لما ذكر الرب مثل العرس والمدعوين، إستخدم عبارة (العبيد) مرات كثيرة. وماذا يقصد بكلمة:
(عبيد)؟ كان يقصد الأنبياء والرسل وتلاميذه القديسين، فقال: (يشبه ملكوت السموات إنسانًا ملكًا صنع عُرْسًا لأبنه. وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس فلم يريدوا أن يأتوا فأرسل عبيدًا آخرين..) إلى أن يقول: (أمسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم..) (مت 22: 1-8).
فإذا كان الرسل والأنبياء القديسون تسموا عبيدًا، فنحن ماذا نكون؟! كثيرًا أن نرفع عيوننا مثل عيون العبيد نحو أيدي مواليهم؟
وليس الرسل فقط تسموا عبيدًا، بل إن الأبرار القديسين سيقول الرب لكل واحد منهم في اليوم الأخير (نعما أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينا في القليل. فسأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك) (مت 15: 21 -23).
فإن كان هؤلاء القديسون الذين تاجروا في وزناتهم وربحوا، دعوا عبيدًا، فلنرفع نحن عيوننا إلى ساكن السماء كما يرفع العبيد عيونهم نحو أيدى مواليهم، ويقول له كل واحد منا: أنا يا رب خاطئ ومكسوف من صلاحك الذي لا يتفق مع خطيتى. فى كل يوم أصلى إليك وأقول:
(قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت) وأنت أيها الرب القدوس تنظر خطيتى. لذلك أنا مكسوف وخجلان.
مكسوف من خطيتى عندما تواجه قداستك غير المحدودة. أنظر إليك وأنا خاطئ، كما ينظر العبيد نحو أيدى مواليهم، وأقول: (لست مستحقًا أن أدعى لك إبنًا..)
أنت تقول إني إبنك، وأنا أناديك أبانا. ولكن لأبد أن يكون إبنك على صورتك ومثالك. وأنا فقدت الصورة المقدسة التي خلقتنى بها عندما كونتنى على صورتك. فبماذا أخاطبك وقد كسرت وصاياك، وأخطأت وأذنبت أمامك؟! أنا غارق في خجلى. ومركز الإبن هذا، أنا لا أستحقه...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
أمامنا ملك نينوى كمثال:
ماذا فعل ذلك الملك، عندما أحس بخطيئته بعد مُنَادَاة يونان؟ طرح صولجانه وتاجه، وجلس على التراب والرماد وتغطى بالمسوح، ولم يأكل شيئًا (يون 3: 6) ما لك أيها الملك؟ إننا نسمعه يجيب: [أنا لست أمام الله ملكًا. أنا أمامه لا شيء. أمامه أنا مجرد إنسان خاطئ، أجلس على التراب والرماد، وأطرح التاج والصولجان، وأرفع عيني إلى الرب مثل عيون العبيد نحو أيدى مواليهم، ومثل مواليهم، ومثل عيني الأمة نحو يدي سيدتها أطلب رحمتك]
أنا خائف أيها الإخوة. يوم تُفْتَح الأسفار، وَتُكْشَف الأعمال، وَتُفْحَص الأفكار، كيف نغطي وجوهنا، أو أين نهرب؟!
هناك قوم سيقولون للجبال غطينا وللتلال إسقطى علينا (هو 10: 8، لو 23: 30) وهناك من سوف يصرخ في رعب وحيرة: أين أختفى من روحك؟ ومن وجهك أين أهرب؟!
(مز 139: 7) أفضل شيء، هو أننى من الآن أرفع عيني في تذلل. فما هما مثل عيون العبيد نحو أيدى مواليهم، ومثل عيني الأمة نحو يدي سيدتها. فارحمنا يا الله إرحمنا. لأننا كثيرًا ما إمتلأنا هوانًا، وكثيرا ما إمتلأت نفوسنا...
حسنٌ هذا التذلل، وهذا الخشوع. علمتنا إياه الكنيسة.
تعلمناه في المطانيات، حيث يسجد الإنسان سجودًا كاملًا ويحنى هامته حتى تصل إلى الأرض إلى الأرض، ويطلب من الله طلبة، أو يرفع إليه صلاة. ينحنى في خشوع، في خضوع، في توبة، في تذلل، وقد التصقت رأسه بالتراب...
نوع آخر من هذا التذلل، كان موجودا في العقوبات الكنيسة.
لم يكن مصرحًا في القديم لكل إنسان أن يدخل الكنيسة. كان هناك خطاة تمنعهم القوانين من الدخول إلى بيت الرب. فيقف الواحد منهم على الباب يتضرع إلى الداخلين والخارجين أن يصلوا لأجله ينظر إلى باب الكنيسة كما ينظر العبيد إلى أيدى مواليهم، شاعرًا أنه غير مستحق أن يدخل لأن المحلة يجب أن تكون مقدسة (وببيتك ينبغي التقديس يا رب).
وإن سمح له أن يدخل إلى خورس الباكين والتائبين، يقف هناك كما وقف العشار في الهيكل، لا يجرؤ أن يرفع عينيه إلى فوق. فهاهما مثل عيون العبيد نحو أيدى مواليهم، ومثل عيني الأمة نحو يدي سيدتها.
يتابع المرتل مزموره فيقول: كذلك أعيننا نحو الرب إلهنا، حتى يتراءف علينا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-vespers/slaves.html
تقصير الرابط:
tak.la/a5893xx