نعرف نحن. فمن الجائز الذي تعرفه أنت هو عبارة عن معرفة محدودة، ولكن الله معرفته أكثر.
كنت على معرفة بشخص قال لي ذات مرة: أنا كنت مقدم على وظيفة وصليت أكثر من ألف أبانا الذي وبعد ذلك دبر لي الله وظيفة أخرى شعرت بأنه لو تحققت الأولى لكنت تعبت.
لكي نحيا في رجاء يجب أن نعرف أن حياتنا في يد الله وحده، وليست في أيدي الناس، وليست في أيدي الأحداث، وليست في يد الشيطان. وكذلك حياة العالم كله...
لذلك فالإنسان الذي له رجاء في الله، عنده رجاء أن الله سوف يدبر حياته أحسن تدبير. وأن حياته هي في يد الله المملؤة حنانا وعطفا وحنوا وشفقة.
لما تمر علينا ضيقة يجب أن يكون لنا رجاء في الله، وأن هذه الضيقة سوف تحل لأن الله قال "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم".
يكون لنا رجاء أن الله ينظر إلى الناس، وكل من له حمل ثقيل يقول له الرب تعال وأنا أريحك من هذا الحمل.
فالله يحل المشاكل ويحول الشر إلى خير.
أحيانًا يقول الناس في الرجاء أن الله سوف يعمل خيرا. ولكن هناك عبارة أعمق. وهي أن الله دائما يعمل الخير، وفيما أنت مضطرب وغضبان، يكون الله يعمل الخير وأنت لا تراه. فالله وإن كنت لا ترى عمله، ولكن يجب أن تؤمن أنه يعمل وإن كنت لا ترى. فالعيب في عيوننا التي لا تبصر، وليس في الله الذي لا يعمل.
تقول إن عندى رجاء إن الله سوف يستجيب في ما أطلب. ولكن هناك أكثر من ذلك بأنك دون أن تطلب سوف يعطيك الله ما تريده. فالله يعطى دون أن نطلب وفوق ما نطلب.
فالذي عنده رجاء في ربنا وثقة وإيمان به يعيش في سلام.
إذا كان حولك أعداء كثيرون. تذكر قول داود: "لا أخاف من ربوات الجموع المحيطين بي، القائمين على". حتى إن سرت في وادى ظل الموت، لا أخاف شرا لأني واثق وعندى رجاء بأن الله معي، وأن عصاه وعكازه هما يعزياننى.
نحن في الرجاء نثق بحكمة الله التي لا تدرك، ونؤمن بتدبيره الحكيم.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
نثق في الله من واقع تاريخه القديم معنا. لذلك ليتنا نتذكر الأمور الكثيرة التي ساعدنا الله فيها. وساعد الذين حولنا فيها. كما يقول المزمور "باركى يا نفسي الرب ولا تنسى كل حسناته". إذا تذكرت حسنات الله إليك في الماضي، يكون عندك رجاء أن تصير لك نفس الحسنات في المستقبل. وإحسانات للذين حولك. وإحسانات للبلد نفسها التي نسكنها.
يأتينا الرجاء أيضًا في معونة الله. إن قرأنا سير القديسين وما الذي فعله الله معهم، وكيف أمسك بحياتهم وقادهم بكل حنان وعطف كما ورد في الإصحاح الأول من سفر إرميا النبي "يحاربونك ولا يقدرون عليك لأني أنا معك يقول الرب لأنقذك". يكون لنا رجاء في الرب إن تأكدنا تمامًا أنه قادر على كل شيء، وغير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله. ونثق أن الله يفتح ولا أحد يغلق. فكل باب مغلق لا بُد أنه لدى الله مئات المفاتيح له. فالله عنده الماستر كي Master Key الذي يفتح كل الباب. فإن قابلك باب مغلق تقول إن ربنا هو الذي سيفتح، وتؤمن بذلك.
لنا رجاء في الله لأنه صانع الخيرات، أقصد الخيرات بالمفهوم الإلهي وليست بمفاهيمنا البشرية.
نثق بالله في مواعيده، وأنه كما قيل عنه في الكتاب "إنه يجول يصنع خيرًا" فالله كلم موسى وقال له: "أنا نظرت إلى مذلة شعبى" هذا الشعب الذي لم يكلمه، ولا قال له إني أريد مساعدة، ولكن الله في سمائه نظر إلى الناس التي تعيش في مذلة، دون أن يطلبوا.
ونثق أن الله ليس فقط يحمينا من أي خطر ظاهر، وإنما أيضًا من الأخطار التي لا نعرفها، ولكنها مكشوفة أمامه، لا تظن أن الله يستر عليك في أخطار أنت تعرفها فقط، ولكن هناك كثير من المشاكل كانت في الطريق إليك، ولكن الله أوقفها، وأنت لا تعرفها. لذلك نشكر الله على الخفيات التي لا نعرفها، والظاهرات التي نعرفها.
وإذا أتت إليك مشكلة لا تقف أمام الله وتفرض عليه حلولا معينة، فالله عنده حل لا يخطر لك على بال، وهو أفضل من كل الحلول التي تقترحها.
نحن يا أخوتى في الرجاء نثق في الرب ولذلك ننتظر. وليس ننتظر فقط لكي يرحمنا، ولكن المزمور يقول "أرنا يا رب رحمتك"؟ أنا أعرف أنك تعمل معنا رحمة، ولكن اكشفها لي لكي أرى.
كما كان أيام أليشع النبي كانت المدينة محاطة بجنود الأعداء، وأرسل الله ملائكة كثيرة. فوجد أليشع أن جيحزى خائف فقال أليشع "افتح يا رب عينى الغلام ليرى أن الذين معنا أكثر من الذين علينا. لذلك يقول الكتاب "أنتظر الرب تقو وليتشدد قلبك وأنتظر الرب" فلا تنتظر الرب وأنت خائف وفي حالة من الشك. تقو وليتشدد قلبك ولا تخف. فالكتاب يقول "وأما منتظرو الرب فيجدون قوة ويرفعون أجنحة كالنسور ويجرون ولا يتعبون ويمشون ولا يعيون".
هذا هو الرجاء الذي يجعلنا باستمرار واثقين في عمل الرب معنا. إن لم يكن لدينا هذا الرجاء فلنطلبه ونقول اعطنا يا رب هذه الطبيعة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/troubled/hope.html
تقصير الرابط:
tak.la/5m38ab7