St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   pamphlet-3-anchorites
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الآباء السواح - البابا شنوده الثالث

7- أبا نُفر السائح

 

أبا نُفر:

 

أما عن القديس أبا نفر السائح فقد قال:

أول أمري أنني كنت مع جماعة من الرهبان في دير بريده.

وكنا كلنا قلبًا واحدًا. وكان عددنا مائة وأربعة راهبًا، نأكل في موضع واحد مرة واحدة في كل يوم، وسلام الرب بيننا ومعنا، ونحن ممجدون لله ربنا. وكنت أنا شابًا أتعلم خدمة الله وعبادته من قوم قديسين مثل ملائكة الله قد استمروا في عبادتهم.

ثم إنني سمعتهم ذات يوم يمدحون السواح السكان في البراري.

St-Takla.org Image: Saint Abo Nofr the Anchorite. painting by Safaa. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أبو نفر السائح (أبونوفر، نوفر، أبونفر السائح)، رسم: صفاء.

St-Takla.org Image: Saint Abo Nofr the Anchorite. painting by Safaa.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أبو نفر السائح (أبونوفر، نوفر، أبونفر السائح)، رسم: صفاء.

ويقولون إنهم يخاطبون الله فمًا لفم مثل إيليا ويوحنا المعمدان الذي قال الرب يسوع عنه إنه لم تلد النساء أفضل منه (مت 11: 11)، وأنه أقام في البرية ثلاثين سنة إلى أن ظهر لإسرائيل (لو 1: 8).

فتعجبت أنا من ذلك وقلت لهم: يا آبائي القديسين، هل يوجد في البرية من يكون أفضل منكم عند الله، على الرغم من هذا التعب، وهذا الحرص العظيم، وهذا العمل الروحي الذي تعملونه؟؟

فأجابني أحدهم: "نعم يا ولدي، هناك قوم منتخبون أبرار عند الله أكثر منا بكثير. لأننا نحن ههنا مجتمعون نؤنس بعضنا بعضًا. ونتحدث كل يوم بعظائم الله، ونصلی بفرح. وإذا جعنا نأكل ما قد أعد لنا بسرعة، وإذا عطشنا وجدنا الماء نشربه للوقت. وإذا ضعفنا أو مرضنا، وجدنا من يخدمنا ومن يزورنا ويعزي خاطرنا، وإذا ورد على قلوبنا فكر ردی، وجدنا من يسلينا بكلام الله. وإذا اشتهينا شهوة من طعام هذه الدنيا، وطلبناه من القوم الأخيار المحبين للرهبان يعطونه لنا فنأكله...

أما السواح الذين في البرية، فإنهم عديمو هذا كله: إذا ضجروا، فإنهم لا يجدون ما يسليهم، ولا من يكلمهم بكلام الله. وإذا جاعوا لا يجدون ما يأكلونه، وإذا عطشوا لا يجدون ما يشربونه. وإذا مرضوا، لا يجدون من يخدمهم، ولا من يعالجهم، ولا من يخاطبهم بالجملة. وأول ما يدخلون إلى السياحة يقعون في تعب شديد بسبب الجوع والعطش وقتال الشياطين وتجربتهم لهم. لأن الشيطان عالم بعظم الكرامة التي ينالونها من الرب بصبرهم وعظم جهادهم وعملهم، وما يصيرون إليه عند خروجهم من هذا العالم.

وبقدر صبرهم تأتيهم رحمة الله الذي يأمر ملائكته فتخدمهم... وكما هو مكتوب في سفر أشعياء النبی إن الذين يتعبدون للرب الإله "يجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" (اش 40: 31). إذا عطشوا أخرج لهم الماء من الصخر. ويجعل الحشائش التي تنبت في الجبال حلوة في أفواههم مثل شهد العسل. وإذا نالتهم بلية أو جربوا من العدو المجرب، وبسطوا أيديهم وصلوا إلى الرب تأتيهم رحمته سريعًا، ويبدد عنهم جميع الحروب التي تقوم عليهم لاستقامة قلوبهم. وكما كتب في مزامير داود "ملاك الرب يحوط بخائفيه وينجيهم" (مز 34: 7). "ومن جميع أحزانهم يخلصهم" وأيضًا أن "الرب لا يترك الفقير إلى الأبد" وأيضًا "المسكين صرخ إلى الرب فاستجاب له، ومن جميع أحزانه خلصه". إنه يجازي كل واحد بحسب ما يحتمله من العذاب لأجل اسمه القدوس. ومغبوط هو الرجل الذي يعمل إرادة الرب على الأرض، فإن الرب يجعل ملائكته القديسين يخدمونه، ما دام هو في الدنيا متعبدا له كل حين...".

فلما سمعت أنا يا أخي ببنوده هذا الكلام من الآباء القديسين المحبين لله، كان كلامهم في قلبي مثل العسل.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وألقيت عن نفسي جميع الأفكار لأجل كلامهم، حتى إنني ظنت أن نفسي وجسدي قد انتقلا إلى جبل آخر. فقمت ليلًا وأخذت معی يسيرًا من الخبز مقدار ما يكفيني ثلاثة أيام أو أربعة بقدر ما يوصلني الرب إلى الموضع الذي يختاره لی.

فلما خرجت من عند الأخوة ليلًا وصرت مقابل الجبل، رأيت إنسانًا منيرًا قائمًا قدامي وهو مضيء جدًا. فخفت منه وهممت بالرجوع إلى حيث كنت لأقيم في مكاني كما كنت أولًا. فدنا منی ذلك الإنسان المنير وقال لي: لا تخف، أنا ملاك الرب المصاحب لك منذ صباك. رحمة الله تأتيك، وأنا معك إلى أن تتم إرادتك فيه.

فمشيت ومشى الملاك معي في البرية مقدار ستة أو سبعة أميال. فرأيت مغارة صغيرة، فمِلت إليها لأنظر إن كان فيها أحد. فلما دنوت منها قرعت بابها وقلت كقانون الأخوة الرهبان "بارك عليَّ يا أبي، بارك عليَّ". فخرج إليَّ قديس عظیم حسن الصورة بوجه باش. فلما رأيته خررت على الأرض عند قدميه. فأقامني وقال لي "أنت أبا نفر، خليلي في العمل. الرب الإله يباركك ويكون معك، لتتمم الأمر الذي عولت عليه وأنت مندوب له. ادخل يا خلیلی، السلام لك". فدخلت وجلست عنده أيامًا قلائل أتعلم منه طريق الله. وعرفني العمل في البرية وقتال الشياطين وأفعالهم المخيفة.

ولما رآني قد أضاء عقلي يسيرًا، وعرف قيامي ومقاتلة الحروب الخفية والظاهرة، قال لي "آن لك يا ولدي أن تقاتل وتجاهد حسنًا. قم لأمضي بك إلى البرية الداخلة مني، لتقيم فيها وتسيح وحدك، وتتعب للرب الذي دعاك إلى هذه البرية وهذه السياحة.

فقام ومشى معي إلى داخل البرية أربعة أيام حتى وصلنا إلى حصن ونخلة مزروعة عنده. فقال لي الشيخ القديس "هذا هو الموضع الذي دبر الله لك أن تخدمه فيه". وأقام فيه عندی شهرًا من الزمان، إلى أن هداني إلى العمل الجيد الذي ينبغي أن أعمله. ثم سلمنا على بعضنا البعض، وودعته ومضى عني. وكنت أجتمع به بعد ذلك دفعة واحدة في السنة، إلى أن تنيح فدفنته في المكان الذي كان يعبد الله فيه. وعدت إلى هذا الموضع أمجد الله بسبب ذلك الشيخ القديس.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/pamphlet-3-anchorites/abba-nofer.html

تقصير الرابط:
tak.la/6th3yqj