7
التجسد والمساواة بالسيد المسيح وبالآب!!
التجسد
ما هو تعليم القديس أثناسيوس عن التجسد؟
هل مات المسيح بنا وقام وصعد بنا؟!
كيف نكون مغلوبين وأعظم من منتصرين؟!
هل نزلنا إلى الهاوية ووفينا عقوبتنا؟!
هل أخذ المسيح جسد كل الخطاة ومات به؟!
هل غرض التجسد هو الحب وليس وفاء العدل الإلهي؟!
هل الكنيسة ولدت مع المسيح متحدة باللاهوت؟!
هل اكتسبت الكنيسة كل ما للمسيح؟!
وهل الكنيسة هي امتداد للتجسد الإلهي؟!
هل كل البشر صاروا بالتجسد أبناء الله؟!
هل التجسد لا حدود له يشمل البشرية كلها
القديس أثناسيوس الرسولي أبو علم اللاهوت في الكنيسة الجامعة كلها يقول عن هدف التجسد الإلهي في كتابه (تجسد الكلمة):
إنه لما كان الإنسان قد أخطأ، وصار معرضًا للموت والهلاك حسب تحذير الرب له في (تك 2: 17) ولما كان الإنسان عاجزًا عن تخليص نفسه... لذلك تجسد المسيح، وأخذ جسدًا قابلا للموت، لكي بموته يفدى الإنسان، بأن يموت عوضًا عنه. "
إذن كان هدف التجسد هو الفداء والخلاص. وهكذا نقول في القداس الإلهي "لا ملاك ولا رئيس ملائكة، ولا رئيس آباء ولا نبيًا، أئتمنته على خلاصنا. بل أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست."..
وهذا ما نقوله أيضًا عن السيد المسيح في قانون الإيمان: "هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي"..
ولكن البعض تعرضوا لعقيدة التجسد، وعقدوها بتفاسيرهم. فماذا قالوا؟
كما يقول المؤلف في كتابه (بولس الرسول) (ص 290، ص 291).
ونقول: إن حب الله للإنسان واضح منذ خلقه، إذ خلقه على صورته ومثاله، وباركه، وسّلطه على كل الكائنات الأرضية.
والقداس الغريغوري حافل بالعرفان بالجميل على كل ذلك، إذ نقول فيه "أقمت السماء لي سقفًا، ومهدت لي الأرض لكي أمشى عليها" "من أجلى ألجمت البحر. من أجلى أخضعت طبيعة الحيوان" "لم تدعني معوزًا شيئًا من أعمال كرامتك. "
والله يقول في العهد القديم "محبة أبدية أحببتك" "نقشتك على كفى". وظهرت المحبة في الرعاية والحماية، وإرسال الأنبياء والرعاة والقضاة "أرسلت الناموس لي عونًا"..
أما التجسد فكان هدفه الأساسي هو الفداء والكفارة...
كما قيل في (غل 4: 4، 5) "ولكن لما جاء ملء الزمن أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس ليفدى الذين تحت الناموس".
فالله أرسل ابنه "لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16) وأرسله "كفارة لخطايانا" (1 يو 4: 10) من حبه فعل ذلك... أما الهدف فكان خلاصنا...
وسنعود إلى هذا الموضوع بمشيئة الله حينما نتحدث عن الفداء والكفارة.
كلا، فالتبني كان موجودًا في العهد القديم. فقد قال القديس بولس الرسول عن اليهود إن "لهم التبني والمجد والعهود والاشتراع" (رو 9: 4) والله نفسه قال عنهم "ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا عليَّ" (إش 1: 2) وإشعياء النبي قال "والآن يا رب، أنت أبونا" (أش 64: 8).
إذن فليس هدف التجسد هو التبني. فالله منذ البدء اعتبرنا أبناء. وقيل عن آدم إنه ابن الله (لو 3: 38).
فهكذا ورد في كتاب (العريس ص. 5) إن العذراء ولدت المسيح متحدة باللاهوت. فصار بيت لحم هي مسقط رأس البشرية المُفْتَدَاة!"
وطبعًا عبارة متحدة باللاهوت "لا يوافق عليها الكتاب، ولا أي عالم لاهوتي. فالسيد المسيح هو الوحيد المتحد باللاهوت منذ الحبل المقدس. وإن كانت الكنيسة هي جسد المسيح، والمسيح هو رأسها. فالرأس فقط هو المتحد باللاهوت وليس الجسد...
أما عن الادعاء بأن الكنيسة ولدت من العذراء مع المسيح، فهذا الفكر يقدم تعقيدات كثيرة عن "متى ولدت الكنيسة؟"
والمؤلف له كتاب عنوانه "يوم الخمسين وميلاد الكنيسة.."
أم الكنيسة -كجماعة مؤمنين- تم ميلادها أولًا كأفراد، ثم بعد ذلك كجماعة؟ العذراء آمنت بما قيل لها من قبل الرب (لو 1: 45) وأيضًا آمنت أليصابات بقولها "من أين لي هذا، أن تأتي أم ربي إليَّ؟" (لو 1: 43) وطبعًا آمن يوحنا المعمدان الذي ارتكض بابتهاج في بطنها. وآمن يوسف النجار لما سمع شهادة الملاك (مت 1: 20-23) واتسعت دائرة المؤمنين حتى شملت فيما بعد الاثني عشر (مت 10) ثم السبعين رسولا، وآخرين غيرهم. وكانوا نواة الكنيسة الأولى (جماعة المؤمنين) قبل أن تتشكل الكنيسة كهيئة يوم الخمسين. حيث آمن 300 واعتمدوا. "وكان الرب يضم إلى الكنيسة كل يوم الذين يؤمنون" (أع 2: 47).
أم أن ميلاد الكنيسة مستمر عن طريق الإيمان والعماد؟ ففي كل يوم ينضم إلى الكنيسة أعضاء جدد يولدون من الماء والروح...
أما عبارة "ميلاد الكنيسة من العذراء متحدة باللاهوت"، فلم يقل بها أحد، ولم يقبلها أحد إلا الذين أصدروا كتاب (الأصول الآبائية الإيمانية) ج 2 حيث جعلوا عنوان الكتاب من الخارج (الكنيسة طبيعة إنسانية متحدة بطبيعة إلهية) في تساوٍ ظاهر مع المسيح! وفي داخل كتابهم خصصوا فصلا كاملا عن "بيت لحم هي مسقط رأس الكنيسة المفتداة" مرددين ما ورد في كتاب (العريس) بشروحات كثيرة!!
وهذه العبارة مكررة في كتاب المؤلف (التجسد الإلهي) بل صارت عنوانًا للفصل الثالث منه (ص 41) حيث يقول فيه أيضًا أن الكنيسة صارت "امتدادًا للوحدة الأقنومية الفائقة الوصف التي أقامها المسيح بين لاهوته وناسوته"!!
فهل نحن ككنيسة - كجماعة مؤمنين قد صرنا امتدادًا للوحدة الأقنومية في المسيح بين اللاهوت والناسوت؟!
ما الفرق إذن بيننا وبين السيد المسيح؟! أهي مساواة؟! أم هي ما عبر عنه المؤلف في كتابه (العنصرة) حينما تكلم عن يوم الخمسين وحلول الروح القدس فيه على التلاميذ في العلية، فقال:
"حلّ بألسنة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. إذن فنحن أمام "عليقة مشتعلة بالنار" حسب الرمز، أو طبيعة إلهية متحدة بطبيعة بشرية حسب شرح الرمز، أو صورة النبوة بميلاد المسيح من العذراء، كما تسلمنا من التقليد الشريف"!!
كأن ما حدث في يوم الخمسين، هو تمامًا ما حدث في ميلاد المسيح!
ويكرر نفس المعنى فيقول بعد ذلك مباشرة:
"إذن حلول الروح القدس يوم الخمسين لا يشير إلى منح قوة روحية مجردة، أو منح عطايا ومواهب جزافًا. بل الأمر جد خطير. فهنا إشارة سرية إلى أنه حدث اتحاد غير منظور بين طبيعة إلهية وطبيعة بشرية."..
والمعروف -حسب إيماننا- أن الوحيد الذي اتحدت فيه الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية هو السيد المسيح له المجد. فهل صار التلاميذ يوم الخمسين مثل المسيح تمامًا؟! اللهم اغفر...
وهو لا يقول هذا عن تلاميذ المسيح فقط فيما أصاب طبيعتهم من تغيير. بل يضيف قوله "يهمنا أن نلاحظ أن التغيير أو التجديد لم يكن فرديًا بل جماعيًا" أي "حدث بطبيعة الكنيسة الأولى." ويختم ذلك بعبارة:
"لقد اتحد المسيح بالكنيسة، فاكتسبت الكنيسة كل ما للمسيح. لقد صار وكمل في العلية ما بدئ به في بيت لحم."
أي تكررت قصة الميلاد المجيد في يوم الخمسين، وصارت الكنيسة طبيعة بشرية متحدة بطبيعة إلهية، واكتسبت كل ما للمسيح!!
ويقول كذلك "إن غاية التجسد الإلهي قد بلغت ذروتها يوم الخمسين، حينما صار الكل في المسيح" أو لعله يقصد حينما صار الكل كالمسيح!
وهنا نسأل سؤالا خطيرًا، وهو:
ما أخطر عبارة (كل ما للمسيح)!
إن للمسيح صفات لاهوتية لا يمكن أن تكتسبها الكنيسة...
المسيح أزلي، والمسيح قدوس بلا خطية وحده وكامل في قداسته، فهل اكتسبت الكنيسة أزليته وقداسته الطبيعية الكاملة؟! وله قوة الخلق، فهل اكتسبت الكنيسة هذا أيضًا؟! وهو موجود في كل مكان، وقادر على كل شيء، وعارف بما في القلوب والأفكار. فهل اكتسبت الكنيسة كل هذا كما في عبارة (كل ما للمسيح)؟! والمسيح سيأتي في مجده ليجازي كل واحد حسب عمله. فهل اكتسبت الكنيسة هذا؟!.. إلى باقي صفات المسيح التي انفرد بها وحده.
المسيح أيضًا غير محدود، وله كماله المطلق. فهل الكنيسة اكتسبت هذين الصفتين أيضًا في عبارة "كل ما للمسيح"؟!
لذلك كثيرًا ما قلت إن استخدام كلمة (كل) في التعبيرات اللاهوتية ما أسهل أن توقع الكاتب في أخطاء مرعبة، إذا استخدمت في غير حرص.
على أن المؤلف يعيد عبارة (كل ما للمسيح) في كتاب (العنصرة) (ص 36) (الروح القدس الرب المحيى) (ص 170) فيقول:
"إذن فعل الروح القدس في إنساننا الجديد هو إعطاؤنا كل ما للمسيح لنكون مناسبين للاتحاد الدائم فيه."
ويعود المؤلف في كتابه (التجسد الإلهي) (ص 42) فيقول:
"وعلى ذلك فإن الكنيسة تعتبر امتدادًا للجسد الإلهي المترامي الأطراف الذي يملأ السماء والأرض. وسر الكنيسة يعتبر امتدادًا لسر التجسد الإلهي الفائق الوصف، أي لسر اتحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح".
إنه تكرار لنفس الفِكر وإصرار عليه. فهل يوجد في الكنيسة اتحاد بين اللاهوت والناسوت؟ هل صرنا آلهة؟ أم صرنا مثل المسيح؟ أو صرنا مسيحًا؟ أم هذا ما يردده في كتابه (العنصرة).
أم أن الأمر هو مشاركة للطبيعة الإلهية؟!
إنه يقول في كتاب (التجسد الإلهي) (ص 42) "وهكذا تظهر الكنيسة أنها قائمة أساسًا على مشاركة الطبيعة الإلهية بواسطة الروح القدس. وبذلك تظهر في عمق كيانها أنها وحدة بين اللاهوت والناسوت بواسطة الروح القدس، كامتداد الوحدة الأقنومية التي تمت في المسيح".
أي أن هناك نوع من التساوي بين المسيح والبشر أعضاء الكنيسة!! في الوحدة بين اللاهوت والناسوت!!
ويقول في كتاب (الروح القدس الرب المحيى) عن (يوم الخمسين في التقليد الآبائي) ج1 (ص 31):
ثالثًا: حلول الروح القدس والشركة في الطبيعة الإلهية.
ويقول في (ص 34) إن الإنسان صار شريكًا في الطبيعة الإلهية بأنه استعاد صورة الله ومثاله!!
وهذا خطأ واضح في فهم معنى خلق الإنسان على صورة الله ومثاله. فالله لم يخلق الإنسان قط شريكًا له في الطبيعة الإلهية وإلا ما كان ممكنًا أن يسقط الإنسان.
ويختم المؤلف مقاله في كتابه (التجسد الإلهي) (ص 43) بقوله:
"فميلاد المسيح هو ميلاد سرى لجوهر الكنيسة، على قدر ما أن جسد المسيح هو حقيقة الكنيسة السرية."
على أن المؤلف يتطور إلى القول بأن التجسد الإلهي، لا يشمل الكنيسة وحدها بل يشمل كل البشر - وهنا نسأل:
فيقول المؤلف في كتابه (ميلاد المسيح وميلاد الإنسان) (ص 9):
"المسيح ولد بجسد من روح الله ومن عذراء. جسد إلهي هو، مقدس، ممتد، لا حدود له، يشمل البشرية كلها بالتبني."
ويقول في (ص 7) "إن البنوية لله قد صارت مشاعًا على وجه الأرض كلها لكل بنى الإنسان في ميلاد المسيح." ويقول في نفس الصفحة إنها عطية الله بميلاد المسيح، إذ رفع البشرية فيه إلى درجة بنوته. فصار الكل أبناء الله يدعون!! والبنون متساوون في كل شيء."
وعبارة "رفع البشرية إلى درجة بنوته" غير مقبولة إطلاقًا لاهوتيًا.
فبنوة المسيح من الآب هي بنوة طبيعية من جوهره ولاهوته، لا يمكن أن يرتفع إليها أحد من البشر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لذلك سُمِيَ (الابن الوحيد) كما ورد في (يو 1: 18؛ 3: 16؛ 3: 18؛ 1 يو 4: 9). فكيف يُقَال إذن إنه رفع البشرية إلى درجة بنوته؟!
إنما نحن فأبناء بالتبني. أو نحن أولاد بالإيمان. كما ورد في (يو 1: 12) "وأما الذين قبلوه، فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" فكيف إذن يقال على غير المؤمنين أنهم أولاد الله.
كذلك نحن أولاد الله بالمحبة. كما يقول القديس يوحنا الرسول "أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (1 يو 3: 1).
وقد صارت الفضيلة علامة تدل على أولاد الله، كما قال الرسول أيضًا "إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه" (1 يو 2: 29) وهكذا قال الرسول "بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس ظاهرون" (1 يو 3: 10) "لذلك لأن المولود من الله لا يخطئ" (1 يو 5: 18؛ 1 يو 3: 9).
بل إن السيد المسيح قال إن قادة اليهود المخطئين في أيامه لا يستحقون حتى لقب أبناء إبراهيم. فوبخهم قائلًا "لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم... أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا (يو 8: 39، 44) فكيف يقال عن كل البشر إنهم أبناء الله؟!
على أن المؤلف يتطور في كلامه إلى أكثر من هذا، فيقول في نفس كتابه (ميلاد المسيح وميلاد الإنسان ص 11)
"المسيحية لا تستحق اسمها إذا لم تنفتح بالروح على البشرية الجديدة التي ترى في الله أبًا لكل بشر، والمسيح جسدًا لكل إنسان بلا تمييز حيث ترفع الحواجز العقائدية التي صاغتها يد العداوة والتعالي والتحزب والتعصب الأعمى."
ونقف في استغراب أمام عبارة "ترفع الحواجز العقائدية"!!
هل ترفع بين دين ودين وبين مذهب ومذهب، ويصبح الكل واحدًا على الرغم من اختلاف الإيمان والعقيدة!! وهل تلك الحواجز العقائدية صاغتها يد العداوة؟.. وليس الدفاع عن الإيمان؟! إذن ماذا يقول عن المجامع المسكونية؟! هل هي أيضًا صاغتها يد التعصب الأعمى حسب قوله؟! ثم كيف ترفع هذه الحواجز العقائدية؟! هل الأمر بهذه السهولة التي يتكلم بها؟! و"تبدأ مسيرة التجديد وبناء جسم البشرية الكبير!" حسب تعبيره...
على أن المؤلف في كتابه عن تجسد السيد المسيح، يستخدم مرارًا وكثيرًا عبارة (جسد بشريتنا). فيقول مثلًا "مات بنا، ومتنا معه".. "صلب بنا، ومات بنا، قام بنا." وهنا نسأل:
وسنضرب مثلا بما قاله فقط في تفسيره لرسالة غلاطية:
يقول في (ص 59) "الذي مات بنا ومتنا معه هو ابن. فالحدث الزمني صار أبديًا مطلقًا... فنحن مائتون وقائمون في المسيح. لقد أكملنا موتنا بموته... وأكملنا قيامتنا بقيامته... لأنها قوة رفعتنا فوق الأرض والزمن".
ويقول أيضًا "لأننا متنا مع المسيح، وقمنا معه، لأنه مات بنا، وقام بنا. بقوة الموت نزلنا إلى الهاوية، وأكملنا أقصى عقوبة وحكم فرض علينا كخطاة ومتعدين. وبقوة القيامة صعدنا وارتفعنا من الجحيم والهاوية، بل ومن الأرض نفسها إلى مجال الله لنحيا معه في المسيح".
فهل يصدق أحد أننا نزلنا إلى الهاوية والجحيم، وأننا أكملنا أقصَى عقوبة فرضت علينا، ثم صعدنا إلى السماء إلى مجال الله؟!
وإن كنا فعلنا هذا كله، فما الذي فعله المسيح من أجلنا؟!
هل نحن أكملنا عقوبتنا، أم المسيح هو الذي تألم لأجلنا؟!
وهل الذين كانوا في الهاوية -ممن ماتوا على رجاء- هل هؤلاء أكملوا عقوبتهم وصعدوا إلى السماء، أم المسيح هو الذي "نزل إلى أقسام الأرض السفلى" "سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا" (أف 4: 9) وهو الذي فتح باب الفردوس وأدخل كل هؤلاء؟!
لماذا يغفل الكاتب هنا عمل المسيح، كأن البشر هم الذين قاموا بالعمل!!
يعود الكاتب فيقول "والحكم الذي أكملناه بموتنا مع المسيح شامل ممتد على كل الخطايا وبالأكثر على فعل الخطية المميت. وهكذا تبرأنا نهائيًا من الخطية كفعل قاتل. فأصبح لا سلطان للخطية، ولا من له سلطان الإيقاع في الخطية أي سلطان علينا."
فهل هؤلاء قد وصلوا إلى مستوى من العصمة، ما عادوا يخطئون، ولا سلطان للخطية عليهم؟!
إن الكاتب يقول في نفس صفحة 60 "قوة موتنا... صرنا بها غالبين كل القوى الشريرة في العالم. لأن قوة موت المسيح التي اشتركنا فيها أحلتنا من كل خطية وكل لوم... جعلتنا أعظم من منتصرين. لأنها أخرجتنا نهائيًا من مجال الصراع مع العدو.
إذن لماذا نقول في صلاتنا كل يوم "اغفر لنا ذنوبنا"؟
هنا يقول الكاتب "نعم قد يؤذى الجسد. ولكن الروح والنفس لا يمسان. فإننا بالجسد وفي الجسد قد نوجد مغلوبين لأن الجسد واقع تحت قوى العالم والزمن. أما بالروح فنحن أعظم من منتصرين!!"
وهنا يبدو التناقض: بين "مغلوبين وأعظم من منتصرين!!"
كما أن عبارة "أعظم من منتصرين" تذكرنا بفكر إدوارد إسحق (الراهب دانيال البراموسي سابقًا) في كتابه (الفخ انكسر) (ص 336) طبع سنة 1988، وفي كتابه (ما أجمله) (ص 107) وما بعدها (طبعة 1986) التعبير واحد بنفس الألفاظ.
أخيرًا يا إخوتي، تواضعوا، ولا تظنوا أن الخطية لم يعد لها سلطان عليكم. أو أنكم أصبحتم أعظم من منتصرين، لأن الانتصار الحقيقي هو في نهاية سيرة الإنسان (عب 13: 7).
وتذكروا باستمرار قول الكتاب:
قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح (أم 16: 18).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/new-heresies/incarnation.html
تقصير الرابط:
tak.la/bcr4vp6