قال القديس دورثيئوس:
"الحكم على خليقة الله، يليق بالله ذاته لا بنا".
"لأنه هو وحده العارف بسر كل إنسان وعلانيته. وله وحده إصدار الحكم في كل أمر، وعلى كل شخص".
"الله وحده له الحق في أن يبرر أو يدين، لأنه يعرف طبع كل إنسان وقوته".
وهو أيضًا يعرف ميوله ومواهبه وتركيبه البدني ومقدارته.
لذلك فإنه الله عندما يدين، يدين بالعدل...
ولهذا قال الرسول لمن يتطاول على عمل الله هذا: "من أنت أيها الإنسان يا من تدين عبد غيرك؟ عبد هو لسيده، يثبت أو يسقط. ولكنه سيثبت لأن الله قادر أن يقيمه" (رو 14: 4).
وقال القديس دورثيئوس أيضًا:
"إن سم الإدانة أحيانًا يخرج من إنسان، لكي يصب في آخرين".
نلاحظ إنه وصف الإدانة بسم، أي إنها تميت من تصل إليه. وكأنه بهذا يشبه الذي يدين غيره بحية تنفث سمها...
قال القديس مارأوغريس:
"لا تميز الذين سقطوا (من الذين لم يسقطوا). ولا تترك فكر الكبرياء يقنعك بأن تكون ديانًا". وهنا القديس يربط بين الإدانة والكبرياء.
قال القديس الأنبا إشعياء:
"إذا أبصرت إنسانًا قد أخطأ، فلا تحتقره، ولا تزدر به، لئلا تقع في أيدي أعدائك".
حقًا، ماذا تريد أنت من وراء هذه الإدانة؟ هل تريد أن هذا الشخص يكرهه الناس؟ أم تريد أن إله يهلكه، ويجازيه بحسب أعماله الردية؟ امامنا قصة من البستان تلقي ضوءًا على هذا الأمر...
قصة من البستان:
قيل إن راهبًا كان مقصرًا في عبادته ومتهاونًا... فلما جاءته ساعة الوفاة، اجتمع الرهبان حوله، لكي يروا كيف سيقابل الموت... فوجدوه فرحًا!!
فقال له أحد الشيوخ "تشدد أيها الأخ باسم المسيح وقل لنا ما الذي يفرحك؟"
فأجابه ذلك الأخ: إنني رأيت أناسًا مقبلين لأخذ نفسي، ورأيت صك خطاياي. وقالوا لي "هذه خطاياك". فقلت "خطاياي أنا أعرفها ولا أنكرها ولكنني منذ ترهبنت، وانا لم أدن إنسانًا. وأريد أن تنفذ في الآية التي تقول "لا تدينوا لكي لا تدانوا". فكيف أدان، وأنا لم أدن احدًا؟! ولما قلت هذا تمزق صك خطاياي.
هذا الراهب لم يكن يعيش في الخطية، إنما كان مهملًا في عبادته. ولكنه كان طيب القلب، لا يغضب على أحد، ولا يدين أحدًا، ولا يتكلم بالشر على إنسانًا. كان متضع القلب.
واستطاع باتضاعه وعدم إدانته لغيره، أن يخلص...
بالدقة في تنفيذ هذه الوصية، أمكن أن ينجو من الدينونة التي كان يمكن أن تحل به بسبب تهاونه.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقال القديس إيرايس:
"إنه جيد أن يأكل الإنسان لحمًا، ويشرب خمرًا".
"ولا يأكل لحوم الأخوة ويشرب دماءهم بالوقيعة".
لقد شَبَّه الإدانة بعملية افتراس للآخرين، افترس لسمعتهم وكرامتهم. وقال إنه خير للإنسان أن يكون مفطرًا ولا يدين غيره، من ان يصوم ويأكل لحوم الناس بإدانتهم. وأكل لحوم الناس ابشع من أكل اللحم العادي...
وقال القديس الأنبا مسرا:
"إن التعقل (التعفف) الذي هو أفضل من إمساك البطن... والذي يجب أن تجذب إليه نفسك، ألا تأكل لحم إنسان ولا تشرب دمه بالوقيعة".
إنه نفس تعبير القديس إيرايس...
ونفس التعبير يردده أيضًا مار إسحق اسقف نينوى.
قال مار إسحق:
"إن الذي يصوم نفسه عن الأكل والشرب، بينما يأكل لحوم الناس بالوقيعة، فصومه باطل".
وقال القديس ايرايس أيضًا:
"كما أن الحية لما كلمت حواء، أخرجتها من الجنة... كذلك يشبهها ذلك الذي يقع بقريبه".
"ذلك لأنه يهلك أنفس سامعيه، ونفسه كذلك لن تفلت... كما تفلت الحية نفسها من اللعنة".
إي أنه يضيع نفسه، ويضيع غيره معه.
أما مارإسحق أسقف نينوى:
فيري أن الذي يدين غيره، هو شخص في المستوى النفساني، وليس في المستوى الروحاني، لذلك يدين الكل، لأن في قلبه شجره معرفة الخير والشر، يفحص بها أعمال الناس هل هي خير من شر. وهكذا يقول مار إسحق:
"النفساني هو قاض للأبرار والخطاة، وديان للأحياء والأموات. ومنصوبة في قلبه شجره معرفة الخير والشر، التي منع رأس جنسنا آدم من أن يدنو منها أو يذوقها لئلا يموت. هذا تغتذي معرفته منها في كل وقت". إنه إنسان شغوف بحبة القضاه. وكل الذين يقابلهم يضعهم في ميزان معرفة الخير والشر، ليس الأحياء فقط بل الأموات أيضًا...
* وبنفس الوضع يتكلم مارأوغريس، فيقول:
"لا تتكلم بالشر على الذي مات، لئلا تكون ديانًا للأموات أيضًا"...
لأن الذي يفعل هذا يأخذ مكانه السيد الذي قال السيد المسيح الذي قال عنه أنه يأتي "ليدين الأحياء والأموات".
حقًا، كما يحدث إن إدانتنا لا تقتصر على الأحياء فقط، بل كثيرًا ما ندين الأموات أيضًا، الذين ربما يكونون قد تابوا قبل موتهم ومحا الله خطاياهم، ولم يعد يذكرها حسب وعده القائل "لأني اصفح عن إثمهم، ولا أذكر خطيتهم بعد" (أر 31: 34).
الله لا يذكر تلك الخطايا، ونحن نذكرها!!
حقًا إن في ذلك لعجبًا... ذاكرة الإنسان أحيانًا تتعبه غيره. وكذلك لسانه، يتعبه ويتعب غيره...
يضع الإنسان نفسه رقيبًا على أعمال الكل! بعين نقادة، وفكر لا يهدأ، ولسان يستطيع أن يجرح.
بينما القديسون منعوا الإدانة، مهما كانت الأسباب.
لا تُعَيِّر أحدًا مهما كانت الأسباب. ولا تفتر على أخيك، ولو رأيته عاجزًا عن إتمام جميع الفرائض.
وقال القديس الأنبا باخوميوس:
"لا تحتقر أحدًا من الناس ولا تدنه، ولو رايته ساقطًا في الخطية".
ولعل تعليم الإنجيل يؤكد لنا هذه القاعدة، وذلك في:
قصة المرأة المضبوطة في الفِعل:
إن الذين ضبطوها وأتوا بها إلى الرب للحكم عليها بالرجم، لم يدعوا عليها ظلمًا، ولم ينسبوا إليها ما لم تفعله فقد كانت فعلًا ساقطة في الخطية. ومع ذلك منعهم السيد من إدانتها وحول تفكيرهم إلى خطاياهم هم، قائلًا "من كان منكم بلا خطية، فليرمها أولًا بحجر" (يو 8: 7).
وأعطانا درسًا أن لا ندين أحدًا، حتى لو رأيناه ساقطًا في الخطية.
نحن أيضًا ساقطون في خطايا كثيرة... ولا يجوز لمريض أن يعير مريضًا آخر بمرضه، وكلاهما تحت الألم. إنما الأفضل ستر الناس وليس كشف عيوبهم، فنحن أيضًا لنا عيوب.
"أن كنت لا تستطيع أن تستر أخاك... وأن تأخذ خطيته وتنسبها إلى نفسك، وأن تموت عنه فعلي الأقل... لا تدنه".... وقال ذهبي الفم أيضًا:
"أن كنت لا تستطيع ان تسكت فم الذي يتكلم بالشر على أخيك فعلي الأقل لا تفتح فمك أنت بالشر عليه".
أي أن الوضع الأمثل هو ان تمنع السمعة الرديئة من أن تصل من الآخرين إلى أخيك. فإن لم تستطيع، فعلى الأقل لا تشاركهم في إدانته. وبالأحرى لا تبدأ أنت حديث الإدانة...
قال القديس بولس السينائي:
"تنهَّد على قريبك إذا أخطأ، كما تتنهد على نفسك، لأننا كلنا تحت الزلل".
ذلك لأنك بهذا تعامله بترفق المحبة، وليس بقسوة الحكم. إنه أخوك وقريبك مهما سقط. عن الآب السماوي قال في رجوع ابنه الضال "إبني هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فوجد" (لو 15: 24). وهكذا دعاه ابنه على الرغم من الموت ومن الضلال فكم بالأكثر تعامل أخاك... على أننا نلاحظ ملاحظة هامة في هذه القصة وهي:
الآب السماوي غفر لهذا الابن، وأخوه لم يغفر!!
بل رفض أن يدخل، ورفض أن يشترك في الفرحة بعودته، وإدانة مع الآب قائلًا "إبنك هذا الذي اكل معيشتك مع الزواني" (لو 15: 30).
عجيب هو الرب في محبته وعطفه... هو الذي يغفر، مع ان له كل الحق ونحن الذين ندين، ولا حق لنا!
قال القديس انسطاسيوس:
"لا تكن ديانًا لأخيك، لتؤهل أنت للغفران. لأن الرب يقول: لا تدينوا لكي لا تدانوا".
نعم بكيل المغفرة والرحمه الذي نكيل به للآخرين، يكال لنا في يوم الدينونة.
إن عدم الإدانة عامل مساعد على نوال المغفرة. لكي يشترط طبعًا الإيمان والتوبة....
قال مار إسحق:
"احذر من أن تكون جالسًا وتفكر في أخيك بالشر، فإن هذا يقلع جميع بنيان برج الفضيلة من قلبك... حتى إن كنت قد وصلت إلى حد الكمال"...
ويعلل مار إسحق هذا بقوله "ذلك لأن الهذيذ في الأفكار الردية يقسي القلب"...
ويقول أيضًا: غط على اخيك الخاطئ، وقوه من غير أن تشمئز منه لكيما تحملك رحمة سيد الكل".
أي أن الرحمة التي نقابل بها الخطاه، تؤهلنا لأن ننال رحمة من الله، عملًا بقول الرب: "بالكيل الذي به تكيلون، يكال لكم ويزاد" (مر 4: 24).
وقال مار إسحق أيضًا:
اسند الضعفاء وصغيري القلوب والنفوس بكلمة... فتسندك اليمين التي تحمل الكل... كن شريكًا للموجوعين بقلوبهم، بصلاتك الحزينة وبتنهد قلبك... لكيما ينفتح لسؤالك ينبوع الرحمة".
وقال أيضًا: "لا تمقت الخاطئ، لأننا كلنا خطاه آثمون. وإن تحركت عليه من أجل الله، فابك عليه، وصل من أجل نفسه".
وهكذا يضع الآباء الرحمة في موضع الإدانة.
ويأمرون بالصلاة من أجل الخاطئ بدلًا من اساءة سمعته.
وليس هذا من أجله فقط، بل أيضًا من أجل انفسنا.
حتى لا ندان بسبب إدانتنا، بل على العكس يعاملنا الله بالرحمة بسبب رحمتنا وفي هذه النقطة أتفقت أقوال القديسين:
"لا تَدِن غيرك لئلا تقع في أيدي أعدائك،
وتفعل الخطايا القديمة التي تركتها".
إن الله إذا رآك قاسي القلب في أحكامك على الناس، يسمح أحيانًا أن تجرب بقسوة الحروب التي يعانونها من أعدائهم الشياطين. حتى إذا ما سقطت، تعود وتشفق على غيرك، ولا تدين...
وقال أيضًا: "إياك أن تعيب أحدًا من الناس، لئلا يبغض الله صلاتك".
حقًا، ما أصعب هاتين النتيجتين اللتين تنتجان عن إدانة الآخرين حسب تعليم أبينا القديس الأنبا أنطونيوس:
أ- ان تسلم لأيدي أعدائك، وتفعل الخطايا القديمة.
ب- أن يبغض الله صلاتك.
ولماذا يبغضها؟ لأنها ليست صادرة من قلب مُحِب.
ونفس هذا التعليم نسمعه من القديس الأنبا إشعياء المتوحد.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقال القديس دوروثيئوس:
"مَنْ دان في قلبه، وتحدث بسيرته على لسانه، تتخلَّى عنه المعونة الإلهية، فيسقط فيما دان أخاه عليه".
وقال القديس مقاريوس الكبير:
"احفظوا ألسنتكم، وذلك بأن لا تقولوا على أخوتكم شرًا... لأن الذي يقول على اخيه شرًا، يغضب الله الساكن فيه".
"وما يفعله كل واحد برفيقه، فبالله يفعله".
قصة من البستان:
في إحدى المرات أتى الأب اسحق القس التبايسي إلى مجمع الشركة، وأدان أحد الأخوة على فعل أتاه. فلما عاد إلى قلايته في البرية، أتاه ملاك الرب ووقف أمام باب القلاية، وقال له: إن الله ارسلني إليك لكي أسألك:
"أين تريد أن نلقي بنفس هذا الأخ؟"
وحينئذ أحس الأب اسحق بالخطأ الذي ارتكبه... أنه لا يريد طبعًا أن تلقي نفس ذلك الأخ إلى الهلاك! فتاب لوقته للملاك "أخطأت فليغفر لي الرب بصلاتك". فقال له الملاك "قد غفر الله لك وكن عليك أن تحفظ نفسك، ولا تدن إنسانًا قبل أن يدينة الله".
قال القديس الأنبا بيمن:
"قد تجد إنسانًا يظن به أنه صامت. لكن فكره يدين آخرين. فمن كانت هذه صفته، فهو أبدًا يتكلم".
ويقصد القديس أن الإدانة ليست باللسان فقط، إنما بالفكر أيضًا. وصمت اللسان وامتناعه عن كلام الادانة، لا يمنع أنه واقع فيها بالفكر.
ومع ذلك فالإدانة بالفكر أقل دينونة من الإدانة باللسان.
وذلك لأمرين: أولهما أنك بسقطه الفكر لا تعثر سامعين.
وثانيهما إنك لا تسيء إلى سمعه غيرك. فسقطة فكرك قاصرة عليك وحدك وليس لها نتائج خارجك، إلا إذا تطورت إلى اللسان.
وقال أحد الاباء:
إن رأيت شخصًا يخطئ اليوم، فلا تتكلم باكر في إدانته، لأنك لا تعرف، ربما رجع في هذه الليلة، وبكي على خطيته وتاب، ومحاها له الله...
وقال القديس مقاريوس الكبير:
لا تضعوا في ذهنكم، ولا تقبلوا في فكركم إن إنسانًا ما شرير. لأن بطرس الرسول يقول "قد أراني الله أن لا أقول عن إنسان ما انه دنس أو نجس" (اع 10: 28).
قال القديس مارافرام:
إن التلذذ بعيوب الآخرين، يدل على أننا ممتلئون بغضه.
وقال كذلك "مَن يشمت بسقطة أخيه، يسقط هي أيضًا سقطة مثلها". وقال "لا تترفع على أخيك في ذهنك، لأنك لا تعلم ماذا سيحدث في اليوم المقبل فمن الجائز أنه يتوب وتسقط أنت".
وقال مارافرام أيضًا: إن الذي يسب رفيقه له صفتان: الوقيعة والبغضة "ومثل هذا يعتبر فاقدًا للتحنن وعادمًا الرحمة".
وقال لا تكن دَيَّانًا لغيرك، لأن كل واحد منا سيعطي اجابة عن أعماله. وأنت سوف لا تعطي أجابة عن اعمال غيرك".
وقال القديس سمعان العمودي:
إن وجدت واحدًا من اخوتك قد مال قليلًا، فلا تقطع رجاءه. لأن الكتاب يقول "عزوا بعضكم بعضًا" (1 تس 4: 18). "المنتظر منك أن تقيم الإنسان الساقط، لا أن تقضي عليه".
وقال القديس سمعان العمودي أيضًا "إن كنت تدين أخاك، فماذا تقول لك عن نفسك".
قال القديس الأنبا بيمن:
"إذ دِنَّا أنفسنا، لا يبقي لنا وقت ندين فيه آخرين".
قال مار إسحق:
"لا تدن غيرك، لئلا تمتحن بما أمتحنوا به".
أي لكي لا تقع في نفس الحرب الروحية الصعبه التي تعرضوا لها. وهكذا توقع نفسك في التجارب. وقال أيضًا "اذكر أنك من الطبيعة الأرض، مشترك معهم في جسد آدم، وفي نير هذه الطبيعة".
وقال مار إسحق أيضًا:
"الإنسان البعيد عن ذكر الله، هو المهتم بقول السوء على أخيه".
أي أن الإنسان إذا كان منشغلًا بالصلاة والتأمل، وقراءة الكتاب، والمداومة على ذكر الله في قلبه، لا يبقي لدية وقت يتفرغ فيه لذكر أخطاء الناس. اما الإنسان المقصر في عبادته، فإن الفراغ يساعده على كلام الإدانة.
قال القديس يوحنا القصير:
"كن حزينًا على الذين هلكوا. وكن رحيمًا على الذين سقطوا".
لعله يشبه هذا بما قاله القديس بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين "اذكروا المقيدين، كأنكم مقيدون معهم. واذكروا المذلين، كأنكم أنتم أيضًا في الجسد" (عب 13: 3).
نعم، ليس المفروض أن ندين الساقطين، بل أن نقيمهم.
وفي ذلك يقول الكتاب "شددوا الأيادي المسترخية، والركب المرتعشة ثبتوها" (أش 35: 3). وأيضًا يقول الرسول "شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء. تأنوا على الجميع" (1 تس 5: 14).
قال "اسندوا الضعفاء" ولم يقل أن تدينوهم أو تحتقروهم أو تشهروا بهم أمام الآخرين.
وقال مار إسحق:
"الذي ينظر الخشبة التي في عينية، لا يتفرغ لأن ينظر القذى الذي في عين أخيه". وقال أيضًا:
"الذي يعتني بأن يقوم في ذاته المناقص التي تظهر له في الآخرين الذين هو سالك بينهم، هذا قد وجد مرآة روحية داخل نفسه".
أي أننا عندما نرى خطأ ما يرتكبه البعض، نفحص أنفسنا جيدًا، وربما نرى هذا الخطأ فينا، فنعاج في أنفسنا ما نرى غيرنا يدانون عليه.
وهذا المعنى نفسه ردده القديس مارأوغريس.
قال القديس مارأغريس:
"الذي يفحص نقائص الآخرين، هو لم يفحص بعد أعماله الخاصة بحرص. لأنه لو فحص نفسه جيدًا، لوجد أن العيب الموجود عند الناس، هو موجود عنده أيضًا".
وهذا المعنى ليس فقط لماراسحق ومارأوغريس، وإنما:
قال الأنبا ميلوس:
"إذا نظرنا في أمور أنفسنا، ندين آخرين. لأن أمورًا كثيرة هي فينا، ونحن نلوم بها غيرنا".
وقال أحد الآباء:
إن الله هو الديان. وقد اعطي الدينونة كلها للابن (يو5: 22). ومع ذلك أجل تلك الدينونة إلى اليوم الأخير الذي يأتي فيه في مجده ليدين الأحياء والموات فلماذا تتعجل الأمر، وتبدأ أنت في الدينونة من الآن.
وقال القديس مقاريوس الكبير:
"احفظوا ذواتكم من كلام النميمة والوقيعة، لكي تكون قلوبكم طاهرة. لأن الأذن التي تسمع النميمة، لا تستطيع أن تحفظ طهارة القلب بدون دنس".
أي أجعل أذنك نظيفة، لكي يصير قلبك نظيفًا، لأن الأذن توصل إلى القلب.
فإن كان الذي يسمع في خطر، فكم بالأكثر الذي يتكلم؟ وكم بالكثر الذي ينقل الكلام الرديء.
وماذا عن الذي يسيء العلاقات بين الناس بما ينقله من كلام؟ لا شك أنه يكون بعيدًا عن الله، لأن الكتاب يقول "طوبي لصانعي السلام، لأنهم يدعون أبناء الله" (متى 5: 9). فالذي لا يصنع خصومة، ليس هو إبنًا لله.
سُئِلَ القديس يوحنا الأسيوطي:
هل الذي يدين الشر هو الذي يبغضه؟
فأجاب: كلا لأن كل الناس تقول إنها تبغض الشر. وإنما أعمالك هي التي تثبت أنك تكره الشر.
وقال القديس أوغسطينوس:
إن الإنسان الذي استطاع آن يروض الوحوش، لم يستطيع أن يروض لسانه [كما قال معلمنا يعقوب (يع 3: 8)].
مَن ذا الذي لا يخاف من قول الرب: من قال لأخيه يا أحمق، يكون مستحقًا لنار جهنم".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/judge-not-others/patristic-quotes.html
تقصير الرابط:
tak.la/nh8p9s2