St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   fear-of-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مخافة الله - البابا شنوده الثالث

5- الباب الرابع: مخافة الله في الكنيسة الأولى

 

ونعني الكنيسة في العصر الرسولي، وفي القرون الأربعة الأولى للمسيحية، حيث كانت الكنيسة تحرص على مخافة الله، وعلى التمسُّك بحياة القداسة، قداسة المؤمنين وقداسة الكنيسة. وكانت حازمة جدًا في حفظ الوصايا الإلهية.

لذلك تميزت الكنيسة بالعقوبات الشديدة التي كنت توقعها على الخطاة في ذلك الزمان حتى يعيشوا في خوف الله.

ونحن لا ننسى العقوبة الشديدة التي أوقعها القديس بولس الرسول على خاطئ كورنثوس، إذ قال "قد حكمت... أن يُسَلَّم مثل هذا للشيطان لإهلاك الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب" (1 كو 5: 5). ونذكر أيضًا حكمة الشديد على عليم الساحر، إذ ضربه بالعمَى (1 كو 13: 11).. ونذكر أيضًا قوله لتلميذه تيموثاوس الأسقف:

"الذين يخطئون، وبخهم أمام الجميع، لكي يكون عند الباقين خوف" (1 تي 5: 20).

لأن هذا الخوف يحمي الآخرين من تكرار نفس الخطأ، أو ما يشبهه. وهناك قصة في بدء الكنيسة الأولى لا ننساها: وهي معاقبة القديس بطرس لحنانيا وسفيرا اللذين كذبا عليه، أو كذبًا على روح الله الذي فيه، فعاقبهما أشد عقوبة حتى دون أن يعطيهما فرصة للتوبة. وقال سفر الأعمال في ذلك:

"فصار خوفٌ عظيمٌ على جميع الكنيسة" (أع 5: 11).

وكان ذلك الخوف نافعًا لردع الناس عن الخطأ...

St-Takla.org Image: A girl reading and contemplating - Coptic art by Tasony Sawsan, scanned from "Fear of God" - book, by Pope Shenouda III. صورة في موقع الأنبا تكلا: فتاة تقرأ وتتأمل - رسم فن قبطي حديث لتاسوني سوسن، من كتاب "مخافة الله" - البابا شنوده الثالث.

St-Takla.org Image: A girl reading and contemplating - Coptic art by Tasony Sawsan, scanned from "Fear of God" - book, by Pope Shenouda III.

صورة في موقع الأنبا تكلا: فتاة تقرأ وتتأمل - رسم فن قبطي حديث لتاسوني سوسن، من كتاب "مخافة الله" - البابا شنوده الثالث.

ومن العقوبات التي كانت مشهورة في الكنيسة الأولى، هي عقوبة عزل المخطئ من جماعة المؤمنين Excommunication والتي ذكر بها القديس بولس أهل كورنثوس بقوله:

"اعزلوا الخبيث من بينكم" (1 كو 5: 13).

وكانت هناك عقوبات أخرى خاصة برجال الإكليروس... قد تصل إلى العَزْل من الرتبة الكهنوتية Deposal.

ومن مخافة الله كان البعض يعترف بخطاياه علانية، ولا ننسى اعترافات القديس أوغسطينوس التي كتبها في كِتاب يمكن أن تقرأه جميع الأجيال... إذ كانت مخافة الله في قلبه. فأراد أن يعاقب نفسه بذكر خطاياه أمام الكل.

إن الله القدوس لا يمكن أن يرضَى بالخطية ولا الشر. وهكذا كان وكلاؤه على الأرض أيضًا (1 كو 4: 1) (تي 1: 7). لذلك كانت الكنيسة مملوءة بالقديسين، ولا يدخلها إلا القديسون.

وكانت الكنيسة مُقَسَّمَة إلى خوارِس، إلى مناطق وصفوف. خورس الباكين، وخورس الراكعين، وخورس الموعوظين... إلى أن يصلوا إلى خورس القديسين الذين يسمح لهم بالتناول.

ولم يكن كل أحد يصرح له بدخول الكنيسة. إذ كما يقول المزمور "ببيتك تليق القداسة يا رب" (مز 93). لذلك كان الخطاة يقفون خارج الكنيسة، يتضرعون إلى الداخلين والخارجين أن يصلوا لأجلهم. وكثيرًا ما كانت الكنيسة تحكم بسنوات من الحرمان على مقترفي الخطية.

ونظرًا لأن الكنيسة كانت شديدة في أحكامها، كان الناس يسلكون في قداسة وحرص.

كانت توجد وظيفة هي وظيفة الإيبدياكون أي مساعد الشماس. وهذا كان يحرس أبواب الكنيسة من دخول حيوان مثل كلب أو قط. كذلك كان يحرسها من دخول الخطاة، فلا يدخلها أشخاص محكوم عليهم بسبب خطاياهم.

والكنيسة في عقوباتها لم تكن تعرف المُحَاباة. فكان يحكم على الشخص بالحرمان من الكنيسة، إذا أخطأ خطية تستوجب ذلك مهما كان مركزه أو شهرته...

 

قصة خاطئة مشهورة - القديس يوحنا ذهبي الفم والإمبراطورة - قداسة بيت الله - إجراءات كنيسة أخرى

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قصة خاطئة مشهورة

كانت توجد امرأة من مشاهير الراقصات. ولشهرتها الكبيرة ما كان يصادقها إلا الأثرياء وكبار الموظفين. هذه المرأة ذهبت في إحدى المرات إلى الكنيسة بزينتها فأوقفها الإيبوذياكون ومنعها من الدخول قائلًا لها: "لا يحِق لكِ أن تدخلي الكنيسة لأنك امرأة خاطئة"،. وقال ذلك لأنه خادم بالكنيسة ومكلف بهذا الأمر. ولا يسمح لأي شخص خاطئ بالدخول إلى الكنيسة كما يقول الكتاب: "اعزلوا الخبيث من وسطكم". ظلت المرأة تتناقش معه بصوت مرتفع إلى أن وصل صوتها إلى الأسقف. فخرج الأسقف مستفسرًا، فقالت له: "يا سيدي أريد أن أدخل الكنيسة"، فقال لها الأسقف: "لا تستحقين الدخول إلى الكنيسة لأنك امرأة خاطئة قالت له: يا سيدي ما عدت أخطئ مرة أخرى". فقال لها الأسقف: "إن كنت صادقة في توبتك فاذهبي أحضري كل أملاكك إلى هنا".

فذهبت وأحضرت جميع غِناها إلى فناء الكنيسة - التحف والملابس والزينات وكل حاجة تملكها أحضرتها إلى فناء الكنيسة، فأمر الأسقف أن يُحْرَق كل هذا، لأنه حسب قوانين الكنيسة لا يدخل في مالية الكنيسة أجرة زانية. فلما نظرت المرأة كل هذا قالت لنفسها: إن كانوا قد فعلوا بك هكذا على الأرض فماذا يفعل بك في السماء؟! وتخشعت وسمح لها بالدخول إلى الكنيسة... مجرد سماح فقط. وهكذا دخلت مخافة الله إلى قلبها وتابت. وفيما بعد صارت إحدى القديسات.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القديس يوحنا ذهبي الفم والإمبراطورة

قصة أخرى حدثت في عهد القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية، أتت إلى القديس امرأة وقالت له: "إن الإمبراطورة قد ظلمتها". فطلب القديس إلى الإمبراطورة أن تنصف المرأة، ولكنها لم تنصفها. وفي يوم جاءت الإمبراطورة إلى الكنيسة في موكبها مع العبيد والحاشية وأرادت الدخول، فخرج القديس يوحنا إلى الباب وأوقف الإمبراطورة ومنعها قائلًا: "لا تدخلي الكنيسة لأنك امرأة ظالمة".

إن الإمبراطورة سَبَّبَت فيما بعد للقديس يوحنا مشاكل كثيرة، ولكن الكنيسة لا يدخلها إلا القديسون، وليتحمل بعد ذلك ما يحدث ولذلك كان القديس يوحنا يقول: "إن هيروديا ما زالت ترجوا الملك مرة أخرى لكي يعطيها رأس يوحنا على طبق". متذكرًا ما حدث لِسَمِيّه القديس يوحنا المعمدان. ولقد احتمل ذهبي الفم كثيرًا لكي تثبت مخافة الله داخل الكنيسة. ولا فرق في ذلك بين الملكة وأي فرد من الشعب...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قداسة بيت الله

قداس الموعوظين في الكنيسة هو الجزء الأول من القداس الحالي الذي تُقرأ فيه الرسائل والسنكسار والإنجيل وتُلْقَى العظة. وكانت الكنيسة في العصور الأولى، قبل أن يرفع الأبروسفارين ويبدأ قداس القديسين، كان يقف الشماس ويقول: "لا يقف هرطوقي ها هنا، لا يقف موعوظ، لا يقف غير مؤمن". فيخرج هؤلاء ولا يبقَى في الكنيسة إلا المؤمنون القديسون الذين يتناولون من الأسرار الإلهية. ثم يغلق الباب فلا يدخل بعد ذلك أحد، ولا يخرج أحد. لأنه غير جائز أن يدخل إلى الكنيسة إنسان متأخر بعد رفع الأبروسفارين، كذلك أيضًا لا يجوز أن يخرج من الكنيسة أحد في اللحظات المقدسة.

لقد كانت الكنيسة شديدة في أحكامها، ولأجل ذلك كانت مملوءة من المؤمنين القديسين... نحن الآن نتهاون ونسمح بدخول الأشرار والظالمين، وتحدث أخطاء داخل الكنيسة، قد يتشاجر بعض الأشخاص أو يتشاتمون وهذا طبعًا لا يليق بقداسة بيت الله.

يعقوب أب الآباء عندما أسس بيت إيل، عندما ظهر له الله في ذلك المكان قال: "ما أرهب هذا المكان، ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء" (تك 28: 17).

وفي بعض الكنائس توجد هذه الآية مكتوبة على الجدران. لأن الكنيسة لا يدخلها إلا القديسون أما الخطاة فغضب الله معلن عليهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إجراءات كنسيَّة أخرى

* في الكنيسة الأولى التي تميزت بمخافة الله، لم يكن الحل سهلًا من فم الكاهن. فلم يكن الأب الكاهن يقرأ التحليل لإنسان إلا بعد أن يتأكد من توبته، ومن إصلاح نتائج خطيئته بقدر الإمكان، كان يرجع الحق لمن قد ظلم منه، كما فعل زكا العشار (لو 19: 8). وكان الخاطئ التائب يتحمل عقوبة كنسية شديدة لأن العقوبة تشعره بثقل الخطأ الذي ارتكبه.

* لم تكن الكنيسة تقبل تبرعًا إلا من مال حلال.

حسب قول المرنم في المزمور "زيت الخاطئ لا يدهن رأسي"، وأيضًا حسب تعليم الكتاب "لا تدخل أجرة زانية إلى بيت الرب إلهك عن نذر ما" (تث 23: 18).

وفي قوانين الآباء الرسل توجد قائمة بالعطايا المرفوضة التي لا تقبلها الكنيسة، إذا كان مصدرها غير سليم...

وكما كانت مخافة الله قائمة بالنسبة إلى الخطايا الشخصية...

كذلك كانت مخافة الله قائمة في التعامل مع الهراطقة.

وهكذا يقول بولس الرسول "إن بَشَّرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشَّرناكم به، فليكن أناثيما" (أي محرومًا) (غل 1: 8). ويقول القديس يوحنا الحبيب "إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة" (2 يو 10: 11).

وهكذا بمخافة الله كانت الكنيسة مدققة جدًا في أمور التعليم.

وما كانت تقبل أي تعليم غريب. وفي تدقيقها كان كل تعليم غريب، وكل خطأ، يُقابَل بكل حزم وصرامة، وتُعْقَد بسببه المجامع المكانية أو المسكونية، لتقاومه وتقوم بتحديد الإيمان السليم، وعزل أصحاب ذلك التعليم الخاطئ وقطعهم من جسم الكنيسة مهما كانت رتبتهم...

ليتنا نأخذ درسًا في مخافة الله من الكنيسة الأولَى...

تلك المخافة التي دعتهم إلى التدقيق في كل شيء، وإلى الجدية في الرعاية والخدمة، وإلى الأمانة في القليل وفي الكثير، حتى حفظوا لنا الإيمان نقيًا، وسلموه (2 تي 2: 2).

وأخيرًا، بعد كل المقدمات التي كتبناها لك أيها القارئ العزيز عن مخافة الله، نود أن ننتقِل إلى نقطة عملية، وهي:

كيف يمكننا الوصول إلى مخافة الله؟


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fear-of-god/church.html

تقصير الرابط:
tak.la/6fv9p7s