ذكرنا من قبل أن الطبيعة البشرية تنال لونًا من التجلي في القيامة العامة، حينما تلبس أجسادًا روحانية سمائية عديمة الفساد، ويصبح البشر كملائكة الله في السماء. ولكن هناك نوعًا من التجليات تحدث هنا في الحياة على الأرض.
منها تجلي الفكر:
في بعض الأوقات يكون الفكر رائقًا صافيًا، تخرج منه أفكار في كمال الروعة. يحدث هذا لشاعر يصفو خياله وفكره في نظم قصيدة من أمهات الشعر. أو كاتب يكون في قمة الإبداع يؤلف قصة أو رواية، وهو في حالة من التجلي، في عمق الذكاء، وفي عمق الخيال...
![]() |
إنها ألوان من التجلي في كثير من الفنون والمواهب.
تحدث لفنان، أو لرسام، أو نحات، أو موسيقي، أو شاعر، أو قصصي. يقوم أي واحد من هؤلاء الموهوبين لتقديم قطعة فنية رائعة، تدخل في نطاق القطع المثالية في الجودة Master Pieces. ويُوصف صاحبها بأنه أثناء إنتاجها، كان في حالة من التجلي، في مشاعره وأحاسيسه وفكره.
على أن هذه كلها، قد تكون حالات مؤقتة أثناء الإبداع والإنتاج. قد تمثل حالة دائمة من التجلي في الموهبة. وقد تظهر حتى في سني الطفولة...
نعم. لا شك أن المواهب هي تجليات وهبها الله للإنسان.
لأن المواهب هي مقدرات غير عادية يهبها الله. وهي على أنواع ونوعيات ذكرها القديس بولس الرسول في الإصحاح الثاني عشر من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس إذ قال:
"وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ، وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ، وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ، وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ." (1 كو 12: 7-11).
وربما يتجلى الإنسان في صفات روحية معينة.
في لمسات إنسانية فيه، لها طابع فريد من جهة الأداء، في الرحمة مثلًا أو الحنان أو العطف، أو المغفرة للمسيئين. كما نقرأ عن ذلك في بعض قصص عن القديس الأنبا ابرام أسقف الفيوم، أو القديس الأنبا صرابامون أسقف المنوفية، أو القديس الأنبا رويس.
وقد يظهر هذا التجلي في أفكار أو ردود بعض القديسين، كما ورد في أقوال القديس الأنبا أنطونيوس، أو أقوال كثير من الآباء سُجلت في بستان الرهبان... أقوال يقف الإنسان عندها في إنبهار، ويتأمل عمقها. ويقول لا شك أن هذه حالة تجلي نطق فيها الآباء بما قالوه، بحيث حفظت الأجيال أقوالهم...!
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقد تكون حالة التجلي عملًا كبيرًا من أعمال النعمة في الإنسان.
كما قال القديس بولس الرسول "...لكن لا أنا، بل نعمة الله التي معي" "بنعمة الله أنا ما أنا، ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة" (1كو 15: 10).
ونتيجة لعمل النعمة، تتجلى في الإنسان قدرات ومواهب غير عادية.
أو تُمنح صورته من التجلي، شکلا پهر الناظرين.
قيل عن القديس اسطفانوس في قصة استشهاده، أثناء محاكمته أمام مجمع اليهود:
"فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ" (أع 1: 15).
ويحدث أحيانًا في بعض الأحلام أن ترى شخصًا ممن تعرفهم، في صورة بهية أو شکل نوراني، بينما هو في حياته الأرضية لم تره هكذا. ولكنه يظهر لك في الحلم في حالة من التجلي...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/pamphlet-1-transfiguration/other-types.html
تقصير الرابط:
tak.la/5v2zxzd