شعوره برسالته
تربي موسى في قصر ملك، في جو من الرفاهية والعز والغني... على عكس الحياة التي عاشها أخوته في ذلك الزمن... وظل هكذا إلي أن كبر...
"ولما كبر" في السن، وفي الروح، وفي الشعور بالمسئولية.
ولما كبر، دخل في صراع نفسي، مقارنًا بين رفاهيته وذلهم.
رآهم كيف يستعبدون ويسخرون، وكيف تزداد أثقالهم، كل ذلك من صاحب القصر الذي ينتسب هو إليه... ومع ذلك فلا يوجد من يدافع عن هؤلاء المساكين المظلومين.
ففضل أن يذل مع شعب الله، على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية (عب 11: 25).
وماذا كانت تلك (الخطية) حسب تعبير القديس بولس الرسول؟
كانت أن يعيش في عز ورفاهية، ويترك اخوته مذلولين ومطحونين... ومذلين من الملك الذي يعيش هو في قصره، وربما يأكل أيضًا على مائدته!! وهكذا يقول الرسول: "بالإيمان موسى لما كبر، أبَى أن يُدعى ابن ابنة فرعون، مفضلًا بالأحرى أن يذل مع شعب الله.." (عب 11: 24، 25).
هناك أشخاص حينما يصلون إلي مراكز كبيرة، ينسون أقاربهم الفقراء، أو يترفعون عليهم!!
بل قد يشعرون أنها مسبة لهم، أن ينتسبوا إليهم!، وهكذا يهربون منهم أو يتجاهلونهم... ولكن يوسف الصديق لم يكن هكذا، لما صار أبًا لفرعون، ومتسلطًا على كل بيته، وسيدًا لكل مصر (تك 45: 8، 9).. بل قدم أخوته وأباه لفرعون، وأسكنهم في أرض جاسان (تك 47: 1 - 12)..
وكان موسى من نفس هذا المستوي هذا المستوى النبيل، ولكن بأسلوب آخر.
ظروف موسى غير ظروف يوسف، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كل منهما كان له مركزه في القصر. ولكن مركز يوسف كان أعظم، ولم يكن أخوته مُسَخَّرِين لفرعون، ولا كان فرعون مستفيدًا منهم. وإن كان يوسف قد وصل إلي غرضه بالتفاهم مع فرعون، مع بقائه في منصبة الكبير... إلا أن موسى فضل أن يذل مع شعب الله، وأبى أن يُدعَى ابن ابنة فرعون... وضحى بمركزه لأجلهم.
أخلي ذاته، ورفض أن يعيش في مستوى أفضل منهم.
أراد أن يشابه أخوته، بذل معهم. يترك قصره، ويرى كيف يعيشون... يفتقدهم في مذلتهم. وعبر الكتاب عن هذا بقوله:
"خرج إلي أخوته، لينظر أثقالهم" (خر 2: 11).
وهنا بدأت القصة، بدأ برسالته...
حسن جدًا شعوره أن هؤلاء أخوته. أن سنوات العز في قصر الملك لم تنسه أصله القديم... فكيف عرف أن هؤلاء هم أخوته أتراها بقية من تربية أمه له، ظلت راسخة في شعوره؟ أم ترى كانت له صله بمريم وهارون وهو قصر في الملك؟ أم ثبت في عقله الباطن والواعي أنه عبراني، منذ دخل قصر فرعون؟.. وهكذا كان واثقًا في أعماقه أنه ليس ابن ابنة فرعون، مهما كان "يدعى" بهذه الصفة...
المهم أنه عرف أن هؤلاء هم أخوته.
وكانت هذه هي نقطة البدء وقام ليؤدى رسالته.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/moses-pharaoh/message-feeling.html
تقصير الرابط:
tak.la/w2mwxq7