لا يمكن أن يوجد إنسان واحد على الأرض كلها -بلا استثناء -لم تعمل فيه النعمة لأجل خلاصه.
إن الله، عندما خرج ليلقي بذاره، ألقاه في كل موضع، حتى الأرض المحجرة، والأرض اللملوءة بالأشواك، قد وصلتها بِذاره. إن النعمة لم تنس أحدًا. مبدأ تكافؤ الفرص توافر بالنسبة إلى جميع الناس (مت 13: 3-9).
النعمة دعت لونجينوس الجندي الذي طعن المسيح بالحربة. فآمن بالرب وقال "حقًا، كان هذا ابن الله" وآمن وانتهى أمره بأن صار شهيدًا، وتعيِّد له الكنيسة في يومين.
النعمة دعت شاول الطرسوسي الذي كان مضطهدًا لكنيسة الله بإفراط، وظلت تنخسه بمناخس كان صعبًا عليه أن يقاومها، وأخيرًا استجاب لدعوة الرب وآمن واعتمد، وصار رسولًا (أع 9)
النعمة دعت اللص على الصليب وفتحت له باب الفردوس (لو 23: 43).
بل إن النعمة دعت اللصين كليهما إلى الخلاص بنفس التأثير، وبنفس المعجزات التي حدثت... ولكن واحدًا منهما استجاب لعمل النعمة، بينما الثاني لم يَسْتَجِبْ، ورفض الاستماع إلى زميله (لو 23: 39- 42)
النعمة لا تترك أحدًا في الوجود دون أن تعمل فيه. غير أن الأمر يتوقف على مدى استجابة الإنسان.
النعمة واقفة على الباب تقرع. غير أن هناك من يفتح لها فتدخل (رؤ 3: 20) والبعض قد لا يشاء أن يفتح. وبكامل إرادته يضيع الفرصة، ولا يستفيد من عمل النعمة معه!
النعمة تذهب إلى مكان الجباية، لتدعو متى العشار.
بل تدخل النعمة إلى بيت زكا رئيس العشارين. وتقول له لما استجاب: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت" (لو 19: 9)
بل إن النعمة عملت حتى مع يهوذا الإسخريوطي! لذلك ندم وأرجع المال إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، وقال "أخطأت إذ أسلمت دمًا بريئًا" (مت 27: 3، 4) ولكنه للأسف لم يكمل الطريق إلى التوبة، بل استسلم إلى اليأس. واليأس لا يتفق مع عمل النعمة. فمضى وقتل نفسه.
ليست النعمة قاصرة في عملها على الأبرار. بل إنها تعمل أيضًا في الخطاة وغير المؤمنين، لهدايتهم.
فلولا عمل النعمة في الخطاة، ما تابوا. لأن الخاطئ يصرخ إلى الله قائلًا "توِّبني فأتوب" (أر 31: 18) فتمسك النعمة برغبته وتساعده على التوبة.
كذلك لولا عمل النعمة في غير المؤمنين، ما آمنوا. لأنه "لا يستطيع أحد أن يقول إن المسيح رب، إلا بالروح القدس" (1كو 12: 3)
نعمة إله تهتم بالكل، ليس بالأبرار فقط بل بالأشرار أيضًا.
"إنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين. وكان يمنح الخير حتى للملحدين الذين ينكرون وجوده. ومنهم الشيوعيون الذين تهكموا وجدفوا على الله تبارك اسمه على مدى عشرات السنوات، وكذلك الوجوديون!!
ماذا أقول أيضًا؟ هل أجرؤ أن أقول إن الشيطان كذلك لم تتركه نعمة الله على الرغم من شروره التي لا تعد!!
يكفي أنه لا يزال يتمتع بنعمة البقاء حتى الآن! وبنعمة الحرية أيضًا! فلا يزال يعمل. وله قوة أسد يزأر (1بط 5: 8) كل هذا على الرغم من أنه يستخدم البقاء والحرية والقوة في محاربة ملكوت الله!! ما أعجب هذا...
وفي قصة أيوب الصديق: نرى نعمة الله تسمح أن يقف الشيطان مع أولاد الله أمام الله... وأن يتحدث مع الله، ويطلب طلبات ضد أيوب البار، ويستجيب الله لطلباته، ويسمح له أن يجرب ذلك القديس!
ولكن الشيطان خائن لنعمة الله التي استبقته حتى الآن.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ولعلني أقول أيضًا أن نعمة الله لم يحرم منها يهوذا.
بل اختاره الرب تلميذًا ضمن الاثني عشر رسولًا (مت 10)
وأخذ مثلهم القوة التي يصنع بها العجائب (مت 10) وغسل الرب رجليه مع الاثني عشر (يو 13: 10-11) وسمح له أن يأكل معه الفصح ضمن الباقين، وأن يغمس له لقمته في نفس الصحفة (يو 13: 26-27).
ومن نعمته عليه أنه أنذره إنذارات كثيرة. ولكنه لم يتعظ...
النعمة إذن لجميع الناس، بل هي للخليقة كلها، كما أمر الرب قائلًا "اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 16: 15).
وقال لهم اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم... وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت 28: 19).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/grace/for-all.html
تقصير الرابط:
tak.la/dwa2wxt