(8)
في الأجبية نطمئن بوعود الله فنفرح
لا شك أن وعود الله تملأ النفس بالاطمئنان، لأن وعود الله صادقة. والصلاة بالأجبية حافلة بهذه الوعود الإلهية: حينما يتذكرها الإنسان في صلاته، ينتعش قلبه بالرجاء ويفرح، كما قال الرسول "فرحين في الرجاء" (رو12: 12).
فما هي الوعود التي تطمئن المُصَلِّي، في صلاته بالأجبية؟
ففي صلاة باكر، يستمع المُصَلِّي في المزمور الثاني إلى قول الوحي الإلهي "الرب قال لي: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك. اسألني فأعطيك الأمم ميراثك..". ومع أن الآية نبوءة عن السيد المسيح، إلا أنها تعطي المُصَلِّي رجاء... وكذلك قوله عن الأعداء والمتآمرين "الساكن في السموات وبرجزه يرجفهم".
وفي المزمور 11 (12) يستمع إلى قول الوحي الإلهي أيضًا: "من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم -يقول الرب- أصنع الخلاص علانية".. إنها عبارة معزية، تملأ القلب بالرجاء في خلاص الرب، مهما كانت الضيقات محيطة.
وفي صلاة الساعة الثالثة، يجد مزامير كثيرة مملوءة بالوعود الإلهية، كلها تشجيع ورجاء، ومعونة واستجابة...
ومنها المزمور 19 (20) حيث يقول له الوحي الإلهي:
"يستجيب لك الرب في يوم شدتك، ينصرك اسم إله يعقوب".
"يرسل لك عونًا من قدسه، ومن صهيون ويعضدك".
"يذكر جميع ذبائحك، ويستسمن محرقاتك".
"يعطيك الرب حسب قلبك، ويتمم كل مشورتك".
"يكمل الرب كل سؤالك".. إلى أن يقول:
"الآن علمت أن الرب خلص مسيحه، واستجاب له من سماء قدسه بجبروت خلاص يمينه".
"هؤلاء بمركبات، وهؤلاء بخيل، ونحن باسم الرب إلهنا ننمو".
"هم عثروا وسقطوا. ونحن قمنا واستقمنا".
أني أنصح كل مُصَلِّي أن يتلوا هذا المزمور في ضيقاته.
وأنصح كل أب كاهن أن يتلوه على رؤوس أبنائه في ضيقاتهم.
 |
في صلاة الساعة الثالثة نجد أيضًا المزمور33 (34) حافلًا بالكثير من وعود الله وتشجيعاته، ففيه مما يطمئن المُصَلِّي:
"يعسكر ملاك الرب حول كل خائفيه وينجيهم".
"الذين يتقونه لا يعوزهم شيء"، "الذين يبتغون الرب، لا يعدمون خيرًا".
"إن عيني الرب على الصديقين، وأذنيه مصغيتين إلى طلبتهم". "قريب هو الرب من المنسحقي القلب، ويخلص المتواضعين بالروح".
كثيرة هي أحزان الصديقين، ومن جميعها ينجيهم الرب".
"يحفظ الرب جميع عظامهم، وواحدة منها لا تنكسر". "الرب ينقذ نفوس عبيده، ولا يندم جميع المتكلين عليه".
من أجل كل هذه الوعود الجميلة والكثيرة، نرى أن المُصَلِّي يبدأ صلاته بقوله في هذا المزمور "أبارك الرب في كل وقت. وفي كل حين تسبحته في فمي. بالرب تفتخر نفسي".
وأيضًا في نفس الساعة الثالثة، يحس المُصَلِّي ويوقن بوعود الرب نافذة في حياته، فيقول في مزمور الراعي [22 (23)]:
"الرب يرعاني، فلا يعوزني شيء".
ويسترسِل في تفاصيل هذه الرعاية التي يحسها، فيقول:
"في مراع خضر يربضني، وإلى ماء الراحة يوردني".
" يرد نفسي، يهديني إلى البر من اجل أسمه".
وتصل قمة اطمئنانه، إلى أن نقول في صلاته للرب:
"إن سلكت في وسط ظلال الموت، لا أخاف شرًا، لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني..".
"رحمتك تدركني كل أيام حياتي".
هنا ليس فقط يذكر وعود الله، إنما يختبر فاعليتها في حياته.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ونفس الوضع في صلاته بالمزمور 28 (29) يقول:
"صوت الرب بقوة، صوت الرب بجلال عظيم".
"صوت الرب يقطع لهيب النار. صوت الرب يزلزل القفر".
كثيرًا ما استخدم الآباء هذه الآية، كما وجدوا خطرًا بهم شاعرين بأن قوة إلهية تحيط بهم.
أيضًا في المزمور 45 (46) من مزامير الساعة الثالثة، يشعر المُصَلِّي بمعونة الله التي وعد بها، فيطمئن ويقول:
"إلهنا ملجأنا وقوتنا. ومعيننا في شدا ئدنا التي أصابتنا جدًا. لذلك لا نخشى إذا تزعزعت الأرض. وانقلبت الجبال إلى قلب البحار".
"الرب إله القوات معنا، ناصرنا هو إله يعقوب".
"مجاري الأنهار تفرح مدينة الله، لقد قدس العلى مسكنه، والله وسطهما فلن تتزعزع. يعين الله وجهها".
هذه هي الوعود التي تمنح المُصَلِّي الاطمئنان والرجاء...
في إنجيل الساعة الثالثة أيضًا، يجد المُصَلِّي وعودًا إلهية خاصة بعمل الروح القدس فينا ولأجلنا، ووعودًا أخرى من الرب يسوع.
يقول فيها "هو يعلمكما كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم". كما يستمع المُصَلِّي إلى وعوًاد أخرى يقول فيها الرب:
"سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم".
"لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع" (يو14).
في صلاة الساعة السادسة إلى وعود إلهية أخرى:
يقول المُصَلِّي في المزمور 84 (85): "إني أسمع ما يتكلم به الرب الإله، لأنه يتكلم بالسلام لشعبة ولقديسيه، وللذين رجعوا إليه بكل قلوبهم. لأن خلاصه قريب من جميع خائفيه".
وما أعمق وأكثر الوعود الإلهية في المزمور 90 (91)، حيث يقول الوحي الإلهي للمُصَلِّي:
وفي وسط منكبية يظللك، وتحت جناحيه تعتصِم".
"عدله يحيط بك كالسلاح. فلا تخشى بك كالسلاح. فلا تخشى من خوف الليل، ولا من سهم يطير في النهار. ولا من أمر يسلك في الظلمة، ولا من سقطة وشيطان الظهيرة".
"يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. أما أنت فلا يقتربون إليك. بل بعينيك تتأمل، ومجازاة الخطاة تبصر".
"لا تصيبك الشرور، ولا تدنو ضربة من مسكنك".
* "لأنه تصيبك الشرور، ولا تدنو ضربة من مسكنك". "لأنه يوصى ملائكته بك، ليحفظونك في سائر طرقك. وعلى أيديهم يحملونك، فلا تعثر بحجر رجلك".
"تطأ الأفعى وملك الحيات، وتسحق الأسد والتنين".
"لأنه عليَّ أتكل فأنجيه. أستره لأنه عرف أسمي".
"يدعوني فأستجيب له. معه أنا في الشدة. فأنقذه وأمجده. وطول أيام أشعبه. ورأيه خلاصي. هللويا".
هل لو صَلَّى إنسان صلاة ارتجالية، بدون مزامير الأجبية أتراه كان يتمتع كل هذه الوعود الإلهية، ويطمئن ويفرح؟
لا ننسى أيضًا التطويبات التي في إنجيل الساعة السادسة (مت5: 3-12) وما تحمل من وعود إلهية.
في صلاة الساعة التاسعة، في مزمور 96 (97) يقول الوحي الإلهي "الرب يحفظ نفوس أبراره، وينجيهم من أيدي الخطاة. نور أشرق للصديقين، وفرح للمستقيمي القلوب".
ويكرر هذا الوعد في مز111 (112). من نفس مزامير الساعة التاسعة.
وفي مز112 (113). يعطي رجاء ووعودًا للمساكين. فيقول الوحي الإلهي:
"مَنْ مثل الرب إلهنا، الساكن في الأعالي، والناظر إلى المتواضعين.."
"المقيم المسكين من التراب، والرافع البائس من المزبلة، لكي يجلس مع رؤساء شعبه. الذي يجعل العاقر ساكنة في بيت، أم أولاد فرحة".
وفي مز114 (115) يقول "حافظ الأطفال هو الرب".
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وفي صلاة الغروب، ما أجمل وأكثر وعود الرب التي وردت في (مزمور 120) (مز 121)، حيث يقول الوحي الإلهي:
"لا يسلم رجلك للزلل، فما ينعس حافظك".
"الرب يحفظك. الرب يظلل على يدك اليمنى. فلا تحرقك الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل".
"الرب يحفظك من كل سوء. الرب يحفظ نفسك".
"الرب يحفظ دخولك وخروجك. من الآن وإلى الدهر. هللويا".
بودي أيضًا أن يحفظ الآباء الكهنة هذا المزمور، ويصلوا به على رأس كل من يطلب منه كلمة دعاء...
وفي المزمور124 (125) يقول "المتكلون على الرب مثل جبل صهيون لا يزال إلى الأبد "الرب لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين". ويقول في المزمور 125 (126): "الذين يزرعون بالدموع، يحصدون بالابتهاج".
وفي المزمور 127 (128) وعود إلهية كثيرة منها:
"تأكل من ثمرة أتعابك. تصير مغبوطًا ويكون لك الخير".
"امرأتك تصير مثل كرمه مخصبة في جوانب بيتك".
"بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك".
"هكذا يبارك الإنسان المتقى الرب".
في صلاة النوم، يَتَغَنَّى المُصَلِّي بوعود الرب أو بإحساناته، فيقول عنه في المزمور 145 (146):
"الحافِظ العدل إلى الدهر، الصانع الحكم للمظلومين".
"المعطي الجياع الطعام. الرب يحفظ الغرباء، ويعضد اليتيم".
وفي المزمور 146 (147) وعود أخرى مشابهة:
"الرب يشفي المنكسري القلوب، ويجبر جميع كسرهم".
"الرب يرفع الودعاء، ويذل الخطاة إلى الأرض".
"الذي ينبت العشب على الجبال، والخضرة لخدمة البشر".
" ويعطي البهائم طعامهم، ولفراخ الغربان التي تدعوه".
فإن كان الله يفعل هكذا مع الحيوانات والغربان، فكم بالأولى مع الإنسان الذي خلق على صورته ومثاله؟!
وفي (المزمور 147) يقول عن أورشليم وصهيون، رمز الكنيسة والنفس البشرية.
" سبحي الرب يا أورشليم، سبحي إلهك يا صهيون".
" لأنه قوَّى مغاليق أبوابك، وبارك بنيكِ فيكِ".
أي الذي جعل أبواب الفكر والقلب مغلقة أمام كل شهوة بطالة. وبارك بنيكِ أي الفضائل التي تولد من الروح القدس داخل النفس.
هناك وعود أخرى كثيرة يجدها المُصَلِّي بالأجبية في صلوات نصف الليل.
وعود بالمغفرة. كما قال للمرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها "مغفورة لك خطاياك" (لو7). وكما قال لسمعان الفريسي عن المديونين "وإذ لم يكن لهما ما يوفيان، سامحهما كليهما" (لو7).
كذلك وعود الرب بقوله في (لو12) "لا تخف أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت". وقوله "طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين..".
وأيضًا تطويبه للوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على عبيده ليعطيهم طعامهم في حينه".
لذلك نذكر في تحليل صلاة نصف الليل قول الرب في مجيئه الثاني "تعالوا إلى يا مباركي أبي، رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم".
ما أجمل أن نستمع إلى وعود الرب، أثناء صلاتنا بالأجبية وهذه الوعود تربطنا بالله بروابط الحب، وتهبنا الاطمئنان والرجاء.
وأيضًا يدعونا كل هذا إلى الشكر والعرفان بالجميل.
وعود الله في الأجبية، ليست مجرد كلام نظري. إنما هي ممتزجة بخبراتنا الطويلة في استجابة الله لنا الأمر الذي شرحناه في باب سابق.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/praying-with-agbia/god-s-promises.html
تقصير الرابط:
tak.la/sr2ps7m
