St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   dialogue-with-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حوار مع الله، ومقالات منتقاه - البابا شنوده الثالث

37- العتاب: متى؟ وكيف يكون؟ كيف كان المسيح يعَاتب؟

 

العتاب

متى؟ وكيف يكون؟

كيف كان المسيح يعَاتب؟

طبعًا كان لقاء المسيح مع تلاميذه بعد القيامة هو لقاء فرح، مسح به كل دمعة من عيونهم، وقوّى إيمانهم، وأزال شكوكهم، وأعدّهم لرسالتهم المقبلة. ولكن على الرغم من كل ذلك كان هناك شيء من العتاب الخفيف، على خوفهم وشكوكهم وضعفهم.

فكيف كان الرب يعاتب؟ هذا ما نريد أن ندرسه معًا، لكي نتعلمه، ونعرف منه القواعد الروحية للعتاب. وأول نقطة في العتاب هي:

1. العتاب لا يكون مع كل أحد.

كثيرون أخطأوا إلى السيد المسيح ولم يعاتبهم. فما عاتب الشعب الذي صاح قائلًا "اصلبه، اصلبه". ولا عاتب رؤساء الشعب من الشيوخ والكهنة والكتبة والفريسيين، ولا سائر الأعداء والمقاومين.

لكنه عاتَب أحباءه، أو بعض أحبائه...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إلى جوار العتاب، كان الرب أحيانًا يوبخ وينتهر ويعاقب...

مثلما انتهر بطرس، لما قال له عن الصلب "حاشاك يا رب"... (مت 16: 22-23). وأنزل الرب ويلاته الكثيرة على الكتبة والفريسيين المرائين (مت23). وقال للكهنة ورؤسائهم "ملكوت السموات يُنْزَع منكم، ويُعْطَى لأمة تصنع ثماره" (مت 43:21، 45). وكان الرب يحاور أحيانًا، وكان أحيانًا يوجه، مثلما قال لبطرس وقت القبض عليه "رد سيفك إلى غمده. لأن كل الذي يأخذون بالسيف، بالسيف يهلكون" (مت52:26).

إن موضوع أسلوب السيد المسيح في معاملاته، موضوع طويل ليس وقته الآن... ولكننا نتكلم هنا عن العتاب.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* أحيانًا كان عتاب السيد المسيح يشمل وزنة توبيخ لطيف، لمن يشعر بذلك من تلقائه:

مثلما حدث مع بطرس الذي مشى مع الرب قليلًا على الماء. ولكنه لما رأى الريح شديدة، خاف. وإذ ابتدأ يغرق، صرخ يا رب نجني. فأنقذه الرب، ولكنه قال له "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟" (مت29:14- 31).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Nathan reprimands David - Then Nathan said to David, "You are the man! Thus says the LORD God of Israel: 'I anointed you king over Israel, and I delivered you from the hand of Saul. I gave you your master's house and your master's wives into your keeping, and gave you the house of Israel and Judah. And if that had been too little, I also would have given you much more! Why have you despised the commandment of the LORD, to do evil in His sight? You have killed Uriah the Hittite with the sword; you have taken his wife to be your wife, and have killed him with the sword of the people of Ammon. Now therefore, the sword shall never depart from your house, because you have despised Me, and have taken the wife of Uriah the Hittite to be your wife.” - Bible Clip Arts from NHP. صورة في موقع الأنبا تكلا: ناثان يوبخ داود - "فقال ناثان لداود: «أنت هو الرجل! هكذا قال الرب إله إسرائيل: أنا مسحتك ملكا على إسرائيل وأنقذتك من يد شاول، وأعطيتك بيت سيدك ونساء سيدك في حضنك، وأعطيتك بيت إسرائيل ويهوذا. وإن كان ذلك قليلا، كنت أزيد لك كذا وكذا. لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه؟ قد قتلت أوريا الحثي بالسيف، وأخذت امرأته لك امرأة، وإياه قتلت بسيف بني عمون. والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني وأخذت امرأة أوريا الحثي لتكون لك امرأة" (سفر صموئيل الثاني 12: 7-10). - صور الإنجيل من إن إتش بي.

St-Takla.org Image: Nathan reprimands David - Then Nathan said to David, "You are the man! Thus says the LORD God of Israel: 'I anointed you king over Israel, and I delivered you from the hand of Saul. I gave you your master's house and your master's wives into your keeping, and gave you the house of Israel and Judah. And if that had been too little, I also would have given you much more! Why have you despised the commandment of the LORD, to do evil in His sight? You have killed Uriah the Hittite with the sword; you have taken his wife to be your wife, and have killed him with the sword of the people of Ammon. Now therefore, the sword shall never depart from your house, because you have despised Me, and have taken the wife of Uriah the Hittite to be your wife.” - Bible Clip Arts from NHP.

صورة في موقع الأنبا تكلا: ناثان يوبخ داود - "فقال ناثان لداود: «أنت هو الرجل! هكذا قال الرب إله إسرائيل: أنا مسحتك ملكا على إسرائيل وأنقذتك من يد شاول، وأعطيتك بيت سيدك ونساء سيدك في حضنك، وأعطيتك بيت إسرائيل ويهوذا. وإن كان ذلك قليلا، كنت أزيد لك كذا وكذا. لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه؟ قد قتلت أوريا الحثي بالسيف، وأخذت امرأته لك امرأة، وإياه قتلت بسيف بني عمون. والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني وأخذت امرأة أوريا الحثي لتكون لك امرأة" (سفر صموئيل الثاني 12: 7-10). - صور الإنجيل من إن إتش بي.

أحيانًا بعض الآباء والأمهات يدللون أطفالهم!!

ويخشون جرح شعورهم بأية كلمة مهما كانت خفيفة لئلا يغضبوا. ولكن مثل هذا التدليل قد يضرهم. لا بُد في بعض الظروف من عبارة توقظ المخطئ وترده إلى صوابه. ووزن هذه العبارة يتوقف على مقدار الخطأ، ومقدار احتمال المخطئ...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أكبر شخص عاتبه السيد المسيح هو بطرس.

عاتبة على إنكاره. والعتاب هنا هو إجراء خفيف، لأن الرب سبق فقال "من ينكرني قدام الناس، أنكره أنا قدام أبي الذي السموات" (مت33:10). فمجرد عتابه على إنكاره، هو نوع من الحنو، وعفو من العقوبة...

وبطرس كان معتزًا بذاته، وواثقًا بنفسه أكثر مما يجب!! بل كان يرى أنه أقوى من باقي التلاميذ وأكثر إخلاصًا منهم، حتى أنه قال "وإن شك فيك الجميع، فأنا لا أشك... ولو أضطررت أن أموت معك، لا أنكرك" (مت33:26، 35)، (مر29:14، 31). "إني مستعد أن أمضي معك، حتى إلى السجن وإلى الموت" (لو33:22).

فكان أول عتاب له، أن سمح الرب للديك أن يصيح حسبما أنذره. فتذكر بطرس، وخرج إلى خارج وبكي بكاءً مرًا (مت75:26). أما العتاب الثاني الأشد، فكان بعد القيامة...

قابله وسأله "يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟ فأجاب "نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك. قال له أرعَ خرافي. ثم أعاد عليه نفس السؤال ثانية، وسمع منه نفس الإجابة. فقال له أرعَ غنمي. ثم قال له ثالثة: يا سمعان بن يونا، أتحبني. فحزن بطرس لأنه فقال له ثالثة أتحبني. فقال له يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعلم أني أحبك" (يو15:21- 17).

سأله ثلاث مرات: أتحبني؟ مثلما أنكره ثلاث مرات.

وسأله: أتحبني أكثر من هؤلاء؟ لأنه سبق فقال "لو أنكرك الجميع، فأنا لا أنكرك. لو شك فيك الجميع، فأنا لا أشك... وكان العتاب يحمل توجيهًا خفيًا، أنه لا يجوز له أن يظن أنه أفضل من غيره. على أن هناك نقطة واضحة في العتاب وهي:

ناداه الرب باسمه العلماني "سمعان بن يونا"...!

ولم يناده باسم التكريس والبركة، الذي أطلقه عليه لما اعترف بلاهوته، قائلًا له " أقول لك أيضًا أنت بطرس" (مت18:16). ولا قال له "سمعان بطرس"، إنما فقط "سمعان بن يونا" الإسم البعيد عن الرسولية. فلما أجاب سمعان باتضاع، قائلًا أنت تعلم يا رب أني أحبك، قال له الرب: أرعَ خرافي...

وكرر الرب عبارة "سمعان بن يونا" ثلاث مرات، مقابل إنكاره ثلاث مرات. ثم كرر عبارة "ارعَ" ثلاث مرات أيضًا، إشارة إلى أنه قد قبل توبته، وقد صدّق محبته، وأعاده إلى رتبة الرسولية، أو أنه لم ينزعها منه، لأن خطيته كانت خطية ضعف- مع ثبات المحبة- ولم تكن خطية خيانة.

تُذَكِّرنِي عبارة "يا سمعان بن يونا" (بقصة حكاها لي المتنيح نيافة الأنبا ثاؤفيلس:

قال إنه في أيام البابا يوأنس التاسع عشر (البطريرك 113)، أخطأ أحد الآباء المطارنة، فناداه البابا باسمه العلماني. وهنا أسرع المطران، وسجد عند قدمي البابا، وتوسل إليه أن يعيده باسمه كمطران، قائلًا له في تضرع "عندما ناديتني باسمي العلماني، شعرت أن قوة الله قد فارقتني". فعفا عنه البابا وناداه باسمه كمطران...

السيد المسيح لم يوبخ بطرس بكلام شديد، ولا عاتبه مذكرًا إياه بما فعله بالتفصيل.

لكنه بأسلوب غير مباشر، أشعره بما فعله. مما جعله يحزن وكان هذا الحزن نافعًا له، ومناداته باسمه العلماني نافعًا له، وكذلك تكرار الأمر ثلاث مرات. فبطرس الرسول كان سيقابل في المستقبل مواقف شجاعة يتكلم فيها بقوة. وكانت سوف تقابله أعمال معجزات يقوم بها فتبهر الناس... فكان هذا العتاب من الرب الممتزج بتأنيب غير مباشر، يذكره باستمرار بضعفه وبخطيئته، فلا يتعبه المجد الباطل.

ليتنا نتعلم هذا العتاب غير المباشر الذي استخدمه المسيح.

الذي لم يذكر في عتابه، ما وقع فيه بطرس من خوف أمام جارية. بل لم يذكر مطلقًا كلمة إنكار. ولم يقل لبطرس إنه سب ولعن وحلف وقال: لا أعرف هذا الرجل (مت74:26) بل بأسلوب غير مباشر، جعله يتذكر خطيته.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

* كذلك أحب هنا أن أذكر قاعدة أخرى في العتاب وهي:

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لا تعاتب شخصًا لا يحبك. ولا تعاتب من لا يقبل العتاب.

وتذكر أن السيد المسيح عاتب أحباءه لا أعداءه. وتذكر قول الشاعر:

ودع العتاب فرب شرّ         كان أوله العتابا

هناك شخص لا يكون قلبه مستعدًا للعتاب، أو يكون مصرًا تمام الإصرار على أنه لم يخطئ، وأن العيب عليك أنت وليس عليه. كما أنه "بار في عيني نفسه"، لا يعترف أنه من الممكن أن يخطئ...

مثل هذا الشخص إن عاتبته، قد تكون النتيجة أسوأ بكثير، ويتعقد الموقف، وتزيد الهوة ما بينك وبينه. وتخرج من عتابك له، وأنت تقول: ليتني ما تكملت. ليتني ما فتحت معه ذلك الموضوع الذي قابله بثورة وغضب... وتذكر قول الرب: "من له أذنان للسمع فليسمع" (مت9:13).

مَن له أذنان مستعدتان لسماع كلمة العتاب، فهذا يمكن أن تكلمه فيسمع منك، وتكون "قد ربحت أخاك"، لأن قلبك أيضًا كان مستعدًا لتصفية الجو فيما بينكما. وفي ذلك أيضًا استمع لنصيحة الرب في قوله "اذهب وعاتبه، بينك وبينه وحدكما" (مت15:18). ذلك لأن البعض لا يقبلون أن يظهروا مخطئين أمام الآخرين...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قصة عتاب أخرى للرب في بستان جثسيماني:

أخذ السيد معه ثلاثة من أقرب تلاميذه إليه، وقال لهم "نفسي حزينة حتى الموت. أمكثوا هنا واسهروا معي... ثم جاء إليهم فوجدهم نيامًا... إذ أن أعينهم كانت ثقيلة. فكانت كلمة العتاب التي قالها الرب هي "أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة. اسهروا وصلوا لئلا تقعوا في تجربة" (مت38:26-41). فاظهر أن السهر كان لازمًا لهم أيضًا، لأنهم مزمعون للتعرض للتجارب في ليلة القبض عليه ومحاكمته. وقد كان... حقًا ليتهم سهروا في تلك الليلة، حتى لا يقعوا في تجربة... فالشيطان كان مزمعًا أن يغربلهم (لو32:22).

والعجيب أن الرب في عتابه دافع عنهم.

فإذ ناموا وتركوه وحده في جهاده، ولم يسمعوا نصيحته "اسهروا وصلوا"... قال لهم الرب وهو يعاتبهم "أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف... ناموا الآن واستريحوا" (مت41:26، 45). عجيبة هي محبتك ورأفتك يا رب، فيما تعاتب... بقلبي الخاطئ سألت وأنا أقرأ "أين ذلك الروح النشيط الذي كان لأولئك النائمين الثلاثة؟" ولكنك أنت يا رب فاحص القلوب، وترى ما لا أرى... إنها الأرواح النشيطة التي للآباء الرسل القديسين، الذين فيما بعد نقلوا الإيمان إلى الخليقة كلها... وإن كان ذلك النشاط قد عاق ظهوره في ذلك الحين ضعف الجسد، فهذا لا يمنع أن أرواحهم بطبيعتها كانت نشيطة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حاول أن تستخدم هذا الأسلوب: فيما تعاتب، أوجد عذرًا لمن تعاتبه.

فإن عاتبت مثلًا شخصًا لم يزرك في مرضك أو في ضيقك، قل له: أنا أعاتب من فرط محبتي لك. ولكني أعرف ظروفك ومشاغلك، وبخاصةً أثناء تلك الفترة. وأعرف أنك لا تقصر مطلقًا في واجب، وكم وقفت إلى جواري بكل قلبك وجهدك...

هذا اللون من العتاب يشعره بأنك تعاتب في محبة، ولست تهاجم في شدة أو في قسوة. لأن القساة في عتابهم قد يخسرون من يعاتبونهم، ويخلو أسلوبهم من الحب، ويظهرون كما لو كانوا أعداء، أولًا يقدّرون ظروف الغير، أو أن أنانيتهم تغلبهم!!

كن إذن رقيقًا في عتابك، واعذر غيرك.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* هناك مواقف لم يعاتب فيها الرب إطلاقًا.

وبلا شك كانت تستحق العتاب، ونذكر أمثلة منها:

 

1. مريم المجدلية التي أنكرت قيامة الرب ثلاث مرات:

فقالت لبطرس ويوحنا "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه" (يو2:20). وكأنها بهذا تردد شائعة اليهود عن سرقة الجسد! ثم عادت لتردد نفس العبارة لما سألها الملاكان "لماذا تبكين؟" فقالت "أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه" (يو13:20). ولم يعاتبها الرب على هذا الإنكار المتكرر... واكتفى بأن قال لها "لا تلمسيني". لأنها سبقت أن لمسته (مت9:28)، وها هي تستسلم للشكوك...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. المثال الثاني هو النسوة حاملات الحنوط.

هؤلاء أتين إلى القبر "حاملات الحنوط الذي أعددنه" (لو1:24): وطبعًا ذلك الحنوط قد أحضرنه لوضعه على الجسد. وهذا يحمل ضمنًا عدم إيمانهم بقيامة الجسد من الموت. ومع ذلك لم يوبخهن الرب على عدم إيمانهن. بل سمح أن يظهر لهن ملاك ويبشرهن بالقيامة، ويقول لهن في رقة "لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو هنا، لكنه قام" (لو 24: 5-6). وذكرهن بحديث الرب عن قيامته. فتذكرن وآمن...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. صيد السمك بعد القيامة (يو21).

ظهر السيد لسبعة من الرسل عند بحر طبرية. وكانوا يصيدون السمك. فلم يعاتبهم على عودتهم إلى عملهم العلماني، إذ رجعوا يصيدون السمك، بدلًا من صيد الناس...! بل على العكس أرشدهم كيف يصيدون، ولما امتلأت الشبكة حتى كادت تتخرق، آمن يوحنا وقال: هو الرب. وآمن بطرس. واجتذبهم المسيح إلى الإيمان بعمل المحبة، لا بالعتاب.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خذه تدريبًا إذن: لا تعاتب على كل شيء.

هناك أمور يمكن أن تقابلها بالهدوء وبالصمت، ولا تعاتب عليها. ونحن هكذا نقول للرب في أول مزامير صلاة النوم "لو كنت للآثام راصدًا يا رب، يا رب من يثبت؟! لأن من عندك المغفرة" (مز130). ونقول له في آخر مزامير صلاة باكر "ولا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لا يتزكى قدامك أي حي" (مز143) فإن كنا نطلب هذا من الله، فلا نفعله من أخوتنا. إن الإنسان الكثير العتاب، يفقد أصدقاءه وأحباءه. والزوجة التي تعاتب أوتحاسب زوجها في كل تصرفاته، قد تخسره، ويسأم عتابها...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الذين يعاتبون باستمرار، لا ينظرون إلا إلى الأخطاء.

إن كل إنسان تعاتبه على خطأ، ولا شك توجد في علاقته بك نقاط بيضاء تحتاج إلى مديح. فلا تركز على النقط السوداء وحدها، كأنه لم يفعل سواها، ولا يوجد في حياته خير! امدح إذن الخير الذي في غيرك، فيخجل من اقتراف خطأ نحوك، حتى لا يخسر ثقتك به وفكرتك الحسنة عنه. أما الهجوم فتخسر به أصدقاءك، كما قال الشاعر:

لو كانت منزلتي في الحد عندكمو         ما قد رأيت، فقد ضيعت أيامي

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إذن اخلط العتاب بالمديح، فهكذا فعلت أبيجايل.

صمم داود أن يقتل زوجها، بسبب بخله وعدم تقديره وسوء معاملته. فأسرعت أبيجايل إلى داود محملة بالهدايا وبكلمات المديح، وسجدت عند قدميه، ولم تخاطبه إلا بعبارة سيدي، وأمتك وقالت له "اصفح عن ذنب أمتك. لأن الرب يصنع لسيدي بيتًا أمينًا. لأن سيدي يحارب حروب الرب، ولم يجد فيك شر كل أيام حياتك... ونفس سيدي لتكن محزومة في حزمة الحياة مع الرب إلهك" (1 صم 25: 28-29). ووسط هذا المديح تقول له "ويكون عندما يصنع الرب لسيدي حسب كل ما تكلم به من الخير من أجلك، ويقيمك رئيسًا على إسرائيل، أنه لا تكون لك مصدمة وعثرة قلب لسيدي، أنك سفكت دمًا عفوًا، أو أن سيدي قد انتقم لنفسه..." (1 صم 25: 30-31).

وبهذا العتاب الرقيق المملوء بالمديح، عفا داود عن زوجها، وقال لها "مبارك عقلك، ومباركة أنت، لأنك منعتني اليوم عن إتيان الدماء، وانتقام يدي لنفسي"...

قلد هذا الأسلوب، ولا تحول العتاب إلى لون من النكد.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وأنا حينما أقول (العتاب)، لا أعني فقط كلام العتاب:

فهناك أيضًا نظرة العتاب، وقد تكون أحيانًا شديدة وقاسية. وهناك عتاب بإيماءة أو بهزة رأس، أو بحركة من اليد، أو بتصرف معين مفهوم... وهناك شخص قد يقول لصديق له "أنا لا أريد أن أعاتبك، فلا فائدة من العتاب معك"!! وتكون هذه العبارة أقسى من كلام العتاب... وقد يقول له "أنا لا أريد أن أعاتبك، لأني لو كنت أريد العتاب، كنت قلت لك من زمان كذا وكذا، وكنت أخذت منك موقفًا"!! وكل هذا يبدو خاليًا من الحب، وشديد اللهجة...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

السيد المسيح كان يقصد العلاج وليس العتاب.

كما فعل مع توما الرسول. لم يقصد أن يعاتبه على شكه، بقدر ما كان يريد أن يخلصه من هذا الشك... وهكذا قال له "هات إصبعك إلى هنا وابصر يديّ. وهات يدك وضعها في جنبي. ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا" (يو27:20). وهكذا ربح إيمان توما، الذي صار كارزًا باسمه فيما بعد.

وبنفس الأسلوب عالج شك التلاميذ، لما ظنوه خيالًا أو روحًا. فقال لهم "ما بالكم مضطربين؟ ولماذا تخطر أفكار على قلوبكم. انظروا يديّ ورجليّ إني أنا هو. جسّوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي..." (لو38:24-40). وهنا نرى أنه لم يكن يعابتهم على شكوكهم، بل أراد أن ينقذهم منها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لذلك ليت عتابك لأحبائك، يكون موضوعيًا، وليس شخصيًا...

فيه تركز على الموضوع وتفسر وتشرح الحقيقة، أكثر مما تعتب على شكوكهم فيك، أو سلوكهم نحوك. فهذا فعل المسيح...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وعليك في العتاب أن تقدر ظروف الآخرين.

فيكون عتابك رقيقًا، أو لا تعاتب على الإطلاق إن كانت الظروف دقيقة، أو هناك عامل إنساني ينبغي أن تلتفت إليه.

إن السيد المسيح لم يعاتب ولم يوبخ تلاميذه الذين هربوا وقت القبض عليه... ولم يعاتب تلاميذه على خوفهم، وإغلاقهم على أنفسهم في العلية... ولم يطلب منهم فوق ما يستطيعون، إذ كان يعطف على حالتهم النفسية ويقدرها...

وبالمثل فعل بولس الرسول حينما قال "في احتجاجي الأول، لم يحضر أحد معي، بل الجميع تركوني. لا يُحسب عليه" (2تي16:4). كان يقدّر نفسيتهم وضعفها وخوفهم، فطلب من الرب أن لا يحسب لهم هذا الموقف خطية...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/dialogue-with-god/reprimand.html

تقصير الرابط:
tak.la/8zmwram