الدعوة الإلهية
ومع قيادة الله للعملية، دعا موسى للعمل:
فقال له "والآن هلم فأرسلك إلي فرعون، وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر" (خر 3: 10).. ولكن موقف موسى في قصة الخروج، سيكون مجرد جهاز تنفيذى للمشيئة الإلهية. سوف لا يتولى التدبير، لأن التدبير سيكون لله وحده...
الله هو الذي سيضع الخطة، وموسى سيكون مجرد آلة في يد الله.
يطيع، وينقل مشيئة الله إلي الشعب، وإلي فرعون.
والعجيب في أمر هذه الدعوة، أن موسى الذي كان شغوفًا بانقاذ الشعب من قبل، صار الآن زاهدًا في هذه المهمة جدًا... إنها الآن ليست إرادته، إنما إرادة الله...
ومع ذلك، اعتذر عن الدعوة بعدة أعذار:
وكان كل عذر يقوله، يرد الله عليه، فيقوم موسى عذرًا آخر... لقد وصل عدد اعتذاراته إلي أربعة على الأقل.
1 - العذر الأول، هو: مَنْ أنا؟!
"مَنْ أنا، حتى أذهب إلي فرعون، وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر؟!" وكان رد الرب على هذا العذر كافيًا ووافيًا إلي أبعد الحدود، إذ قال الله "إني اكون معك".. ليس المهم من أنت.أنما المهم هو القوة الإلهيه العاملة معك... ولما رأى موسى أن هذا العذر قد أجيب عليه، انتقل إلي العذر الثاني فقال:
2- بماذا أجيبهم إن سألوني قائلين: ما اسم إلهك؟
لقد كان في مصر، وفيها آلهة عديدة، وكل إله له أسم وعمل قصة، فما هو اسم الله هذا الذي يرسله؟ فقال له الرب عن أسمه "أهميه الذي أهيه" أي الكائن الذي يكون... إنه "إله آبائكم، إله إبراهيم، وإله إسحق، وإله يعقوب" (خر 3: 15، 16). وأوصاه أن يقول لهم إن إله آبائهم هذا، جاء ليفتقدهم...
وهنا قدم موسى العذر الثالث، فقال:
3 - إنهم لا يصدقوننى ولا يسمعون لي:
وهنا قدم الله له موهبة صنع العجائب، التي تذهل الشعب فيصدق، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ورأى موسى العجائب أمام عينيه: عصاه، ويده، وماء النهر (خر 4: 1 - 9).. ومع كل هذا كان موسى يشعر بضعفه أمام هذه الخدمة، لذلك قدم الأعتذار الرابع فقال:
4 - لست أنا صاحب كلام... أنا ثقيل الفم واللسان (خر 4: 10).
ولم يكن هذا مجرد كلام اتضاع، كما يتظاهر البعض بألفاظ إتضاع زائف. وإنما هو كان هكذا فعلًا... فرد عليه الرب قائلًا "أذهب، وأنا أكون مع فمك، وأعلمك ما تتكلم به"..
5 - ومع ذلك اعتذر موسى مرة أخرى، بلا سبب. وقال للرب "استمع أيها السيد، ارسل بيد من ترسل". ارسل أي أحد غيرى... لدرجة أنه حمي غضب الله عليه، ومع ذلك لم يرفضه، وإنما قدم له معونته... قدم له هرون أخاه معينًا له "تكلمه، وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه، وأعلمكما ماذا تصنعان" (خر 4: 5). هو يكون لك فمًا، وأنت تكون له إلهًا. وتأخذ في يدك هذه العصا، التي تصنع بها الآيات" (خر 4: 16، 17).
[يقصد بعبارة تكون له إلهًا: أي تكون سيدًا له. أنت توحى إليه بالكلام، الذي أضعه أنا في فمك. وهو ينطق به، فيكون لك فمًا].
وهكذا نرى أن الله لم يشفه من الضعف الذي فيه "ثقل الفم واللسان"، وإنما استبقاه معه، وأعطاه معونه، هرون، والعصا، والوعد الإلهي أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به. وأخيرًا قبل موسى الدعوة الإلهية وأطاع.
ومن باب الأدب واللياقة، ذهب إلي حميه يثرون وأخبره بالأمر، وقال له "ها أنا أذهب إلي أخوتي الذين في مصر.." فقال له يثرون "أذهب بسلام".
وكان موسى في ذلك الوقت في أرض مديان، وكان حميه هو كاهن مديان (خر 3: 1) (خر 4: 19). وأرسل الله هذا الضعيف الثقيل اللسان، وأرسله من مديان إلي مصر...
حقًا اختار الله ضعفاء العالم وليخزى بهم الأقوياء (1 كو 1: 27).
اختبر الإنسان الثقيل الفم واللسان، ليكون كليم الله.
اختبر الإنسان الذي ليس هو صاحب كلام، ليحمل كلمة الله إلي فرعون وإلي الشعب، ولينقل كلام الله -في شريعته- إلي العالم كله.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/moses-pharaoh/calling.html
تقصير الرابط:
tak.la/a6p9sxm