St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   contemplations-vespers
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تأملات في مزامير الغروب - البابا شنوده الثالث

22- ويل لي فإن غربتي قد طالت عليَّ، وسكنت في مساكن قيدار. طويلًا سكنت نفسي في الغربة

 

ويل لي فإن غربتي قد طالت علي

 

(ويل لي فإن غربتي قد طالت علي، وسكنت في مساكن قيدار. طويلًا سكنت نفسي في الغربة).

(ويل لي) إنها صرخة إنسان شاعر بسوء حالته

لا تنتظر يا أخي إلى أن يقول لك الرب: (ويل لك) كما قالها للكتبة والفريسيين. وإنما قلها لنفسك أولا

ما أجمل قول القديس مقاريوس الكبير: [أحكم يا أخى على نفسك قبل أن يحكموا عليك).

لا تنظر حتى تسمعها كما قيلت للمدن التي لم تتب: (ويل لك يا كورزين، ويل لك يا بيت صيدا) (مت 11: 21). بل إسرع أنت وقل لنفسك: (ويل لي فإن غربتى قد طالت علي، وسكنت في مساكن قيدار) أنا متغرب عن الله مدة طويلة. فإلى متى سأبقى في هذه الغربة؟!

St-Takla.org Image: Housing 4, a tent - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892. صورة في موقع الأنبا تكلا: مسكن، خيمة - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

St-Takla.org Image: Housing 4, a tent - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مسكن، خيمة - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

ولكن ما معنى مساكن قيدار؟

قيدار هذا كان من بنى إسماعيل (تك 25: 13) وكانت مساكن بنى قيدار بعيدة. ولما ذهبوا إلى السبى، إختلطوا بالناس هناك وسكنوا في مساكنهم، ومساكن قيدار كانت خياما سوداء مصنوعة من شعر الماعز الأسود لذلك فإن المغنى يقول في نشيد الأناشيد: (سوداء... كخيام قيدار) (نش 1: 5).

فالمرتل هنا عندما يذكر خيام قيدار، إنما يذكر بعدها، وضلالها، وخلطتها بالأمم، وغربتها عن شعب الله

يقولها، وهو يشعر بسوء حالته، ويوبخ ذاته أمام الله ويصب عليها كل الويلات... وأنتم أيها الإخوة الأحباء، هل ما يزال أحد منكم ساكنا في خيام قيدار، إن كنتم هناك فأسرعوا وأخرجوا، إرجعوا مرة أخرى إلى أورشليم. لئلا تبكوا على أنهار بابل، وتعلقوا قيثاراتكم على الصفصاف

(ويل لي، فإن غربتى قد طالت علي) إن الذي يبعد عن الله ساعة واحدة يتعب، فماذا أفعل أنا الضال الذي بعدت عنه شهورا وسنوات، ماذا أفعل؟! (ويل لي) إنها صيحة إنسان يطلقها من بعيد وهو لا يشعر بالصلة بينه وبين الله، ولا بالدالة التي كانت له معه منذ زمان. لا دالة، ولا صلة، ولا حرارة ولا روحانية...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وكل دقيقة تمر في هذه الغربة كأنها دهر طويل. لذلك يصرخ المصلى قائلًا:

(طويلًا سكنت نفسي في الغربة)

إنه إما طول في المدة، أو شعور بطول المدة لقسوة البعد وفتور القلب. يعترف المصلى بهذا وهو حزين، ويعترف بهذا وهو ثائر على الخطية التي أبعدته عن الله. وكأنه يقول: أنا لا أستطيع مطلقا أن أستمر في هذا الوضع. كفى هذه الغربة، وكفى هذه المدة. أريد أن أبدأ من الآن، فأصطلح مع الله لأن البعد جفوة، وويل لي إن بقيت فيه...

لعل بعض القديسين عندما يقولون هذه العبارة، لا يقصدون غربة الإنسان عن الله في حياة الخطية، وإنما غربتهم في الجسد.

وكما قال بولس الرسول: (فإذن نحن واثقون كل حين، وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد، فنحن متغربون عن الرب) (2كو 5: 6) فهو يريد أن ينطلق من هذا الجسد، ويلتصق بالرب:

(لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، فهذا أفضل جدًا) (في 1: 23) ويل لي، فإن غربتى قد طالت علي. إلى متى يا رب أظل في سجن هذا الجسد؟ وإلى متى تظل روحي سجينة المادة؟ أريد أن أنطلق والتصق بك: (طويلًا سكنت نفسي في الغربة، ومع مبغضي السلام كنت صانع سلام).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-vespers/woe-is-me.html

تقصير الرابط:
tak.la/b28r9ps