أي يعتبرها سمينة، ينظر إليها فوق ما تستحق.
مهما كان ما تقدمه ضئيلًا في نظرك، أو في نظر الآخرين، فان الله يستسمنه، يقبله كأفضل ما يمكن أن يقدم، كما فعل بالنسبة إلى فلسي الأرملة، ودموع المرأة الخاطئة التي بللت قدميه، والعبارة المنسحقة التي قالتها المرأة الكنعانية. فمدح الرب كل هؤلاء أمام الجميع، واستسمن محرقاتهم.
ما أكثر تقدير الرب لأعمال أولاده، إذ يكبرها، ويكبرهم بسببها، هذا الذي يذكر حتى كأس الماء البارد الذي لا تعب فيه وكما يقول المثل العامي (بصلة المحب خروف) هكذا يفعل الله في معاملته لنا...
الله لا ينسى فقط عمل الخير الذي نعمله، وإنما أيضًا يمتدحه ويكبره ويعطيه قيمة. ما أعمق محبة الرب وحنوه.
تأكد أنه في اليوم الأخير، سيكون الله هو أكثر من يدافع عن أعمالك الطيبة، ويقدرها ويكبرها.
إذن، لا تفتخر باطلًا. ولا تذكر أعمالك الحسنة قدامه أو قدام الناس. بل انسها لكي يذكرها لك الله. إن الله سيذكر لك في يوم شدتك وفي اليوم الأخير كل ما تنساه من أعمال خير قمت بها.
إن الله يستسمن ما قدمته له الكنيسة من أمثلة بشرية:
*أنظروا يونان مثلًا:
اعتبره الله نبيًا عظيمًا، وجعل سفرًا من الكتاب المقدس باسمه... مع أن يونان خالف الرب، وهرب إلى ترشيش، وأصابت السفينة أهوال بسببه. وحزن حتى الموت لما خلص أهل نينوى بمناداته، لان كلمته عن انقلاب المدينة بعد أربعين يوما قد سقطت إلى الأرض ولم تنفذ. وقال: (موتي خير من حياتي) وعاتبه الرب قائلًا (هل اغتظت بالصواب؟!) (يون 4: 1-4).
ولكن الرب مع ذلك، امتدح هذا الكارز العظيم إن نينوى (قد تابت بمناداة يونان) واستسمن الرب مناداة يونان، التي قام بها بعد معصية وهروب، ولم يذكر له المعصية والهروب. ولما كان في بطن الحوت، صَلَّى فاستجاب له.
* وأيوب الصديق:
كم استسمن الرب هذه المحرقة، وقال عنه مرتين انه (ليس مثله في الأرض. رجل كامل ومستقيم) (أي 1: 8؛ 2:3).
ومع أن أيوب لعن يومه (أي 3) وعاتب الرب عتابا شديدا جدًا، لدرجة أنه قال له (فهمني لماذا تخاصمني؟ أحسن عندك أن تظلم..؟! في علمك أني لست مذنبًا، ولا منقذ من يدك كف عني، فأتبلج قليلًا) (أي 10: 2، 3، 7، 20). وقال (يكثر جروحي بلا سبب... وان كنت كاملا يستذنبني) (أي 9: 17، 20).
ومع ذلك فان الله يتخل عن مدحه لأيوب، لدرجة أنه بعد هذا العتاب كله وما هو أشد منه، قال لأصحاب أيوب الثلاثة (لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب. والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش، واذهبوا إلى عبدي أيوب يصلي من أجلكم، لأني أرفع وجهه لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم، لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب) (أي 42: 7-8).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
*يعقوب أبو الآباء:
على الرغم من أنه خدع أباه اسحق، وعلى الرغم من أنه رفض أن يعطي طعامًا لأخيه وهو جائع إلا إذا باعه بكوريته، وعلى الرغم من خوفه... إلا أن الرب كان يستسمن هذه المحرقة. وظهر ليعقوب أكثر من مرة، وباركه، ونصره، ومنحه الوعود، وجاء من نسله...
إن كان الله هكذا يوقر القديسين، فيجب أن نوقرهم نحن أيضًا.
ولا يجوز لنا أن نحتقر محرقات غيرنا، والله يستسمنها...
ليتنا نحترم كل عمل طيب، يقوم به أي إنسان، ونمتدحه ونشجعه، مهما كان هذا العمل يبدو ضئيلا. فهذه هي طريقة الله، الذي يستسمن المحرقات...
كان القديس الأنبا بيشوي يطوي الأيام صومًا. وفي إحدى المرات طوى واحدًا وعشرين يومًا. ورأى شابًا مبتدئًا في الرهبنة قد طوى يومًا واحدًا فقط، ومع ذلك لم يحتمل، وكان يسير وَرِجْلَاه ترتعشان. فسأل الله عنه فقال الرب (إن أجره مثلك تمامًا. لأنه لو كان قد نال نفس النعمة التي نلتها أنت، لاستطاع أن يصوم مثلك 21 يومًا). وهكذا استسمن الرب محرقة هذا الشاب المبتدئ، واعتبرها تماثل محرقات القديس العظيم الأنبا بيشوي.
ما أعجبه من إله طيب... يذكر جميع ذبائحك ويستسمن محرقاتك. وماذا أيضًا؟ يعطيك الرب حسب قلبك
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/the-lord-answer-you/accept-your-burnt-sacrifice.html
تقصير الرابط:
tak.la/s3xgs5g