كان السيد المسيح في صلبه مرتفعًا عن مستوى الأرض.
وفي قيامته كان أيضًا مرتفعًا فوق مستوى القبر.
وفي صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب. كان مرتفعًا عن مستوى العالم كله، بل إنه أرتفع فوق مستوى هذه السماء أيضًا.
إنها درجات من الارتفاع بدأها كلها بالصليب.
بل قبل ذلك في ميلاده كان مرتفعًا فوق مستوى الاهتمام بالذات، فأخلى ذاته وأخذ شكل العبد (في 2: 7).
صليب السيد سبق قيامته.
إخلائه لذاته سبق مجده.
![]() |
والألم دائمًا يسبق الأكاليل. وهكذا قال القديس بولس الرسول.
إن كنا نتألم معه، فلكي نتمجد أيضًا معه (رو 8: 17).
وهكذا أرانا قيمة الألم ونتائجه. بل أنه اعتبر الألم هبة من الله لنا في الحياة فقال:
"وُهِبَ لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألموا لأجله" (في 1: 29). والألم يعتبر هبة بسبب أكاليله.
السيد الرب وضع حمل الصليب شرطًا للتلمذة عليه. فقال: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني (مت 16: 24). بل قال أكثر من هذا" من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا " (لو 14: 27).
وكما أن حَمْل الصليب هو شرط للحياة مع الله، كذلك أيضًا هو اختبار للجدية والثبات في طريقه.
فالضيقات التي يتعرض لها المؤمن في حياته هي اختبار لمدى ثباته في الإيمان. وهكذا قال الرب "في العالم سيكون لكم ضيق" (يو 16: 33). وسمح لرسله الأطهار وهو في طريق الصليب، أن يتعرضوا لحمل الصليب، ويظهر مدى ثباتهم. وقال "هوذا الشيطان قد طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة" (لو 22: 31).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لهذا كله فإن الكنيسة المقدسة وضعت الشهداء في أعلى مراتب القديسين.
لأنهم كانوا أكثر الذين تحملوا الصليب لأجل ثباتهم في الإيمان. ومعهم أيضًا تضع (المعترفين) الذين اعترفوا بالإيمان وقاسوا عذابات كثيرة، وإن كانوا لم ينالوا إكليل الشهادة.
فإن حملت صليبًا، اقبل ذلك بفرح بسبب ما سوف تناله من اكاليل، إن كنت لا تشكو ولا تشك.
قيل في آلام السيد المسيح إنه "من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي، فجلس في يمين عرش الله" (عب 12: 2). وهنا نرى الصليب ومعه السرور في احتماله، والمجد كنتيجة له...
أنواع كثيرة من الصلبان سوف تواجهك، منها الجهاد والاحتمال والصبر. ومنها التعب في الخدمة وفي التوبة. وأيضًا أحتمال التأديب من الله ومن الآباء...
فلا تتذمر كلما حملت صليبًا. ولا تظن أن الحياة الروحية لا بُد أن تكون سهلة، وطريقها مفروش بالورود.
وإلا فعلى أي شيء سوف تُكَافًأ في الأبدية؟ وأيضًا ما معنى كلام الرب عن الباب الضيق (مت 7: 13)؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/pamphlet-8-cross/resurrection.html
تقصير الرابط:
tak.la/shm6p87