الروح هي مصدر علاقة الإنسان بالله.
فيها تكمن محبة الإنسان لله، والاشتياق إليه، والصلة به. ومنها تصدر الصلاة الروحية، والتأملات الروحية. وهي التي تقود الفكر في طريق الله، والجسد أيضًا، وتدير كل مشاعر القلب بأسلوب روحي. وبهذا يصل الإنسان إلى سلوك بالروح، في شركة مع روح الله القدوس.
وما دامت الروح هي عنصر الحياة الروحية في الإنسان، يحق لنا أن نسأل:
هل الروح يمكن أن تسقط، وأن تخطئ، وأن تتدنس؟!
نعم يمكن أن تخطئ الروح كما يخطئ الجسد تمامًا.
يمكن أن تخطئ الروح وحدها بغير جسد.
ويمكن أن تخطئ مع الجسد، ويمكن أن تدفع الجسد إلى الخطية.
وسنشرح كل هذا بالتفصيل. وذلك لأن البعض يظن أن كل الخطأ سببه الجسد، وهو الذي يقود الروح إلى السقوط. وهذا خطاَ.
فهناك أخطاء كثيرة يمكن أن تقع فيها الروح وحدها:
مثال ذلك الأخطاء التي وقع فيها بعض الملائكة:
فالملائكة أرواح، كما قيل في المزمور "الذي خلق ملائكته أرواحًا، وخدامه نار تلتهب" (مز104: 4). وقد سقطت مجموعة من هذه الملائكة، هي الشيطان الذي وصف بأنه التنين، والحية القديمة، وإبليس، والشيطان" (رؤ20: 2). وقد قال القديس يوحنا الرائي إنه أبصر حربًا في السماء بين ميخائيل وملائكته والشيطان وملائكته (رؤ12: 7).
هؤلاء الملائكة الذين سقطوا تسموا بالأرواح الشريرة أو الأرواح النجسة.
كما قيل أن الرب أعطى تلاميذه سلطانًا على الأرواح النجسة ليخرجوها (مت10: 1). وفي إرساليته للسبعين رسولًا قال لهم "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن أسماءكم قد كتبت في السموات" (لو10: 20).
أول خطية سقط فيها الشيطان -وهو روح- هي الكبرياء.
التي بها قال في قلبه "أصعد إلى السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله... أصعد فوق مرتفعات السماء. أصير مثل العلي" (أش 14: 13، 4).
الشيطان أيضًا -وهو روح- سقط في الحسد.
ونحن نقول للرب في القداس الإلهي "والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس، هدمته...". ذلك أن الشيطان حسد الإنسان على محبة الله له، وخلقه على صورته ومثاله، فحسده وأسقطه، وأوقعه تحت حكم الموت.
*الشيطان -وهو روح- وقع في الكذب، وفي إغواء الآخرين.
فقد كذب عندما قال لآدم وحواء "لن تموتا" (تك3: 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد وصفه الرب بأنه الكذاب وأبو الكذاب" (يو8: 44). ويدخل في كذبه كل الحيل التي يغوى بها العالم. وهو لا يزال يعثر الناس ويضلهم. وقيل عنه أنه في أواخر الأيام، حينما يحل من سجنه، إنه" يخرج ليضل الأمم..." (رؤ20: 8).
*إذن الروح يمكن أن تسقط في الكبرياء، والحسد، والكذب، وإغواء الآخرين... كل ذلك بدون جسد. وقيل أيضًا في الكتاب:
" قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 16: 18).
تشامخ الروح أذن هو خطية: كما وقع فيها الشيطان، يقع فيها كثير من الناس أيضًا.
وإذا وقعت الروح في التشامخ تجذب الجسد معها.
فيكون التشامخ في نظراته، وفي صوته، وفي طريقة جلوسه وطريقة مشيه، وفي حركاته وفي إرشادات... وما في روحه من تشامخ، صار للجسد أيضًا... وهكذا أيضًا في كل شهوات الروح، ما أسهل أن تجذب الجسد معها.
ومعروف أن كل من الكبرياء والعظمة، تبدأ في الروح أولًا قبل الجسد.
خطية حواء بدأت أولًا بالروح، التي خضعت لغواية الحية، واشتهت أن تصير مثل الله، وحينئذ بدأ الجسد يشتهي الثمرة المحرمة، ثم يقطف ويأكل...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/man/soul.html
تقصير الرابط:
tak.la/f233pgj