مثال ذلك ضعف وصل إليه عن طريق الوراثة، سواء في جسده، أو في قواه العقلية.
وُلِد بصحة ضعيفة، أو في مستوى اجتماعي ضعيف، أو شاء الله له هذا، كما قال عن المولود أعمى "لا هذا أخطأ ولا أبواه، ولكن لتظهر أعمال الله فيه" (يو 9: 3).
ضعف الجسد قد يقاسي الإنسان الروحي منه أيضًا. وعن ذلك قال الرب لتلاميذ في بستان جثسيماني "أما الروح فنشيط. وأما الجسد فضعيف" (مت 26: 41). وقد يقف ضعف الجسد عائقًا أمام بعض الممارسات الروحية. وعلى الإنسان الروحي ألا يتضايق من هذا، إنما يعمل ما يستطيعه على قدر ما يحتمل جسده. المهم أن تكون روحه قوية وصالحة...
وهو من هذه الناحية ضعيف احتمال، يثور ويغضب بسرعة، ويحتاج إلى إنسان قوي ليحتمله... كما قال الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء" (رو 15: 1). وإذن الإنسان القوي هو الذي يستطيع أن يحتمل. أما الغضوب الذي يخطئ إلى غيره في غضبه، فهو الضعيف...
على أن هذا الغضوب يلزمه أن يعالج الضعف الذي فيه فيه، أعنى الغضب.
وذلك بأن يبعد عن أسباب الغضب، وعن المجاملات التي تجعله يقع في النرفزة يمارس تداريب روحية في البعد عن الغضب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. يقوى أعصابه من الناحية الجسدية. يتأنى في تصرفاته وفي ثورته، ويفكر في النتائج السيئة للغضب، قبل أن يغضب. يقرأ كثيرًا عن الودعاء والهادئين. ولا يترك نفسه إلى هذا الضعف. وليس مقبولا منه أن يقول "طبعي هكذا"! فالمفروض أن ينتصر على طبعه.
ضعيف في تنفيذ ما يريده من الخير، كما يقول الرسول بلسان هذا النوع "لست افعل الصالح الذي أريده، بل الشر الذي لست أريده، إياه افعل"، "حينما أريد ان أفعل الحسنى، أجد أن الشر حاضر عندي" (رو 7: 19، 21).
أو قد يكون هذا الإنسان، من طبعة التردد. فإرادته لا تستطيع أن تقرر ما ينبغي أن يفعله. وإن قرر شيئًا، لا يستطيع أن يثبت، تراوده أفكار أخرى.
على أن هناك تداريب كثيرة لتقوية أفراده. ومنها أن يستشير أبًا روحيًا موثوقًا به، وينفذ ولا يبطئ. ومنها تقوية الإرادة عن طريق الصوم، وعن طريق التغصب، وعن طريق الفهم السليم والاقتناع القوي. وإن كان خاضعا لعادة تسيطر عليه، يقاومها بكل قوته ولا يستسلم لها، لأن هذا الاستسلام يزيده ضعفًا على ضعف...
له إيمان نظري. ولكن هذا الإيمان من الناحية العملية يضعف. وإن تعرض لمشكله ينهار أمامها ويخاف. ويدل خوفه على ضعف إيمانه في الله الذي يحفظه ويحميه. وبينما الإنسان القوي لا يضعف مطلقًا، ولا ينهار ولا يخاف أمام المشاكل. لقد خاف بنو إسرائيل أمام البحر الأحمر بسبب ضعف إيمانهم. أما موسى النبي فلم يخف، بل كان إيمانه قويًّا، وأدخل القوة في نفوس هؤلاء الضعفاء الخائفين. وقال لهم "لا تخافوا. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم... الرب يقاتل عنكم، وأنتم تصمتون" (خر 14: 13، 14).
لذلك، حاول أن تقوى إيمانك...
اقرأ كثيرًا عن الأشخاص الذين لهم إيمان قوي... واقرأ عن تدخل الله في مشاكل ومتاعب أولاده، وعن آياته ومعجزاته. وأن طلبت من الله طلبًا، لا يضعف إيمانك أن تأخرت استجابة صلاتك. بل ثق أن الله لا بُد سيعمل، ولابد سيأتي لإنقاذك ولو في الأخير من الليل.
في إحدى المرات ضعف إيمان بطرس الرسول، وهو يمشي مع الرب فوق البحر لأنه نظر إلى الأمواج الشديدة، ولم ينظر إلى الرب، فخاف وصرخ. فأنقذه الرب ووبخه بقوله "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟" (مت 14: 31). وإن ضعف إيمانك، اصرخ إلى الرب مع ذلك الإنسان الذي قال:
"أؤمن يا رب، فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24).
ربما يوجد إنسان نفسيته ضعيفة، من النوع الذي يسميه الكتاب"، "صِغار النفوس"... يمكن أن يقلق بسرعة ويضطرب وينهار، ويشك. إنه لا يستطيع أن يحتمل، ويحتاج باستمرار إلى مَن يسنده. وقد يكون كبيرًا في السن، ولكن له نفسية الصغار. فما هو موقفنا من أمثال هذا النوع الضعيف؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spiritual/kinds.html
تقصير الرابط:
tak.la/a53bdqn