إنه يطلب معونة من الرب، لأن أعداءه أقوياء، وسهامهم مرهفة، أي حامية وقاتلة.
ودائمًا أولاد الله المتضعون يعتقدون في أنفسهم أنهم ضعفاء. ويعرضون ضعفهم أمام الله، طالبين منه قوة ضد الشياطين
القديس الأنبا أنطونيوس عندما كانت الشياطين تحاربه، كان يقول لهم في إتضاع:
[أيها الأقوياء، ماذا تريدون منى أنا الضعيف؟!] وكان يقول لهم أيضًا:
[أنا ضعيف عن مقاتلة أصغركم] يعني أنا مش قدكم...
وداود النبي كان يقول لله: (إن الغرباء قاموا على، والأقوياء طلبوا نفسي. ولم يسبقوا أن يجعلوك أمامهم) (مز 54: 3)
ونحن هنا نقول للرب: هؤلاء الشياطين أقوياء، ولكنك أنت أقوى، فاعطنا قوة من عندك، لكي نحاربهم بها.
هؤلاء الأقوياء، يوجهون سهامهم إلى النفس. وسهامهم مرهفة قوية مسنونة... ولكن ما معنى (مع جمر البرية)؟
والذي جرب فيكم السير في البرية، أي في الصحراء، وبخاصة في وقت الظهر، يعرف كيف تكون الأرض ملتهبة تحت قدميه، تشويهما. ان كان حافيا هاربا من عدوه. وما أسهل أن نسمى الحصى الملتهب في الصحراء، والزلط وحبات الرمل المتقدة، بإنها: (جمر البرية) وأحيانا لا يستطيع الإنسان أن يسير عليها من شدة اتقاد حرارتها. وأعرف أعرابيا فقد بصره من جمر البرية ولكن المرتل يصف هنا حالة أصعب.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
حالة إنسان هارب في البرية من عدوه، يكوى جمر البرية قدميه، وفي نفس الوقت تلاحقه سهام الأقوياء المرهفة... فيتجه إلى الله...
إذ لا يوجد معين له في هذه المحنة سواه، صارخا قائلًا:
(سهام الأقوياء مرهفة مع جمر البرية).
ولكن إن كنت يا أخي تشعر بهذه الآلام، فاحترس في صلاتك لئلا تكون سهامك أنت أيضًا مرهفة على عدوك.
إن كنت تطلب من الله أن ينجيك من السهام المرهفة، فلا تكون لك سهام مرهفة توجهها إلى الناس.
سواء بلسان قاس يشوه سمعتهم أو يجرح شعورهم، أو بمعاملة قاسية تؤذيهم، أو بمطاردة لهم في حياتهم أو في أرزاقهم أو في عملهم... احذر لئلا يصرخ إنسان إلى الله بسببك، طالبا أن ينجيه الرب منك ومن سهامك المرهفة التي تشبه جمر البرية هي أيضًا.
عندما تصلى هذه الصلاة، إسأل نفسك: هل أنا ضعيف أم قوي؟ هل أنا من الأقوياء أصحاب السهام المرهفة، أم من الضعفاء المساكين بالروح، النائحين الودعاء، المطرودين من أجل اسمه؟
إحترس لنفسك لئلا تكون من الأقوياء أصحاب السهام المرهفة...
تذكر أن الله إختار ضعفاء العالم ليخزى بهم الأقوياء (1كو 1: 27) إن كنت من الأقوياء المعتدين بقوتهم، المستخدمين قوتهم في قهر الآخرين، فاحذر لنفسك لئلا يطالبك الله بما فعلت سهامك بغيرك
شيء آخر تتذكره عندما تصلي قائلًا: (سهام الأقوياء مرهفة مع جمر البرية) وهو أن تطلب من الرب معونة تواجه بها هؤلاء الأقوياء، وأيضًا أن تكون على الدوام في حالة إستعداد وإحتراس.
إن كان عدوك قويًّا وسهامه مرهفة، فيجب عليك أنت أن تحترس وتستعد، وتهتم بنفسك، ولا ترم روحك إلى التهلكة
لأنه يقال عن الخطية إنها: (طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء) (أم 7: 26) فاحترس يا أخي وخف، لأن الرسول يقول: من يظن أنه قائم، فلينظر لئلا يسقط) (1كو 10: 12). ما دامت الخطية سهامها مرهفة، وقد طرحت كثيرين جرحى، فلا تغتر بقوتك، وإنما إحترس لنفسك، وابعد عن مواضع الخطر. ابعد عن مادة الخطية ابعد عن كل إنسان يقاتلك به العدو. (أما الشهوات الشبابية فاهرب منها).
إن الرسول يقول: (إصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمسًا مَنْ يبتلعه هو) (1بط 5: 8) فاحترس يا أخي إذن واستعد: إستعد بالجهاد الكثير، واستعد بالإيمان القوى والإلتجاء إلى الله. وتسلح لأن القديس بولس الرسول يقول إن مصارعتنا ليست مع دم ولحم... بل مع أجناد الشر الروحية (أف 6: 12) من أجل هذا يجب أن تلبس سلاح الله الكامل لكي تقدر أن تقاوم في اليوم الشرير سهام الأقوياء المرهفة.
لا بُد أن تواجه سهام العدو، بأسلحة روحية قوية...
عندما تخرج إلى الطريق في الصباح، واجه عثرات الطريق بصلوات قوية مستمرة. لا تصرخ قائلًا: (سهام الأقوياء مرهفة) وأنت تارك سلاحك ورافض أن تستخدمه! إن الله قد أعطاك درعا قويًّا، وأعطاك أسلحة تستطيع بها أن (تطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة) (أف 6: 16) فلماذا لا تستخدم أسلحتك؟!
أنا متعجب منك يا أخي جدًا! كيف تعترف بأن سهام الأقوياء مرهفة، ومع ذلك أراك خارجا من بيتك بغير صلاة، بغير إنجيل، بغير تأمل، بغير مطانيات، بغير صراع مع الله!!
قبل أن تخرج من بيتك، مثلما تهيئ ملابسك وأدواتك، هيئ أيضًا أسلحتك الروحية. قل له:
ما دامت سهام الأقوياء مرهفة، فأنا لا بُد يا رب أن أسلح بأسلحتك قبل أن أخرج. أتسلح بكلمة الله القوية التي هي أمضى من كل سيف ذى حدين (عب 4: 12) أتسلح بالإيمان، أتسلح بالصراع مع الله، أتسلح بالإتضاع الذي يغلب الشياطين.
(سهام الأقوياء مرهفة مع جمر البرية) إن المرتل عندما تذكر هذه الحروب الخارجية، وعندما تذكر الخطية الرابضة، وتذكر الشفاة الظالمة واللسان الغاش، وتذكر هجمات العدو وقوته، صرخ بعد هذا قائلًا:
ويل لي فإن غربتي قد طالت علي، وسكنت في مساكن قيدار. طويلًا سكنت نفسي في الغربة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-vespers/sharp-arrows.html
تقصير الرابط:
tak.la/fry678v